الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الروس تمادوا كثيراً والحرب الإقليمية بدأت

الروس تمادوا كثيراً والحرب الإقليمية بدأت

18.02.2016
صالح القلاب



الرأي الاردنية
الاربعاء 17/2/2016
 هل فعلاً ستكون هناك حرب عالمية ثالثة كما هدد رئيس الوزراء الروسي ديمتري مديفيديف وكما هدد غيره وكما تشير كل التدخلات الخارجية في سورية التي لم يعد بالإمكان تحديدها وحصرها بدقة وبدون زيادة أو نقصان ؟!
لم تكن الأمور معقدة في أوروبا على هذا النحو عندما انطلقت شرارة الحرب العالمية الأولى من سراجيفو, عندما كانت تابعة للإمبراطورية النمساوية, ولم تكن الأمور معقدة أيضاً عندما اندلعت الحرب العالمية الثانية كما هي معقدة الآن في سورية فهناك صراع دولي بلغ ذروته ووصل إلى نقطة الانفجار بعد الاحتلال العسكري الروسي لهذا البلد العربي وهناك تنظيمات مسلحة، كل تنظيم منها له دولته الخاصة وله جيشه وله سجونه وله قوانينه وله حروبه والتقديرات الأخيرة, إذا أضفنا الميليشيات الطائفية التي استوردتها إيران, تشير إلى أن هناك على أرْض هذا البلد أكثر من ستين تنظيماً كبيراً وصغيراً وهذا غير امتدادات الدول الكبرى والصغرى التي لكل واحدة منها امتداداتها وأجهزتها الأمنية وقواها السرية والعلنية.
وهكذا فإن واقع الحال, وبخاصة بعد الغزو العسكري الروسي وبعدما أصبح القرار الرسمي السوري في يد فلاديمير بوتين وليس في يد بشار الأسد, يشير إلى أن ما هدد به ميدفيديف, الذي ظهر على الشاشة متأخراً, قد يحدث في أي لحظة وأن الحرب بامتداد تداخل كل هذه التشكيلات العسكرية قد تندلع في أي لحظة.. لكن هل أن هذه الحرب ستكون حرباً عالمية ثالثة وحرباً كونية أم أنها ستكون محدودة هدفها تحسين المواقع وعلى غرار ما يجري الآن في حلب وإدلب وعلى الحدود السورية – التركية ؟!
وهنا, ونحن بصدد البحث عن إجابات لأسئلة كثيرة تزداد يوماً بعد يوم, فإنه لا بد من الأخذ بعين الاعتبار أنَّ أميركا باتت تتعامل مع هذه الأزمة العاصفة وكأنها خرجت من هذه اللعبة, فعلياً وعملياً بصورة نهائية, وذلك بينما اتخذت الدول الأوروبية بمعظمها إنْ ليس كلها, كما هو واضح, حالة الانكفاء السلبي على الذات بعد تلك الضربة الإرهابية في باريس التي ستكشف الأيام المقبلة أنَّ أصابع الذين أوصلوا الأمور إلى ما وصلت إليه غير بعيدة عن هذه الضربة والمقصود هنا تحديداً هو هذا النظام السوري وهو إيران وربما أنَّ روسيا على علم مسبق بما حدث ولكن بدون أن تكون متورطة فيه بصورة مباشرة.
ولهذا ولأن الولايات المتحدة قد انسحبت من الميدان تدريجياً ولأن الدول الأوروبية الفاعلة قد "انكمشت" على نفسها وباتت تكتفي بالتصريحات الموسمية فقد سارعت روسيا إلى ملْء الفراغ عسكرياً وسياسياً وأصبحت تشكل الرقم الرئيسي في هذه المعادلة الخطيرة متكئة على بؤس الموقف الأميركي في عهد هذه الإدارة التي على رأسها باراك أوباما.. ما يعني أنه قد تكون هناك حربٌ إقليمية لكن لن تكون هناك الحرب العالمية التي هدد بها ديمتري ديفيديف.
وحقيقة أنه إنْ لم يكن هناك تحرك سريع لبروز كتلة عربية – تركية تتصدى للروس والإيرانيين حتى وإنْ اقتضى الأمر اندلاع حرب إقليمية فإن الروس سيلغون سايكس – بيكو سيئة الصيت والسمعة وسيرسمون خريطة جديدة لهذه المنطقة ستكون أسوأ منها وسيكون اللون الرئيسي فيها هو لون الأقليات المذهبية والدينية والعرقية المتحالفة وكل هذا سيكون على حساب عرب هذه المنطقة: "الهلال الخصيب والجزيرة العربية" وبالتالي وبالطبع على حساب الأمة العربية