الرئيسة \  واحة اللقاء  \  السعودية.. وإطفاء الفتنة السورية

السعودية.. وإطفاء الفتنة السورية

14.12.2015
د. عبدالله العوضي


الاتحاد
الاحد 13/12/2015
طوال المسيرة المباركة لمجلس التعاون وفي تاريخ انعقاد القمة في المملكة العربية السعودية، لم يحدث أن تزامنت قمة التعاون مع أي حدث آخر في الرياض. إلا أن الواقع السياسي العربي القطري والإقليمي قد تغير بمقدار 180 درجة وفق الحسابات الرياضية والسياسية في آن واحد، وهو ما حدى بالسعودية أن يتزامن مؤتمر المعارضة السورية وهو بحد ذاته غير مسبوق لأي دولة خليجية فضلاً عن العربية في استقبال المعارضات للأنظمة والدول التي اعتادت أن تتبع سياسة واحدة غير متغيرة طوال عقود مضت على تجمد الأوضاع العربية حتى حلت مآسي "الربيع العربي" الموهوم في سماء النظام العربي بشكل عام.
وتحسب للسعودية على وجه خاص ولدول الخليج كافة على وجه العموم نقطة استحقاق غير مسبوقة في التاريخ السياسي للمنطقة حتى تسارعت السعودية بالمبادرة الثانية في تاريخها المشرق من أجل ردم ما يُتمنى ردمه في سوريا العرب رغماً عن أنف "الفرس" هناك.
فالمبادرة الأولى كانت في الطائف عندما قامت السعودية بإطفاء نار الفتنة الطائفية البغيضة في لبنان الحضارة التي كادت تذهب سدى للمصالح السياسية الضيقة وليس للوطن القيم.
صحيح أن ما تم التوصل إليه من قبل المؤتمرين هناك يعتبر بداية الحل، لأن الميدان دائماً القول الفصل، فمن يملك الأرض يتحكم في المصير حتى لو ملك الآخر سماء الحق.
إن السعودية قادرة على الفعل كما نجحت في ذلك بلبنان إلى الآن حتى عندما تدخل "حزب الله" لممارسة الخراب والدمار من جديد، فإن اتفاقية الطائف التاريخية مازالت سارية المفعول.
إن بريق الأمل في السعودية سوف يؤتي أُكله إذا ما التزمت المعارضة بما أقرت به من طريق الديمقراطية والتعددية لمصلحة كل أطياف سوريا من دون إقصاء لأي فريق على حساب الآخر مع الاتفاق على عدم قبول وجود "الأسد" على رأس النظام السوري في المستقبل.
إن سهم المستقبل السوري انطلق من أرض المملكة التي آوت "المعارضة" السورية لأنها موجودة فلا يمكن تجاهلها، مع الاعتراف بأن هذه الواقعية السعودية الجديدة تحسب للملك سلمان الذي أدرك حقائق الأمور على الأرض السورية التي تنهشها الذئاب من كل حدب وصوب وعلى رأسها النظام الحاكم ورجالاته الذين رضوا بهدم الدولة السورية والوطن السوري العزيز بأيديهم وأيدي الآخرين من الفرس والروس.
إن الشقيقة الكبرى في التعاون الخليجي اليوم تعيش ظرفاً مختلفاً مقارنة بكل العهود التي مرت عليها قرابة أكثر من ثمانية عقود من النشأة السياسية المعاصرة.
إن التغير في السياسة الخارجية السعودية أصبح واضحاً الآن وخاصة وهي تقيم تحالفاً عربياً لإخراج اليمن من براثن النفوذ الإيراني بعمالة "الحوثيين" وتعاون "الصالحيين" والذهاب بعيداً في ذلك مع "المرتزقة" من أفريقيا وبلدان لا نعلم عنها لهدم الشرعية والديمقراطية لحكومة هادي.
فالنقاط التي تم الاتفاق عليها في مؤتمر المعارضة بحاجة إلى دعم خليجي وعربي وعالمي لأن إطفاء الفتنة الأهلية في سوريا لمصلحة الجميع، أما من يسعون إلى إلقاء المزيد من الوقود في نيرانها، فهم من يكتوون بنارها، فكل من يساهم في إطفائها سوف ينجو من أوزارها لأنه الحق الأبلج، فالسعودية اليوم تمارس سياسة الواقع بدل الجدل الطويل حول النظريات السياسية المناسبة لحل الأزمة السورية، فالخطوة السعودية تجاه سوريا إضافة محسوبة لمصلحة رؤيتها المبشرة لخير سوريا الدولة والوطن قبل الاحتراق الأخير.