الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الدم الرخيص

الدم الرخيص

01.09.2013
رأي البيان


البيان
السبت 31/8/2013
لم يعد الصمت ممكناً حيال ما يجري في المشهد السياسي العراقي. جرائم القتل والدمار تنتشر بشكل واسع، الأرقام تتجاوز أو تقترب مما كانت عليه في زمن الاحتلال الأميركي. أصبح الدم العراقي المسفوك في الشوارع خبراً يومياً، وأضحى أمراً اعتيادياً، أدخل العراقيين في طريق دموي وعر، لا تلوح في الأفق نهاية قريبة له.
تطورات الوضع العراقي تشير إلى أن البلد ينجرف نحو منزلق تأثيرات الحدث السوري، بشكل يصعب الخروج منه بحلول ترقيعية، ليضفي تعقيداً جديداً على حيثيات الوضع في المنطقة كلها. ويبدو أن كل الأطراف المعنية بالشأن العراقي في الداخل والخارج، يستبقون نتائج الوضع السوري لتسجيل نقاط، كل على حساب الآخر فوق الأرض العراقية وبدماء العراقيين.
فتسعير الفتنة الطائفية وإشغال العراق بها، يدخل في مخطط منعه من النهوض والاستقرار، وحتى الالتهاء في معالجة مشاكله الداخلية التي تزداد صعوبة وتعقيداً، حيث لا تزال أبسط المشاكل الخدمية عالقة، رغم كل الثروات العراقية والكفاءات والطاقات المتوفرة.
إن المخرج من هذا المأزق الطائفي الذي أوصل البلاد لهاوية عقيمة، لا يمكن الخروج منها إلا بالانتقال إلى ديمقراطية حقيقية، وأولى خطواتها تكمن في اقتناع كافة الأطراف بأنهم شركاء في بناء الدولة وليسوا فرقاء، وأن يؤمنوا بحرية الآخر مهما كان جنسه ولونه، وتجريم كل أعمال العنف، ووقف نشاطات كافة المجاميع المسلحة والميليشيات التي تمارس القتل والترويع.
إذاً، فالطائفية ــ أساساً ــ ليست أزمة مذهبية، لكن يُراد لها أن تكون أزمة طائفية مذهبية متطرفة، بقدر ما هي أزمة سياسات ومنافع شخصية، وحلها لا يكون إلا حلاً سياسياً، وهذا الحل يكمن في تأسيس مشروع ديمقراطي توافقي، وتعزيز سبل المصالحة الحقيقية، وبناء دولة عدالة اجتماعية لا تميز بين مواطنيها.
ولا بد أن يتحرك حكماء السنّة والشيعة على حد سواء، بعلمائهم وسياسييهم، للتصدي لحالة الانزلاق نحو الحرب الأهلية، كما لا بد للحكم العراقي من التخلص من جميع القوى المسلحة غير النظامية ومن سائر الميليشيات الطائفية، وإنهاء دورها وإخضاع جميع المواطنين للقانون والنظام، حفاظاً على وحدة العراق، ووصولاً به إلى تحقيق الأمن والاستقرار.