الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الدياسبورا السورية

الدياسبورا السورية

15.09.2015
د. خالص جلبي



الاتحاد
الاثنين 14/9/2015
إذا صحت المعلومات التي تسربت عن تقاسم حصص توزيع السوريين في أوروبا، فستكون حصة فرنسا 300 ألفاً، وألمانيا مليون لاجئ، وإيطاليا نصف مليون، والسويد نصف مليون، وتكون حصة كل من الدنمارك والنرويج نصف مليون، في حين تكون حصة إسبانيا 200 ألف والنمسا 300 ألف، في الوقت الذي تبلغ حصة كل من صربيا وبولندا والمجر وبلجيكا وأوكرانيا والتشيك مائة ألف؟ يقول التقرير إنه ستمنح العائلات السورية إقامة دائمة، تكلل بالجنسية بعد إقامة خمس سنين، فإذا أضفنا إلى هذه الأرقام من فر وشُرد إلى كندا وأميركا، كما اجتمعت أنا بعائلة صديقي في مونتريال مع أفراد عائلته الست، تكون سوريا قد فقدت خمسة ملايين نسمة من سكانها مشردين بين القارات، في أعظم هجرة تمت بعد الحرب العالمية الثانية.
أتذكر جيداً أخبار ألمانيا حينما ذهبت لها للتخصص الطبي بتاريخ 1975، قلت في نفسي في ليلة لا أنساها وأنا أدعو ربي في حي الشيخ محيي الدين العربي، الذي تحول إلى حي شعبي، دعوت ربي في جنح الظلام، فقلت كما قال موسى في مواجهة فرعون، ربنا لاتجعلنا فتنة للقوم الظالمين ونجنا برحمتك من القوم الكافرين. كان ذلك بعد الاعتقال الرابع الذي دام قرابة عام؟ بعدها بأيام تم اعتقالي مجدداً، فقلت هذه المرة ستكون عشر سنين أو إعدام؟ لحسن الحظ تم إلقاء القبض علي لأنني متخلف عن التجنيد الإلزامي. نجوت بفضل الدراسات العليا، (هي في الحقيقة سفلى فليس ثمة دراسات في سوريا، فضلاً عن عليا؟) بعدها- ما زلت أذكر نفسي- وأنا أرتب خروجي من سوريا، رميت نفسي يميناً وشمالاً للعمل في أي مصلحة؟ كانت شوارب رجال الأمن في انتظاري حيث أجريت مقابلة. أردت العمل في الطبقة حيث السد، فكانت كارثة يجب روايتها في قصة تراجيدية، حيث سافرت في شتاء بارد مظلم مثلج.
أرجع إلى «الدياسبورا» السورية إذا كانت سوريا قد فقدت نزوحاً خمسة ملايين من المعذبين، يضاف لها ستة ملايين أخرى، موزعين في تركيا والأردن ولبنان، حيث حزب إيران يتربص؟ والعراق حيث جنون الشيعة والسنة، فيكون من غادر سوريا 11 مليوناً، يضاف لهم ربع مليون قتيل، ومليون معاق ومشوه، ومصاب يمشي بساق خشبية، وآخر فقد بصره أو سمعه، أو طاش لبه وضاع عقله في زنازين التعذيب، فانحشر في زمرة المجانين. لاننسى أطفال الرعب فمعظم السوريين يحتاجون الآن إلى علاج نفسي.
أنا متيقن الآن أن بشار لو رشح نفسه لفترة جديدة فسوف ينتخب 99,99 بالمائة، فنصف من تبقى خائف، وربع منافق، وربع مجرم..
الآن أصبحت سوريا تذكرنا بحرب الأوراجواي حين باد معظم شعبها في حرب عام 1860 م ولكن من يعلم.. أو باتت مثل ألمانيا في حرب الثلاثين عاماً (1618 1648) حيث مات ستة ملايين ونصف من أصل 21 مليوناً من السكان وتدمرت 80 ألف قرية ومدينة.