الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الروس والإيرانيون.. زواج مبادئ أم نزوة سياسية موقتة

الروس والإيرانيون.. زواج مبادئ أم نزوة سياسية موقتة

01.12.2015
د. فايز بن عبدالله الشهري



الرياض
الاثنين 30/11/2015
    يحقق الإيرانيون بعض النجاح التسويقي الواضح بعد الاتفاق النووي مع الغرب وذلك من خلال إثارة لعاب الشركات والمسؤولين في أوروبا للحصول على عقود ومشروعات في بلد ضخم توقفت فيه التنمية الحقيقية لعدة عقود. ولكن العين الفارسية ظلت تغازل الجارات الكبرى الصين وروسيا والهند لأسباب مصلحية معلومة.
وكان القيصر "بوتين" الأجرأ في استثمار الفرصة من خلال اتفاقيات جديدة مع طهران والشروع في تسليمها منظومة صواريخ "أس 300" بالتزامن مع الزيارة التاريخية التي قام بها مؤخراً إلى إيران.
في هذه الزيارة وعلى غير العادة توجه "القيصر بوتبن" من المطار مباشرة إلى مجلس "المرشد" علي خامنئي، بل ومضى "بوتين" سليل ثقافة "الدين أفيون الشعوب" بعيداً فأهدى خامنئي نسخة (مخطوطة) قديمة من القرآن الكريم في لقاء امتدّ إلى قرابة الساعة والنصف. وبالطبع لم يبد المستضيف عتبه حول استسلام الروس لقرارات الغرب بمقاطعة بلاده. كما أن المرشد لن ينكأ جروح الفرس القديمة بعد إجبارهم على القبول بتوقيع اتفاقية "تركمان جاي" عام 1828 التي اقتطعت مساحات شاسعة من أراضي بلاد فارس لصالح روسيا.
هنا لا مناص من قبول التاريخ فما يأمل الإيرانيون من الروس اليوم هو تحديث أسلحتهم القديمة خاصة وأن نصيب صناعة السلاح الروسية تجاوز 300 مليار دولار خلال الخمس والعشرين سنة الماضية. كما يطمح الإيرانيون في مساعدة الروس لاستكمال بعض الجوانب الفنية في مفاعلات محطة بوشهر النووية. هذه المحطة التي ظلت محل جدل ورمزاً وطنياً إيرانياً ما جعل الجيش العراقي يستهدفها – على عين الروس- بثماني غارات جوية عام 1984 فأعاد المشروع إلى مراحله الأولى.
اليوم عهد جديد؛ فإيران وروسيا ترعيان تنسيق المواقف من خلال تجمّع الدول المطلة على بحر قزوين ومنتدى الدول المصدرة للغاز الذي يضم في عضويته مع إيران وروسيا عدداً من الدول ومن بينها خمس دول عربية هي: الجزائر وقطر وليبيا والإمارات ومصر.
وفي كل الأحوال ستتبقى "سورية" مختبراً لطبيعة العلاقة بين الروس والإيرانيين فإما أن تتعزّز الثقة بين الطرفين أو تعود العلاقات إلى مستوى لا يتمناه "الملالي" بشكل خاص.
الواضح في الشأن السوري أن هناك نقاط خلاف بين الطرفين منها عدم رضى الروس عن نشاط ميليشيات "حزب الله" إلى جوارهم، وامتعاضهم من شروع الإيرانيين في إنشاء مليشيا "قوات الدفاع الوطني" في سورية حيث يرى الروس أن الأجدر إدماجها في الجيش النظامي.
أمّا الإيرانيون فيتحايلون وفي عيونهم نجاحات استزراع ميلشيات "الحرب بالوكالة" في عدة بلدان عربية ونموذج الرائد "حزب الله" المتحكم في مصير اللبنانيين وخياراتهم. وهو ذات المشروع في اليمن بامتطاء الحوثيين، وعلى نفس الاتجاه أسسوا ميليشيات الحشد الشعبي في العراق تحت إشراف عناصر الحرس الثوري.
أما من جهة الغرب فهناك خبراء يحذرون من التقاعس الغربي عن فكّ هذا التحالف بين الروس والإيرانيين الذي قد ينشئ معه – حال نجاحه- حفنة حلفاء حمقى يسيطرون على المنطقة الممتدة من آسيا الوسطى إلى الشواطئ الشرقية للبحر الأبيض المتوسط.