الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الرئيس الأميركي الجديد وتغيير المعادلة في سوريا

الرئيس الأميركي الجديد وتغيير المعادلة في سوريا

09.11.2016
علي حسين باكير


العرب
الثلاثاء 8/11/2016
لفترة طويلة ظلت إدارة أوباما تضغط باتجاه تغيير أولويات حلفائها في سوريا من التركيز على الإطاحة بالأسد إلى التركيز على محاربة "داعش". وبالرغم من إصرارهم على معارضة هذا التوجه، وجد حلفاء الولايات المتحدة أنفسهم عملياً في مواجهة أولوية "داعش" نتيجة لتوجه واشنطن للعمل مع روسيا وإيران.
ما يتوقعه حلفاء الولايات المتحدة من الإدارة المقبلة هو البناء على التقاء المصالح فيما يتعلق بمحاربة "داعش" من خلال دعم فكرة إقامة منطقة آمنة في شمال سوريا تكون خالية من التنظيمات الإرهابية، وأن يتم تأمينها من خلال حظر جوي واستخدامها لإعادة جزء كبير من اللاجئين.
وبموازاة ذلك، وبدلاً من أن يتم التركيز على تصنيف جماعات المعارضة ودفع بعضها للتطرف أو للانضمام إلى "داعش" و "القاعدة"، تأمل الدول الحليفة أن يتم دعم جهودها للخروج بجسم موحد للمعارضة المسلحة المعتدلة، كما تأمل الدول الحليفة أن يتم التعامل مع الميليشيات الشيعية المسلحة التابعة للحرس الثوري الإيراني في سوريا بنفس الطريقة التي يتم التعامل بها مع "داعش".
فيما يتعلق بالموقف من الأسد، فالجميع متفق على تحقيق عملية انتقال سياسي في المرحلة المقبلة، لكن ذلك لا يمكن أن يحصل في ظل وجود الأسد وزمرته في السلطة. الأسد يقول بكل ثقة إنه يتوقع أن يبقى في السلطة حتى العام 2021 على الأقل، وهو يؤكد مرارا وتكراراً أنه لا يؤمن حقيقة بانتقال سياسي. أمام هذا الوضع، فإن الخيارات المتاحة لتغيير حساباته معروفة كما كانت عليه منذ البداية، إما دعم المعارضة لإسقاطه بالقوة وإما الضغط على داعميه للضغط عليه لتحقيق الانتقال السياسي.
وما بينهما يجب أن يكون هناك تهديد حقيقي بتوجيه ضربات جوية محددة ونوعية للنظام السوري لإجباره على الامتثال للقانون الدولي ولمقررات مجلس الأمن خاصة فيما يتعلق بوقف قتل المدنيين واستهداف المنشآت المدنية وأماكن العبادة وإدخال المساعدات وتحقيق الانتقال السياسي.
ليس هناك أي اجتهادات أخرى، فالأمر واضح وضوح الشمس، وكل مناورة بعيداً عن هذه الحقائق تعني إعطاء الأسد وحلفائه المزيد من الوقت للقتل والتدمير، وهو ما يعني ولادة المزيد من المتطرفين والإرهابيين، والمزيد من الكوارث للمنطقة. خروج الأمور عن السيطرة بشكل واضح لن يخدم واشنطن، وإن كانت تعتقد بأنها بعيدة بما فيه الكفاية لتحمي نفسها من تداعيات سياسات إدارة أوباما، فهي مخطئة جداً. تسليم سوريا والمنطقة لروسيا وإيران سيزيد الأمور سوءاً، وما تم التحذير منه مسبقاً في هذا المجال تفاجأت إدارة أوباما برؤيته واقعاً في الأشهر القليلة الماضية.
عدوانية روسيا وإيران وسياساتهما التخريبية لم تقف عند حدود الملف السوري، وإنما امتدت إلى مسارح عديدة داخل المنطقة وخارجها، ووصلت إلى حد الاستهداف المباشر للمصالح الأميركية في أماكن عديدة حول العالم بما في ذلك داخل الولايات المتحدة نفسها.
ما لم يتم وضع حد لهذا الوضع الآن قبل الغد، فإنه سيكون من المستحيل عملياً فعل ذلك مستقبلا إلا من خلال التنازل لهذه الدول أو الدخول في مواجهة مباشرة معها. والمشكلة الأساسية في هذا الإطار أن التنازل أمام دول كروسيا وإيران أثبت تاريخياً أنه لا يؤدي إلا إلى تفاقم الأمور وإلى تشجيع هذه الدول على إظهار المزيد من السياسات العدوانية، وإبداء المزيد من التحدي والتصعيد.;