اخر تحديث
الأربعاء-24/07/2024
موقف
زهيرفيسبوك
رؤية
دراسات
مشاركات
صحافةعالمية
قطوف
جديد
مصطلحات
رسائل طائرة
الثورة السورية
حراك الثورة السورية
حدث في سورية
نساء الثورة السورية
اطفال الثورة السورية
المجتمع السوري المدمر
شعارات الثورة السورية
ثلاث سنوات على الثورة
أيام الثورة السورية
المواقف من الثورة السورية
وثائقيات الثورة السورية
أخبار سورية
ملفات المركز
مستضعفين
تقارير
كتب
واحة اللقاء
برق الشرق
وداع الراحلين
الرئيسة
\
مشاركات
\ الحُلمُ .. الشعارُ.. الهدفُ : جهلٌ .. وعجزٌ.. وضياعٌ !
الحُلمُ .. الشعارُ.. الهدفُ : جهلٌ .. وعجزٌ.. وضياعٌ !
07.05.2018
عبدالله عيسى السلامة
حين يحوَّل الحلم ، ارتجالاً ، إلى شعار، ويحوَّل الشعار، ارتجالاً، إلى هدف واجب التنفيذ.. يضيع الحلم والشعار والهدف جميعاً .. ولا يبقى إلاّ خلطة مصطلحات شاذّة ، تَخنق أصحابَها ، بَعد أن تَخنق الشعب الذي يبتَـلى بها وبأصحابها !
ونحسب الأمثلة الحيّة على الأرض ، أشدّ وضوحاً ، وتوضيحاً ، من أيّ شرح أو تـفسير:
* حلم (الوحدة العربية) : ليس ثمّة مواطن عاقل ، في طول العالم العربي وعرضه ، لا يحلم بوحدة عربية ، تشمل الدول العربية كلها ، من العراق إلى المغرب العربي ..! وهو حلم قائم على أسس كثيرة ، منها: اللغة الواحدة .. والدين الذي تعتنقه أكثرية أبناء هذه الدول .. والتاريخ الجامع الذي يَدرسه أبناء الأمّة العربية ،على اختلاف أقطارهم ، ويعرفون من خلاله ، أنهم كانوا مواطنين في دولة واحدة .. والامتداد الجغرافي الذي تصوّره خريطة واحدة .. ثم : الجيش الهائل ، من العلماء والمثقفين ، والمفكّرين والأدباء والشعراء.. الذين تتغذّى على مؤلفاتهم الأجيال ، على امتداد الساحة العربية ، دون أن يعرف كثير من أفرادها ، أين ولِد الشافعي وأين مات.. وفي أيّ بلد نشأ المتنبي .. وأين عاش ابن حنبل ، وابن رشد ، والغزالي ، وأبو تمّام، والفارابي ، والخوارزمي ، والجويني..! فمؤلفات هؤلاء الأعلام ، تطبع في كل بلد عربي، وتبنى بها عقول وقلوب، وتزكّى أنـفس ، وتنسَج رغبات وطموحات وأحلام ..!
* هذا كله ، على مستوى الواقع القائم ، المؤسِّس للحلم الجميل ، حلم الدولة الواحدة ، التي تضمّ بين جنباتها ، أبناءَ الأمّة الواحدة ، التي عاشت قروناً تحتَ راية رمز واحد، هو رمز الخلافة ..! ثم تبعه رمز السلطنة ، ثم جاء الاستعمار ، فقسّم وجزّأ، وبعثَر، وفرض الأمر الواقع ، على الأمّة التي صارت دويلات ، وظلّ حلم العودة إلى الاتّحاد ، أو التوحّد ، مهيمناً على مشاعر أبناء الأمّة جميعاً..!
* وانحسر الاستعمار، وظهرت النخب السياسية ، التي حملت الحلم ، وصاغته شعاراً سياسياً..! ومعلوم أن الشعار ليس رمزاً وحسب ، بل هو مستودع ضخم ، للأهداف التي تتطلّع الشعوب إلى تحقيقها. وصار الشعار محوراً تدور حوله أفكار النخّب ، وغذاء يومياً ، للمحازبين من الشباب ، الحالمين الطامحين الأغرار..! وصار يُطرح في دعايات الأحزاب ، للانتخابات الرئاسية ، والبرلمانية ، والبلدية ، والقروية .. دون أن يَعرف مردّدوه ، أصلاً ، شيئاً عن أبعاده الحقيقية ، على مستوى التطبيق العملي ! بل دون أن يكون أيّ منهم قادراً، على مجرّد التفكير، بالكيفية العملية لتطبيق الشعار على الأرض ، على مستوى دولتين متجاورتين ، فضلاً عن توحيد أمّة ، تمتدّ على مساحة هائلة من الأرض ، هي المساحة الواقعة بين المحيط والخليج..!
* وهكذا.. تَحوّل الحلم الشعبي الواضح الجميل ، إلى شعار سياسي غامض ، مطلوب منه أن يترجَم إلى هدف سياسي عملي ، يتضمّن برنامجاً لشعب ، في كل دولة من الدول التي يُرفع فيها الشعار.. شعبٍ له همومه اليومية ، ومشكلاته الوطنية الخاصّة، ومعاناة مواطنيه ، الفردية والجماعية ، من خلال السعي إلى تحقيق الحاجات اليومية، الأساسية والضرورية..!
* ونظراً إلى استحالة تطبيق الشعار، على أرض الواقع ، ما لبث أن تحوّل إلى سلعة، للمتاجرة والمزايدة ، بين الأحزاب التي ترفعه ، لكسب أصوات الجماهير..! وتحوّلت هذه السلعة الكلامية ، نتيجة لكثرة الاستعمال ، إلى مخزن ضخم ، للخداع والكذب، والتزييف المبرمَج للعقول والمشاعر ..! فأصحابه لا يستطيعون التخلّي عنه ، لأنه سبب وجودهم على الساحة السياسية ! فإذا تركوه انتهوا ، بانتهائه من حياتهم ..! وهكذا شأنهم معه: لا يستطيعون تركه ، ولا يستطيعون تطبيقه .. فهم مجبَرون على أن يحملوه ، ويَخدعوا به السذّج من أبناء شعوبهم ..! وشعوبـُهم التي أدمنت سماعه ، من أفواه زعمائها ، الذين سرقوا السلطات في بلادهم ، بحجّته ، لا يحقّ لها التخلّي عن سماعه المفروض عليها ، حتى لو أرادت ، بعد أن عرفت زيفَ حامليه ، وهدفَهم من التمسّـك به! لأن حاملي الشعار أنفسَهم ، لو تخلوا عنه ، لوجَدوا أنفسهم في العراء ، دون أيّ غطاء يستر وجودهم الشاذّ على كراسي الحكم .. يسرقون ، وينهبون ، ويتحكّمون بالبلاد والعباد ..! فهم مضطرّون لترديده ، صباحَ مساء ، على مسامع شعوبهم ، التي وصلت ، تحت نير القهر الطويل ، من قِبل الحكام ، إلى درجة لم تعد قادرة فيها، حتى على قول : كفاكم زيفاً ، وخداعاً ، وتضليلاً ..! لأن هذه الكلمات تكلف أصحابها ثمناً باهظاً ، لا يعرف أكثرهم ، كيف يدفعه ، بوعي وحكمة ، للتخلص من دوّامة الزيف والخداع والفساد ..! وهنا تأتي مهمّة المعارضات الواعية الشريفة ، المصمّمة ، المستعدّة للتضحية .. لتنتشل شعوبها الصابرة ، الحائرة المسحوقة ، من مَهاوي القهر والذلّ ، والعبودية والهوان !
* هل نحن بحاجة إلى أمثلة على كل ما تقدّم ؟ حسناً .. ها هو ذا الحكم الأسدي في سورية ، ماثلاً للعيان ! وهو يعبّر أقوى وأصدق تعبير، عن كل ما قيل ، وما يمكن أن يقال في هذا المجال ! ومن لا يعرف طبيعة هذا الحكم ، من أبناء الشعوب العربية، وغير العربية ، فـليزرْ مدينة سورية ، ويمكث فيها شهراً ، ويختلط بأبنائها.. ثمّ يتصوّر نفسه مواطناً سورياً ، تحت سلطة الأسرة الأسدية الحاكمة .. ليتسنّى له الحكم عن كثب ، على الشعارات وحامليها ! ثمّ ليحمد الله ، على أن عافاه ، ممّا ابتلى به كثيراً من خلقه ! ثم ليتّق الله ـ إذا كان من الذين يؤمنون به ـ حين يتحدّث عن هذا النظام ، وشعاراته ، وإنجازاته ، ونضالاته ! وبعد ذلك .. كلّ حسيبٌ على نفسِه ، والله حسيب على خلقه جميعاً !