الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الذابح والمذبوح في سوريا

الذابح والمذبوح في سوريا

08.09.2014
سمير الحجاوي



الشرق القطرية
الاحد 7-9-2014
مرة أخرى، يثبت الغرب أنه بلا أخلاق ولا قيم إنسانية، لأن قيمة الإنسان بالنسبة إليه تعتمد على قيمته من منظور المصالح، وهذا ما يظهر في تجييش الغرب كله واستنفار حلف النيتو ضد تنظيم الدولة الإسلامية ليثأر لقتل مواطن أمريكي.
القتل مرفوض تحت أي ذريعة أو مسمى أو سبب، فحياة الإنسان أغلى من الدنيا وما فيها بغض النظر عن دينه وعرقه ولونه، وهي قيمة عليا لا مساومة عليها، لكن الغرب الكذاب والمنافق الذي استنفر كل قواه من أجل مقتل هذا الامريكي لا يريد أن يرى نظام الأسد وهو يقتل 300 ألف سوري ويجرح 500 ألف آخرين ويشرد 10 ملايين إنسان من بيوتهم وديارهم، ولا يريد أن يرى البراميل المتفجرة وهي تتساقط كالمطر على رؤوس الأبرياء من النساء والأطفال والشيوخ والرجال، ولم يهز كل هذا السيل من الدماء السورية وجدانه ولم يحرك فيه روحا ولا قيما، فهذه الدماء لا تتقاطع مع المصالح الغربية ولا تشكل رقما بالنسبة لها، وحتى المجزرة التي ارتكبها نظام الأسد المجرم الإرهابي بالأسلحة الكيماوية انتهت بصفقة من أجل حماية إسرائيل من الأسلحة الكيماوية السورية التي كان يمتلكها هذا النظام المجرم، مع أنها لم تستخدم ضد الكيان الإسرائيلي ولم تكن تشكل أي خطر عليه.
الغرب جزء من المشكلة في سوريا وجزء من المؤامرة على الثورة، وهو الآن يجيش من أجل أهداف تتعلق بالخوف من الدولة الإسلامية "الغامضة والمبهمة والغائمة الأهداف"، وبالطبع فإن هذه "الحرب المجهولة" تعني بالضرورة أهدافا مجهولة وغير معروفة، تتراوح بين "حماية القيم الغربية وطريقة الحياة في الغرب ومحاولة إنقاذ الأنظمة الحليفة والتابعة لأمريكا وبريطانيا وفرنسا، مما يعني أننا أمام حالة قد تتوسع فيها الحرب إلى مناطق أخرى في العالم العربي وخاصة في المشرق.
في سوريا الآن تضيع صورة الذابح والمذبوح، فعندما يذبح الأسد ونظامه الإرهابي شعبا كاملا لا يراه أحد، وعندما يذبح تنظيم الدولة الإسلامية مواطنا "أمريكيا – إسرائيليا" تقوم الدنيا ولا تقعد، ويصبح هذا الحدث بؤرة التركيز الإعلامي والسياسي في الغرب، وتتوالى التهديدات من الرئيس الأمريكي باراك أوباما ومن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الذي هدد بسحق تنظيم الدولة الإسلامية وأنه لا مجال لبقائه على وجه الأرض، في حين لم نسمع مثل هذه التهديدات ضد الأسد الإرهابي البربري الهمجي وهو يذبح السوريين ليل نهار.. الأسد المجرم لا يراه أحد وهو يقتل ويذبح ويبيد ويجزر بينما كل العالم لا يرى إلا السكين التي ذبحت المواطن الغربي الإسرائيلي وتختفي من المشهد كل سكاكين الأسد القاتلة المجرمة.
من المعيب أن يترك العرب والعالم وما يسمى "العالم الحر" الشعب السوري وهو يواجه أعتى إبادة جماعية في العصر الحديث، بينما يركز أنظاره على سكين واحدة تقتل شخصا واحدا، مع رفضنا الكامل لقتله بهذه الطريقة البشعة اللاإنسانية.
الشعب السوري خاض واحدة من أطول الثورات ضد نظام طاغية دموي، وقدم الأرواح والدماء من أجل حريته ومع ذلك، لا يجد الغرب "أمريكا وبريطانيا وفرنسا وأوروبا ومعهم روسيا والصين" غضاضة بإعادة تأهيل الأسد القاتل ليكون حليفا في "الحرب ضد الإرهاب"، أي أن الغرب يقبل أن يحالف إرهابيا قاتلا إذا كان ذلك يخدم مصالحه، وبالتأكيد فإن نظام الأسد يخدم مصالحه، ولذلك يتحالف معه كما تحالف سابقا ضد العراق.