اخر تحديث
الخميس-25/07/2024
موقف
زهيرفيسبوك
رؤية
دراسات
مشاركات
صحافةعالمية
قطوف
جديد
مصطلحات
رسائل طائرة
الثورة السورية
حراك الثورة السورية
حدث في سورية
نساء الثورة السورية
اطفال الثورة السورية
المجتمع السوري المدمر
شعارات الثورة السورية
ثلاث سنوات على الثورة
أيام الثورة السورية
المواقف من الثورة السورية
وثائقيات الثورة السورية
أخبار سورية
ملفات المركز
مستضعفين
تقارير
كتب
واحة اللقاء
برق الشرق
وداع الراحلين
الرئيسة
\
مشاركات
\ الديموقراطية بين الحل والإشكالية
الديموقراطية بين الحل والإشكالية
26.11.2016
د. محمد أحمد الزعبي
كانت الثورة السورية الكبرى عام ١٩٢٥ بقيادة سلطان باشا الأطرش ، امتدادا للثورة العربية الكبرى ١٩١٦ بقيادة الشريف حسين ( شريف مكة ) ، واللتان كانتا واقعيا ( وهذا من وجهة نظر الكاتب ) باكورة المرحلة الانتقالية من الفكر الديني إلى الفكرالعلماني، والتي (المرحلة الانتقالية ) مازلنا نعيشها بل و نعيش إشكالاتها وإفرازاتها ، السلبي منها والإيجابي ، حتى يومنا هذا ، و في رؤيتنا الخاصة فإن ثورات الربيع العربي عام ٢٠١١ بصورة عامة ، والثورة السورية منها بصورة خاصة ، هي من بين أهم مفرزات هذه المرحلة الانتقالية ، ذلك أنه من الناحية التاريخية فان هتين الثورتين ( ثورة الشريف حسين ١٩١٦ وثورة ١٩٢٥ السورية ) كانتا تمثلان باكورة المرحلة الانتقالية من الدولة الدينية ( العابرة للقوميات ) إلى الدولة القومية ( العابرة للعصبية القبلية والطائفية والمناطقية ) القائمة افتراضاًعلى مبدأ المواطنة والدستور وصندوق الاقتراع ، وهو مايمثل مثلث الديموقراطية التي من المفروض أيضاً أن يتعايش في ظلها كل من القومي والقطري الديني والعلماني ، الأكثرية والأقلية ، الحاضر بجناحيه الماضي والمستقبل ، وآن يكون الصراع بين المختلفين سلميا ، الحكم ( بفتح الحاء والكاف ) الفيصل فيه هو صندوق الاقتراع وليس الدبابة أو الطائرة أو بساطير الجنرالات ولكن لابد من القول هنا ، إن الديموقراطية التي تعتمد عادة ( في الدول الغربية الديموقراطية ) رقم ال ٥١٪ للوصول إلى " الحكم" إنما تنطوي على عدد من
الإشكالات الاجتماعية والسياسية في العالم الثالث ومنه وطننا العربي وقطرنا السوري أبرزها :
1. إمكانية تدخل عسكري خارجي يجعل ال ٤٩٪ أقوى من ال ٥١٪ . بل ويمكن أن يجعل من أية نسبة يفرزها صندوق الاقتراع صفرا على الشمال كما حدث في العراق عام ٢٠٠٣ ، حين أطاح الأمريكيون بحكم حزب البعث العربي الإشتراكي في العراق ، متجاهلين كل نتائج الانتخابات والاستفتاءات الديموقراطية منها وغير الديموقراطية ، وكل النسب المئوية التي أفرزتها صناديق الإقتراع في تلك الإنتخابات والإستفتاءات ،
2. إمكانية تفوق ال ٤٩٪ على ال ٥١٪ في مجتمع تغيب فيه الثقافة الديموقراطية ، وبالتالي ثقافة المواطنة ، وتهيمن على حياته الاجتماعية والسياسية العصبيات المختلفة ، القبلية والعشائرية و الطائفية ، والعائلية ...الخ ،
3. إمكانية تدخل الجيش بالقيام بانقلاب عسكري ( البلاغ رقم ١ ) ينهي فيه الحياة الديموقراطية من أساسها كما فعل حسني الزعيم في سورية عام١٩٤٩ وتبعته سلسلة الإنقلابات العسكرية المعروفة التي شهدتها الحياة السياسية في سورية مابين ١٩٤٩و١٩٥٤، والتي استؤنفت مابين ١٩٦١ ( النحلاوي ) و ١٩٧٠( حافظ الآسد ) ، وكما فعل عبدالفتاح السيسي في مصرعام ٢٠١٣ ( وهذا على سبيل المثال وليس الحصر ) ،
4. الديموقراطية المشروطة (!!) ، وهي ديموقراطية بعض العلمانيين ، وبعض الأقليات الدينية والطائفية ، الذين يعلنون قبولهم بالديموقراطية ، ( ولكن !) بشرط ألا يفاجئهم صندوق الإقتراع بمن يعتبرونه ( هم ) من أعداء الديموقراطية . أو أنهم لايرغبونه .
واقع الحال ، إن شعرة معاوية غالبا ماتربط هؤلاء بمن أشرنا إليهم في الفقرة الأولى أعلاه ،
5. التزوير، في برنامج " المقابلة " تاريخ ١٧/١١/٢٠١٦ ، قال باني ماليزيا الحديثة مخاتير محمد إن كل نتيجة يفرزها صندوق الاقتراع ، تزيد عن ال٩٠٪ لابد أن تكون مزورة ، والسبب برأيه هو أنه لايوجد نظام سياسي في العالم بدون معارضة ، وأن وزن وحجم هذه المعارضة لابد أن يظهر في صندوق الإقتراع النزيه والشفاف ، أي البعيد عن الخوف والتزوير .
هذا مع العلم أن للتزوير أشكالا وألوانا ، وتحضرني الآن حكايتان تتعلقان بهذا الموضوع :
الحكاية الأولى : وهي الطرفة التي قام بها الدكتور محمد مصدق عام ١٩٥٣ في إيران بعد أن فرضت انجلترا وأمريكا عليه استفتاء صورياً لحل البرلمان ، قاموا هم بتزويره لصالح عميلهم (فضل الله زاهدي ) ، حيق قام الدكتور مصدق بالسجود آمام صندوق الإقتراع ، ولما سأله الناس عن سبب سلوكه هذا ! ، أجابهم : إنه ، صندوق مقدس ! ، تدخل ورقة النا خب فيه باسم محمد مصدق و تخرج منه باسم زاهدي !. ) ،
أما الحكاية الثانية ، فهي التي حصلت في انتخابات عام ( لاأتذكر العام بدقة ) النيابية الصورية في سورية ، وفي قرية ( بصر الحرير) في حوران ، وهي القرية التي عادة ما يحصل المرحوم محمد خير الحريري على كامل أصوات ناخبيها . دخل أوائل الناخبين ليمارسوا حقهم الانتخابي وسرعان ما خرجوا وهم يعلنون على الناس أن صندوق الإقتراع ممتلئ بالأوراق المزورة ، ولم يبق فيه مكان لأوراق ناخبي القرية . حدثت ضجة ، كسر الناخبون الصندوق فوجدوه ممتلئاً بالفعل بالأوراق المزورة لصالح مرشح النظام ( لاأذكره) . تدخل السيدان نواف منذر وفؤاد منذر( المسؤولان الأمنيان في محافظة درعا آنذاك )، وتدخل معهم المرشح محمد خير الحريري ، بناء على طلبهما ، وجاؤوا بصندوق آخر جديد ، واستؤنفت عملية " التصويت " . هذه القصة باتت معروفة في حوران .
وذات مرة كنت وصديقي ( ....) مسافران بسيارة ذلك الصديق ( أنا لاأملك سيارة ) من دمشق إلى درعا ، وعندما وصلنا إلى مدينة شيخ مسكين ( مدينة السيد محمد خير الحريري ) شاهدنا السيد النائب يقف على الطريق العام ينتظر سيارة عابرة تنقله إلى درعا ، توقفت سيارتنا إلى جانبه وسألناه إذا كان يرغب أن يصعد إلى السيارة ، فوافق شاكرا وصعد إلى السيارة . رغبت أن أستفيد من وجوده معنا وسألته عن صحة قصة التزوير في بصرالحرير ، أجاب رحمه الله : نعم إنها حقيقية ، وتابع : عندما طلب مني السيدان نواف منذر وفؤاد منذر أن أتدخل لتهدئة الوضع في بصر الحرير ، استجبت لطلبهما ، وخلال حديثي معهما حول عملية التزوير ، قلت لهما : ( والله ياعمي إنكم أيها البعثيون شرفاء !)، استغرابا إطرائي للحزب رغم عملية التزوير ، وسألاني ماذا تقصد بكلامك ياأبا الخير؟ فقلت لهما ، أقصد بكلامي ( إنكم أيها البعثيون قادرون على أن تناموا مع نسائنا ، ولكنكم والحمد لله لا تفعلوها ، فشكراً لكم (!!) ) .
خلاصة الأمر ، هي أن الإشكالية التي يمكن أن تترتب على مبدأ ال ٥١٪ الديموقراطي ، في بلدان العالم الثالث عامة ، ومنه وطننا العربي ، ومنه قطرنا السوري ، تتمثل في أن نسبة ال ٤٩٪ ، لا تبعد كثيراً عن نسبة ال ٥١٪ ( المسافة الإحصائية ) . وبالتالي فإن صندوق الإقتراع قد لا يكون حلا لإشكالية ما سياسية أو إجتماعية في بلد تعشعش فيه القيم القبلية ، ولم تترسخ في وجدان مواطنيه بعد ثقافة الديموقراطية ، وبالتالي ثقافة المواطنة ، ومن هنا فإن على من يعنيهم الأمر ، البدء ببناء الأساس المتين ، العلمي والأخلاقي ، الذي ستقوم عليه البنية الديموقراطية ، حتى في حال كونها بحدود ال51 % .
إنني من الذين يؤمنون بأن أخطاء وعيوب الديموقراطية ، لايصلحها سوى المزيد من الممارسة الديموقراطية ، ولكن الديموقراطية الحقيقية وليست ديموقراطية الكذب والتزوير .