الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الدور الإقليمي الإيراني يتعاظم

الدور الإقليمي الإيراني يتعاظم

27.02.2014
كيهان برزكر


الحياة
الاربعاء 26/2/2014
إثر اتفاق جنيف النووي، وجدت القوی الاقليمية المناوئة لإيران نفسها امام تحدٍ حقيقي يرمي الى جبه تعزيز دور ايران الاقليمي. ووزن واشنطن راجح في الشرق الاوسط، وإبرام اتفاق شامل مع طهران يقوض نفوذ الجبهة الاقليمية المناوئة لها.
وثمة مؤيدون لهذا الاتفاق ومعارضون له في الداخل الايراني. لكن يجب ألا ننسى أن اتفاق جنيف هو اتفاق في اطار العلاقات الايرانية – الاميركية. والسياق هذا يجعله بالغ «الحساسية» والاهمية. فهذه العلاقات يحكمها التاريخ المتشنج بين البلدين والتباين الايديولوجي، وقضايا متعلقة بالتسلط في هذه المنطقة. وعلينا ألا نقوِّم هذا الاتفاق في ميزان «الربح والخسارة» بسبب وجود حسابات اخری، ابرزها الدور الايراني الاقليمي. وتؤثر المفاوضات الايرانية - الاميركية في اطار مجموعة 5الاربعاء 26/2/20141 سلباً في دور حلفاء الولايات المتحدة الاقليميين وترجّح كفة الدور الايراني. والاتفاق هذا يكرس دور لاعبين بارزين في هذه المنطقة، هما ايران والولايات المتحدة. وعلی رغم نأي واشنطن عن الشرق الاوسط، تسعی الى ادارة شؤونه من طريق التعاون مع حلفائها التقليدين. ويؤذن اي اتفاق اميركي مع طهران بهزيمة الائتلاف المعارض لها، وبدوران الدور الاميركي في فلك الاتفاق النووي الشامل مع ايران.
ولا ريب في ان المشارفة على إبرام مثل هذا الاتفاق تهمّش سياسة اشعال فتيل الازمات الاقليمية امام ايران. ولطالما نظرت الولايات المتحدة الى المنطقة من النافذة الدولية والاهمية الاستراتيجية واستندت الى رؤية تسلطية - استعمارية من دون ان تلتفت الی القيم والهوية التاريخية لشعوب المنطقة.
وتعاظم الدور الايراني ينسحب علی ثلاثة مستويات. فالعلاقة الايرانية مع دول الجوار تحسنت بعد توقيع الاتفاق، فقويت اواصر العلاقة مع تركيا وروسيا والصين وعدد من الدول العربية والخليجية، على وجه التحديد. وزادت قدرة طهران على المناورة في الازمات الاقليمية على نحو ما حصل في الازمة السورية، في وقت انحسر دور المعارضين لإيران. وأصبحت هذه الدول تقيم وزناً لطهران بسبب ادراكها مترتبات العلاقات الايرانية الدولية المستقبلية. ومحور العلاقات الدولية في الشرق الاوسط هو المصالح الجيوسياسية. ودول الجوار لا ترغب في التضحية بمصالحها. وإيران لا تشذ عن هذه القاعدة.
وأتاح الاتفاق لإيران مجالاً اوسع للمشاركة في حل الازمات الاقليمية. وساهم التعاون الايراني - الروسي على نزع السلاح الكمياوي السوري في استبعاد الحرب علی سورية من جهة، وتصدّع الجبهة الاخرى، من جهة اخرى. وفي الازمة العراقية، أدى التقارب الايراني – العراقي الى مواجهة التكفيريين والسلفيين. في الازمة الافغانية، تمس حاجة اميركا الى سحب قواتها الامن من الاراضي الافغانية. وإيران مؤهلة لأداء دور في مواجهة المتطرفين والمتشددين في باكستان وأفغانستان.
وساهم الاتفاق في دعم الحركات الصديقة لإيران في الشرق الاوسط. وتحسن وضع «حزب الله» افضل بسبب استبعاد اي هجوم اميركي او غربي عليه إثر التفاهم الايراني - الاميركي. وصار في وسع الجماعات العراقية الشيعية التعاون مع الولايات المتحدة وإيران. ويندرج الدور الايراني الاقليمي في سياقين: الموقع الجغرافي الذي يتصل بالنظام الامني والسياسي في المنطقة، والهوية الايديولوجية. والتزام ايران الاعتدال يرسي فضاءات امنية وسياسية وأيديولوجية ويقوي دور اصدقائها ويحقق مصالحهم. وعليه، يجب ان ننظر الی الاتفاق من زاوية دخول ايران في مفاوضات مع دولة كبری. وهذه الدولة تسعى من غير شك، وراء مصالحها. لكننا نحاول تقليل أخطار السعي الاميركي هذا علی المصالح الايرانية. والإجماع الداخلي الايراني على المفاوضات ضروري، علی رغم ان القلق من نتائجه لم يتبدد.
وتبرز الحاجة الى التمييز بين الدول الغربية. فالغرب لا يقتصر على الولايات المتحدة فحسب. وثمة مصالح متشابكة بين الدول الغربية والولايات المتحدة. ولا يستخف باللاعبين الاقليميين. وإبرام اتفاق نووي شامل هو الجسر الى دور قوي وفاعل علی الصعيد الدولي يقوض دور القوی الاقليمية المعارضة للمصالح الايرانية.
* استاذ جامعي، عن موقع «تابناك» الايراني، 19/2/2014، اعداد محمد صالح صدقيان