الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الخطوة الروسية والحل في سوريا

الخطوة الروسية والحل في سوريا

20.03.2016
د. محمد نور الدين


الشرق القطرية
السبت 19/3/2016
فاجأت الخطوة الروسية بالانسحاب الجزئي من سوريا جميع المراقبين والمعنيين. وكما كان التدخل الروسي في نهاية سبتمبر 2015 مفاجأة مدوية كذلك كانت خطوة الانسحاب.
على الأقل هذا ما يبدو في الظاهر والمعلن من التطورات. وبذلك كان يشبه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الساحر الذي يخرج من أكمام قميصه أرانب الواحد تلو الآخر بشكل يدهش المشاهدين.
غير أن ردود الفعل التي تلت الإعلان الروسي لا يبدو أنها كانت تحمل الكثير من المفاجأة للجميع.
المعارضة السورية على سبيل المثال والموجودة في جنيف أملت أن تكون الخطوة مساعدة على تسهيل الوصول إلى حل للمشكلة السورية. أي أنها لم تقابلها بالتشكيك أو على الأقل بتشكيك كبير كما لو أنها كانت تتوقع مثل هذه الخطوة أو كانت تتمنى أن تحدث مثل هذه الخطوة.
الرئاسة السورية أيضا سارعت فور إعلان الخطوة الروسية إلى إصدار بيان يشير إلى أن الخطوة تمت بالاتفاق المسبق مع النظام وهي لا تعكس أي خلاف بين الطرفين على ما شاع.
أيضا كان ملفتا موقف وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الذي رأى أن الخطوة توفر أفقا جديدا للوصول إلى حل في مفاوضات جنيف.
وفي المقلب الأمريكي كان الترحيب سيد الموقف وأتبع بالإعلان عن زيارة سيقوم بها وزير الخارجية جون كيري إلى موسكو للقاء نظيره الروسي سيرجي لافروف.
وبذلك بدا كما لو أن الجميع تقريبا كانوا في مناخ الخطوة الروسية. لا شك أن وقف الغارات الروسية والمشاركة الروسية في الحرب السورية ضد المعارضة كان مطلبا للمعارضة لإثبات حسن النية للتوصل إلى حل. وإذ تحقق ذلك فإن الآمال معلقة الآن على أن يكون للخطوة الروسية مفعول إيجابي يساهم في بدء مسار حل دائم ينهي النزيف السوري بكل مآسيه.
ومن خلال العديد من التطورات فإن الخطوة الروسية تبدو كما لو أنها جزء من التفاهم حتى لا نقول الاتفاق الأمريكي الروسي لحل الأزمة السورية والذي بدأ بإعلان روسي- أمريكي بوقف النار في سوريا. ووقف النار لم يكن خطوة سهلة على الإطلاق نظرا لتعدد القوى والمجموعات المحاربة على الأرض. وقد صمد وقف النار بنسبة كبيرة رغم بعض الخروقات أو حتى المعارك بين الجيش السوري وتنظيم داعش أو حتى بين جبهة النصرة ومجموعات مسلحة في المعارضة.
صمود وقف النار كان مؤشرا قويا على وجود تفاهمات كبيرة بين واشنطن وموسكو.
وبالتالي يجب الآن الانتظار كيف يمكن أن تترجم الخطوة الروسية في مفاوضات جنيف. ومع أنه لا يجب توقع حدوث خرق جذري سريع غير أن المتوقع هو حدوث صعود بياني ولو بطيئا في المفاوضات.
هل يعني هذا أنه إذا اتفق الكبار فليس أمام الآخرين سوى الانصياع أو الانخراط في التسوية المفترضة؟
ربما لا يكون الأمر بهذه الطريقة، لكن يمكن للاعبين من الصف الثاني والثالث أن يمارسوا ضغوطا حتى لا تأتي التسوية على حساب بعضهم وفي مقدمة هؤلاء تركيا التي نجحت حتى الآن بتحقيق مطلب واحد وهو استبعاد حزب الاتحاد الديمقراطي عن المشاركة في المفاوضات. لكن هذا المكسب لا يعني شيئا في حال مضت الأطراف إلى تسوية تتطلب موافقة كل مجموعاتها وفي مقدمتهم الفصيل الرئيسي لأكراد سوريا حزب الاتحاد الديمقراطي المؤيد لحزب العمال الكردستاني في تركيا.
في المحصلة فإن الأزمة السورية منذ بدايتها كانت مرآة للعبة أمم كبيرة شارك فيها ثلاثة أرباع العالم وتداخلت فيها كل المصالح والمطامع والغايات. ولقد تركت هذه الحرب آثارها السلبية البالغة على الجميع ليس آخرها انفجار أزمة اللاجئين في أوروبا. ولا يعتقد أحد أنه سيكون رابحا من أي تسوية مستقبلية على حساب غيره. في هذه الحرب سيخرج الجميع خاسرين. وحدها إسرائيل هي الرابحة الوحيدة.