الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الدور الروسي في سورية ومصر

الدور الروسي في سورية ومصر

22.08.2013
ياسر أبو هلالة

الغد الاردنية
الخميس 22/8/2013
لو أجري استطلاع للرأي في العالم العربي حول الموقف من روسيا، لصنفتها الأكثرية في صفوف الأعداء؛ ليس بسبب موقفها الأخير الداعم للانقلاب الدموي في مصر، فهو راكم على مواقف عدائية تجاه العرب والمسلمين في مختلف قضاياهم، بما فيها القضية الفلسطينية بالمناسبة، ونفوذ اللوبي الصهيوني في روسيا لا يقل عنه في أميركا. وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي، تحولت روسيا إلى بلد يجد مصالحه مع إسرائيل ولوبياتها النافذة في العالم الغربي، لا مع العرب. إلا أن الموقف الأكثر عدائية كان في سورية. فبسبب أوهام إمبرطورية متصابية، حالت روسيا دون صدور أي قرار دولي ملزم تجاه المجازر المرتكبة بحق الأبرياء في سورية، ولن يكون آخرها قصف الغوطة الشرقية بسلاح كيماوي.
يعتقد الروس أنهم خُدعوا في ليبيا؛ إذ تحت مظلة الحظر الجوي، تم تدخل عسكري واسع النطاق. وهم لا يريدون تكرار الخطأ في سورية. وبمنطق الإمبراطورية العجوز المتصابية، تحاول روسيا استعادة أماكن نفوذ عالمية. ومن سوء حظ الشعب السوري أنه دفع كلفة التصابي هذا، واليوم يدفعه أيضا الشعب المصري.
فزيارة الأمير بندر بن سلطان، وهو الممسك بالملف السوري، إلى روسيا، بحثت، حسب وسائل إعلام روسية، الملف المصري. وطلب الأمير من الرئيس فلاديمير بوتين زيارة مصر دعما لعبدالفتاح السيسي، وهو ما يُتوقع في أقرب فرصة.
مشكلة الروس مع السعودية هي إيران وامتداداتها في سورية. فإيران تتعامل مع الروس باعتبار سورية ورقة بيدها. كما أن لروسيا مصالح كبرى فيما يتعلق بالجمهوريات الإسلامية، والغاز، والبرنامج النووي، والتسليح. وهي لا تستطيع أن تبيع إيران وسورية مقابل مصر، لكنها لا تمانع في شراء مصر. وهي ستكون سعيدة بتمويل السعودية لتسليح الجيش المصري روسيا. لكن السؤال المفتوح: هل ستقبل السعودية بصفقة بالشق المصري فقط؟ ليس مهما، فالعداء الروسي للإسلاميين سابق على الربيع العربي، ويعود إلى إرث تاريخي يأخذ طابعا عنصريا.
ارتكبت روسيا القيصرية مجازر إبادة بحق الشيشان. وبوتين وفيّ لذلك الإرث؛ فابن مؤسسة الـ"كيه. جي. بي" لا تغادر ذاكرته هزيمة الاتحاد السوفيتي في أفغانستان على يد الإسلاميين، وفي الشيشان ذاق الأمرّين من المجاهدين ذاتهم، كما لا ينسى دورهم مع الحليف الصربي. وفوق ذلك، فإن السياسيين الروس لديهم تعصب قومي وطائفي، والمعارضة الروسية القومية أكثر تطرفا منهم.
لا علاقة لروسيا اليوم بالاتحاد السوفيتي سابقا، والذي تمكن من بناء صداقة مع قطاع واسع من الشعوب العربية بسبب مواقفه من الصراع العربي-الإسرائيلي، ودعم التنمية والتعليم. من أساطير اليسار الفاشي أن روسيا يسارية، مع أنها تمثل أسوأ أشكال اقتصاد السوق. أميركا وأوروبا الغربية لهما صلة بتعاليم الماركسية من خلال التنافسية وحقوق الطبقة العاملة والعدالة أكثر كثيرا من اقتصاد يقوم على سرقة القطاع العام والاقتصاد السفلي.
بالنتيجة، تسبب الموقف الروسي في نزف دماء كثيرة في منطقتنا، سواء بسلاحه أم بدعمه السياسي، والنتيجة ليست استئصال الشعوب بقدر ما هي استعداء شعوب بلا داع. لا تحتاج روسيا العالم العربي، واقتصادها مرتبط بحاجة أوروبا الغنية للغاز. لكن روسيا عليها أن تتذكر أنها هُزمت في أفغانستان، وهُزمت أميركا من بعدها، وهي ليست بمنأى عن ردود الفعل الغاضبة. والشيشان سُحقوا عسكريا، لكنهم قادرون في لحظة ما على فتح جبهة جديدة. وإن كان المجاهدون الشيشان وصلوا إلى حلب، فموسكو لهم أقرب.
yaser.hilala@alghad.jo