الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الخلاف الأميركي - الروسي أشعل حروباً باردة هل يؤدي تفاهمهما إلى سلام شامل؟

الخلاف الأميركي - الروسي أشعل حروباً باردة هل يؤدي تفاهمهما إلى سلام شامل؟

02.10.2013
اميل خوري


النهار
الثلاثاء 1/10/2013
في معلومات لمصادر ديبلوماسية أن المنطقة تسير نحو السلام الشامل بفضل التفاهم بين الدولتين العظميين": الولايات المتحدة الأميركية وروسيا الاتحادية عند اكتماله مع التفاصيل وهو ما لم يكن قائماً عندما عاشت المنطقة حروباً باردة وساخنة وانقلابات عسكرية، ذلك ان الخلاف بين هاتين الدولتين كان بين عقيدتين: الشيوعية، والرأسمالية، وقد زال الآن مع زوال الشيوعية وعقلنة الرأسمالية.
لقد قامت حروب باردة بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفياتي حول قضية الشرق الأوسط وسبل حلّها، وكانت الحلول تدار من ساحات عربية وخصوصاً من الساحة اللبنانية منذ تحولت مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ثكناً ومعسكرات وصارت الحروب الداخلية فيه هي النار التي تنضج طبخة الحلول سواء لأزمة الشرق الأوسط أو للأزمة اللبنانية. ولم تفلح المساعي الدؤوبة للحكومات اللبنانية في فصل هذه الازمة عن ازمة المنطقة ولاسيما عن القضية الفلسطينية المعقدة والتي ليس للبنان القدرة على انتظار حلّها ليرى حلاً لقضيته. وقد نجح لبنان الرسمي بفضل مساعيه في جعل الولايات المتحدة الأميركية ومعها دول اوروبية صديقة مثل فرنسا بريطانيا توافق على إرسال قوّة متعددة الجنسية اليه، لكن الاتحاد السوفياتي شعر يومذاك بأن دول الغرب تحاول حل أزمة الشرق الأوسط بمعزل عنه انطلاقاً من حل الازمة اللبنانية بحيث تحكم سيطرتها على كل المنطقة وتبسط نفوذها فيها ولا يكون للاتحاد السوفياتي أي دور ولا حتى موطئ قدم فيها. وإذا بالحرب الباردة التي اشتدت بين الاتحاد السوفياتي ودول الغرب تتحول حرب تفجيرات واغتيالات تديرها استخبارات الدول المعنية فكان تفجير مقار القوات الاميركية والفرنسية التي تتألف منها القوات المتعددة الجنسية وتفجير مبنى السفارة الاميركية في بيروت، وقد أسفر عنها سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى مما اضطر الدول المشاركة في هذه القوات الى الانسحاب من لبنان، وجعل الحرب فيه تستمر ومعها حرب الآخرين على أرضه، ولم تنجح كل المساعي في وقفها إلى أن نضجت طبخة الصفقة بين الولايات المتحدة وسوريا الرئيس حافظ الأسد من وراء ظهر الاتحاد السوفياتي على رغم ان معاهدة دفاعية كانت تربطه بسوريا لأن اغراءات تلك الصفقة كانت أهم من المعاهدة. وقد قضت تلك الصفقة بإرسال قوة من الجيش السوري الى لبنان لوقف الاقتتال فيه وإخراج المسلحين الفلسطينيين من لبنان الى تونس ارضاء لاسرائيل وكانت كلفة ذلك صداماً بين الجيش السوري والاحزاب والقوى الحليفة للاتحاد السوفياتي، وهو صدام جعل الرئيس الاسد لا يأبه لتحذيرات اكثر من مسؤول سوفياتي كبير من مغبة التدخل عسكرياً في لبنان.
وإذا كان لبنان في الماضي ساحة لصراع نفوذ في المنطقة بين دول الغرب وعلى رأسها الولايات المتحدة الاميركية والاتحاد السوفياتي وقد انتهى بصفقة اميركية – سورية، فإن التقارب الاميركي – الروسي، والاميركي – الايراني الذي إذا ما بلغ حد التفاهم على حل سياسي للازمة السورية واستبعاد اي حل عسكري قد يكون منطلقاً لحل شامل في المنطقة ولتحقيق سلام بين اسرائيل من جهة، والعرب والفلسطينيين من جهة أخرى.
وفي معلومات المصادر نفسها أن الدول الكبرى صارت مقتنعة بأن الحروب باتت مكلفة جداً ولا بد من ان تنتهي بالحوار لتقاسم ما بقي من مخلفات هذه الحروب، لذلك من الأفضل والأسلم ان تتفاهم هذه الدول على تقاسم مناطق النفوذ بالتراضي وفق حجم كل دولة ووزنها، لا أن تستأثر أي دولة بالنفوذ في أي منطقة في العالم، لأن الاحادية الدولية زالت في عصر الاسلحة المدمرة وبات استخدامها لا يجعل أي دولة تنتصر على دولة أخرى إنما المنتصر فيها هو الخراب والدمار الشاملين.
لذلك فان اعتراف الولايات المتحدة الاميركية بحق روسيا الاتحادية في مشاركتها الحلول للأزمات وبالتنسيق مع الدول المعنية يجعل بالامكان التوصل الى حل سياسي للأزمة السورية ولكل أزمة في المنطقة. فبعد تفاهمهما على إزالة السلاح الكيميائي من سوريا ثمة احتمال لتوصلهما الى تفاهم على معالجة الملف النووي الايراني يكون منطلقاً لجعل المنطقة كلها خالية من السلاح النووي في مقابل التوصل الى تحقيق سلام شامل في المنطقة يجعل شعوبها تنعم بالأمن والاستقرار والازدهار.
والسؤال المطروح الآن هو: هل لا يطول حل الأزمة السورية كي لا تطول معاناة دول الجوار من تداعياتها ولاسيما لبنان؟
لقد أدى الخلاف الاميركي – الروسي في الماضي الى استمرار الحرب في لبنان 15 سنة، ويؤمل أن يؤدي تفاهمهما الى انهاء الحرب في سوريا في أقرب وقت ممكن والى اقامة شرق اوسط جديد. فكما توصل تفاهمهما الى إزالة السلاح الكيميائي من سوريا وأبعد ذلك الضربة العسكرية المدمرة للجميع، فإنه يؤمل التوصل الى ازالة اسباب الحرب فيها ليس بصفقة ثنائية أو ثلاثية إنما بتسوية شاملة تبدأ بالتوصل الى اتفاق على الحكم البديل من حكم الاسد ترضى به كل الدول المعنية.