الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الرد الدولي على براميل موت النظام السوري؟

الرد الدولي على براميل موت النظام السوري؟

06.02.2014
داود البصري


الشرق القطرية
الاربعاء 5/2/2014
بعد فشل الجولة الأولى لمحادثات جنيف 2 حول الوضع السوري، والفشل المتوقع للجولة الثانية ولكل الجولات المحتملة وفقا للمؤاشرات التي تحرك وتدير أساليب النظام السوري التفاوضية، تبين للعالم أجمع ولكل من كان يشكك بمصداقية قوى المعارضة السورية الحرة حجم وطبيعة المراوغات المريضة التي يلجأ إليها النظام والتي ميزت إدارته لملفات الصراع منذ زمن مؤسس النظام حافظ الأسد الذي كان يتفاخر بالتلاعب بالزمن وبإطالة المفاوضات، رغم أن الزمن قد تغير، كما تغيرت حجم وطبيعة القضايا المطروحة والتي تحولت اليوم لتكون عملية إبادة ممنهجة للشعب السوري على يد نظام لم يترك أي وسيلة للإبادة الجماعية لم ينتهجها أو يستعملها ضد شعبه المنكوب، النظام ليس في وارد التنازل والخضوع لإرادة الشعب أو الإنحناء لحقائق الموقف الميداني البشع طالما أنه يحتقر قوى الشعب الحرة ويرفض الاعتراف بالمعارضة ويعتبرها مجرد مجاميع إرهابية! رغم إن الإرهابي الأكبر والأول هو النظام ذاته الذي ألحق بالشعب السوري في فترة المفاوضات خسائر مروعة عبر آلته الحربية وأسلحته القذرة، وخصوصا سلاح البراميل القذرة التي تعيث خرابا وموتا في الحواضر السورية وخصوصا مدينة حلب، وقد ترافق ذلك العبث العدواني مع المماطلة مع المجتمع الدولي بشأن تسليم وتدمير سلاح الجريمة الكيماوي الذي أباد به الآلاف في جريمة غوطتي دمشق في 21 أغسطس عام 2013، وهي جريمة بشعة استطاع الإفلات بخبث من تداعياتها ونتائجها مسجلا تخاذلا مريعا للقوى الدولية الفاعلة عن تنفيذ التزاماتها المعلنة، وخضوعها لابتزاز النظام السوري وسكوتها المريع عن جرائمه، مما أعطى الجميع انطباعا بأن النظام يستند لوسادة تأييد وتغطية دولية تحميه وتغطي جرائمه البشعة ضد الإنسانية والتي لا تزال مستمرة بطريقة بشعة، ورغم انكشاف صور وفظائع وفضائح الهولوكست السوري ضد الآلاف من المعتقلين وتسرب تلك الصور الصادمة والتي تتفوق على معسكرات الموت المنسوبة للنظام النازي في ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية، إلا أنه للأسف لاشيء تغير أو في طريقه للتغير الملموس، فالنظام سيظل يلعب على عامل الزمن وهو يسير لصالحه وليس لصالح القوى الحرة التي تعاني استنزاف رهيب من خلال الاختراقات الفظة لبعض الجماعات المتطرفة التي هي في حقيقتها صنيعة المخابرات السورية الخبيرة بصناعة الإرهاب وإنتاج أدواته ونشر مخلفاته.
وفي جنيف برزت حقيقة النظام ساطعة جلية أمام العالمين، وتأكدت سياسته المخاتلة وروحه العدوانية وعدم استعداده لمجرد مناقشة رحيل رأس النظام بطريقة سلمية وتفكيك عناصر الأزمة لصالح السلم الأهلي وحقن الدم السوري.
إن من يعرف واقع وحقيقة النظام السوري التكوينية وسوابقه التاريخية؛ يعلم مسبقا بأن ذلك النظام ليس في وارد الخضوع للإرادة الدولية بصورة طوعية، ولعل حادثة مصرع الطبيب البريطاني الجنسية عباس خان وموته عن طريق التعذيب البشع في سجون المخابرات يؤكد بالكامل بأن القرار ليس أبدا بيد الأطراف السياسية والدبلوماسية، بل بيد أهل الأمن والمخابرات الذين وحدهم وليس غيرهم من يقرر مستقبل المفاوضات ومسارها وحتى نتائجها، كما أن تكتيك النظام حاليا يستند لإيقاع أكبر وأقسى الخسائر بالشعب السوري الحر، وبارتكاب مجازر بشرية مروعة أين منها مجازر الصرب ضد المسلمين أيام حرب البوسنة، والنظام لايفهم أو يجيد أو يتعامل إلا مع لغة واحدة وهي لغة القوة وبشكلها المفرط أيضا، فتقديم سلاحه الكيماوي للعالم لتدميره قد جاء بعد تهديد وتحرك عسكري أمريكي شرق المتوسط !، واليوم.. مالم يستعد حلف الناتو لمساندة الشعب السوري والتدخل المباشر في النزاع وكسر أيادي النظام الطويلة ومنع تحليق طائراته الحاملة لبراميل الموت وممارسة أقصى أنواع الضغوط العسكرية والسياسية، فإن النظام لن يتورع عن اقتراف جرائم إبادة جديدة، فالكرة اليوم في ملعب القوى الدولية الفاعلة والتي تستطيع وحدها حسم الأمور فيما لو حسنت النوايا، ولابد من رد دولي حاسم على نظام ذهب بعيدا في سلوك درب الإجرام والإرهاب ضد شعبه.