الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الدعاية السياسية السورية..!

الدعاية السياسية السورية..!

20.05.2013
رجا طلب

الرأي الاردنية
الاثنين 20-5-2013
القاعدة الأساسية في علم حرب النفس والدعاية السياسية، أن الحقائق الملموسة لا تحتاج إلى ترويج لدي الجمهور المستهدف، لان الجماهير تتلمسها وتعيش معها وتؤمن بها، بينما يضطر الطرف الآخر في معادلة المواجهة غير القادر على إثبات وجهة نظره أو معلومته إلى ممارسة عملية الترويج لها، وهنا قد تكون عملية الترويج من الناحية العملية مقنعة أو غير مقنعة، ففي الحرب العراقية الإيرانية، كان صدام حسين يرد على شائعات اغتياله أو نجاح انقلاب ضده في الظهور على التلفزيون في مكان واضح ومعروف في العاصمة وبين الناس ليقول أن الإعلام الإيراني يكذب أو يظهر في تصوير جديد وسط أركان قيادة الجيش ويتحدث عن خططه العسكرية وأحيانا يسخر من المعلومة على الهواء مباشرة، والشواهد في هذا المجال أي الحرب النفسية والدعاية السياسية كثيرة جدا فهي مساحة مهمة وحساسة من الحرب العسكرية خاصة في زمننا هذا حيث اختلط بهذا النوع من الحروب الإعلام بوسائله المختلفة ومنها الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي وهو الأمر الذي جعل مهمة القائمين على إدارة الحرب النفسية أو الدعاية السياسية، مهمة صعبة ومعقدة، فلم يعد من السهل ترويج الأكاذيب أو إخفاء المعلومات عن الناس، أوردت هذه المقدمة للتعليق على طبيعة الدعاية السياسية التي يستخدمها النظام السوري في مواجهة مناوئيه وسأتوقف عند مثالين اثنين لتباين مدى القصور والعجز في استخدام هذا السلاح:
المثال الأول: ذلك الخبر نشرته رئاسة الجمهورية السورية على صفحتها على الفيس بوك مع صورة لأسماء الاسد وهي تسير مع ولديها ( بنت وولد ) في طريقهما لمدرستهما في دمشق.
وقالت الرئاسة السورية: اليوم وكما جرت العادة خلال أيام العام الدراسي.. السيدة أسماء الأسد توصل أبناءها إلى مدرستهم، طبعا الصورة المفترضة أُخذت من الخلف فلم تظهر الأشخاص بوضوح وتحديدا وجه أسماء الأسد، والسؤال هنا إلى أي حد يبدو هذا الخبر منطقيا وصحيحا وطبيعيا ؟ بالتأكيد لا احد في سوريا او خارجها يصدق أن أبناء رئيس الجمهورية وزوجته يذهبون للمدرسة سيرا على الأقدام وبدون حراسات ؟ أما السؤال الثاني وهو المهم، ما هي الرسالة التي يريدها عباقرة الإعلام الرئاسي من إيصالها للجمهور ؟ هل هي أن أسماء الأسد وأولادها مازالوا في سوريا ولم يتركوها مثلا ؟ وان كانت هذه هي الرسالة، فماذا تقدم أو تأخر من حقائق الأمور وطبيعة الأشياء في حال سوريا المتدهور ؟ أم أن الرسالة هي أن البلد آمن وان زوجة رئيس الجمهورية وأولاده يذهبون للمدرسة يوميا بدون خوف أو حراسات ؟ فهي أيضا رسالة خرقاء صعبة التصديق حتى لو رأهم السوريون بأم أعينهم لان حادثة كهذه يمكن اصطناعها بكل بساطة أمام الكاميرا ولمرة واحدة !!
أما المثال الثاني فهو مكمل للمثال الأول، وهو توالي تصوير الأسد في مناسبة وبدون مناسبة في مواقع مختلفة من دمشق، والسؤال هنا ما هي الرسالة، هل هي أن الأسد صامد لم يهرب ؟ أم انه مازال على قيد الحياة ؟ أم أن الحياة في سوريا طبيعية والرئيس يعيش حياة عادية وهانئة ؟ وفي كل الأحوال محاولة الرد على كل ما سبق يظهر حالة من الارتباك في الإعلام الرئاسي ويكشف عن حالة ضعف في تقدير الموقف والذات ومحاولة محمومة لإيهام الجمهور بان كل شئ طبيعي في الوقت الذي يدرك الصغير قبل الواعي والكبير أن لا شئ في سوريا بقى على سابق عهده !!