الرئيسة \  واحة اللقاء  \  السعودية وإيران في حرب مكشوفة

السعودية وإيران في حرب مكشوفة

07.11.2013
سركيس نعوم


النهار
الاربعاء 6/11/2013
اللبنانيون وفي مقدمهم رئيس مجلس النواب راهنوا على تفاهم بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية يُنهي الأزمات اللبنانية المزمنة والحديثة، وذلك بعدما راهنوا سابقاً على تفاهم مماثل ولكن بين المملكة وسوريا بشار الأسد (سين – سين). وانطلقوا في رهانهم هذا من حقيقتين ثابتتين على الأقل حتى الآن، الأولى قرب فريق لبناني مهم من السعودية لاعتبارات معروفة، واعتماده على دعمها السياسي العربي والدولي فضلاً عن الدعم المادي. والأولى أيضاً قرب فريق لبناني آخر مهم من إيران التي تعتبره جزءاً منها، وخصوصاً بعد تبنّيه إيديولوجيتها الإسلامية، والتي لم تبخل عليه يوماً، وخصوصاً منذ غزو إسرائيل لبنان عام 1983، بالسلاح والتدريب والمال والحماية. أما الحقيقة الثانية فهي انتهاء الدور اللبناني التوافقي لسوريا والدور الاقليمي بسبب الثورة الشعبية التي اندلعت فيها ضد نظام الأسد، وبسبب تحوّلها لاحقاً حرباً أهلية مذهبية وطائفية. وهي أيضاً حلول إيران الإسلامية مكانها نظراً إلى تحالفها مع النظام الأسدي وإلى إمكاناتها الكبيرة المتنوعة.
ولم يكن اللبنانيون وحدهم في الرهان على تفاهم الرياض وطهران. إذ قام العراقيون برهان مماثل وخصوصاً بعدما سحبت أميركا قواتها العسكرية من بلادهم، وبعدما عادت أجواء الحرب الأهلية من مذهبية وأثنية وطائفية إلى الحياة العراقية اليومية. وانطلق هؤلاء في رهانهم المذكور من حقيقتين ثابتتين على الأقل حتى الآن. الأولى تحوّل المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية طرفاً في الانقسامات الحادة بين مكوّنات الشعب العراقي وفي صراعاتها الدامية ومقدرتهما، رغم ذلك وبسببه كما بسبب الزعامة الأقليمية المهمة ذات الأبعاد الدولية لكل منهما، على المساعدة في إيصالها إلى حلول نهائية، وفي قيام دولة عراقية حقيقية مستقرة ومستمرة. أما الثابتة الثانية فهي تمسك جهات عراقية شيعية بضرورة انفتاح العراق والمملكة بعضهما على بعض، وذلك انطلاقاً من الإيمان القاطع بأن ما يجمع الدولتين نهائي وهو، إلى الإسلام، العروبة. وانطلاقاً من الاقتناع بمقدرة العراق على القيام بدور توفيقي بين الرياض وطهران جارَيْه اللدودين سواء في اثناء حل المشكلات العراقية أو بعد حلها.
هل أصاب اللبنانيون والعراقيون برهانهم على تفاهم سعودي – إيراني لحل المآسي في بلديهما؟
الواقع القائم في كل من لبنان والعراق يؤكد يوماً بعد يوم أن الفشل كان مصير الرهان المذكور. ونجاحه كان ممكناً لو كانت علاقة "المملكة" و"الجمهورية الإسلامية" مثل علاقة الأخيرة بتركيا، أي علاقة تعاون إقتصادي تمليه مصالحهما، وتعاون كردي تمليه مصالحهما أيضاً، وتشاور أقليمي في أزمات المنطقة وخصوصاً بعد "بزوغ الربيع العربي"، وذلك رغم اختلاف مواقفهما من دموية هذا الربيع وخصوصاً في سوريا. لكن علاقتهما لم تكن يوماً كذلك. فالدولتان في حال اقتتال وتصارع مستمرين. مرة في السياسة، ومرة في العمليات الأمنية، ومرة في الحروب العسكرية أو الميليشياوية. وليس في هذا الوصف تجنياً على أحد. فالخوف السعودي من توسعية الثورة الإسلامية بدأ فور انتصارها في إيران. وكان أحد أبرز أسباب دعم عراق الرئيس الراحل صدام حسين بعد غزوه أراضيها وحربه معها على مدى سنوات طويلة رغم الخوف من أطماعه التوسعية وطموحاته أيضاً. وتصاعد بعد نجاحها في تحويل سوريا حافظ الأسد من دولة متحالفة معها إلى دولة تدور في فلكها وتعتمد على مساعدتها المالية والعسكرية، كما على مساعدات حلفائها في لبنان. وبلغ الذروة بعدما صار لبنان قسمين في رأيها واحد "إيراني" قوي عسكرياً ومالياً وتنظيمياً وآخر "سعودي" لا يمتلك ذراعاً عسكرية، ويفتقر الى التنسيق والتفاعل بين أطرافه. كما بلغ الذروة يوم وجدت السعودية نفسها مضطرة إلى التدخل في البحرين عسكرياً لمنع قيام نظام "إيراني" السياسة والمذهب معاً. هذا الخوف معطوفاً عليه التحالف مع أميركا دفع السعودية الى كشف حربها التي كانت بالوكالة مع إيران، انطلاقاً من مبدأ أن عدم قتالها في سوريا ولبنان والبحرين سينقل المعركة معها لاحقاً إلى أراضي المملكة. والخوف نفسه شعرت به دائماً إيران ولكن من أميركا ومن حلفائها العرب وفي مقدمهم المملكة. فارادت دوراً أقليمياً واسعاً لإزالته، ونجحت في تأمين معداته وأدواته المادية والبشرية.
ماذا عن محاولات التوفيق بين الرياض وطهران؟