الرئيسة \  واحة اللقاء  \  السلاح الكاسر للتوازن

السلاح الكاسر للتوازن

15.05.2013
موناليزا فريحة

موناليزا فريحة
النهار
الاربعاء 15 /5/2013
كثيرة هي التناقضات التي تتسم بها الازمة السورية. ولعل آخرها وليس الاخير الاتفاق المفاجئ على مؤتمر دولي حول سوريا وسط استعدادات للحرب الكبرى وصفقات السلاح الكاسر للتوازن.
ليست المرة الاولى تعلن موسكو نيتها تسليم النظام السوري صواريخ "اس – 300" المضادة للطائرات، فهي لا تنفك تلوح بتنفيذ عقود مبرمة بينها وبين كل من سوريا وايران، الا أنها في كل مرة كانت تتراجع عن ذلك تحت ضغوط دولية. فمع أن شحنات الاسلحة الروسية لسوريا، بما فيها صواريخ للدفاع الجوي وأنظمة مدفعية، لم تتوقف، وشكلت مع الاسلحة الايرانية ترسانة للنظام السوري، امتنعت موسكو حتى الآن عن تزويدها هذه الصواريخ المتطورة. لكن رئيس ديبلوماسيتها سيرغي لافروف لم يتوان الاسبوع الماضي عن المجاهرة بأن بلاده تضع اللمسات الاخيرة على عقود سابقة لتسليم سوريا أنظمة دفاع جوي، متفاديا تحديد ما اذا كانت منها بطاريات "اس – 300".
منذ نشوب الازمة السورية، ترفع موسكو راية الحل السلمي. تتذرع بالمواثيق الدولية لرفض اطاحة نظام الاسد بالقوة وتقوض قرارات مجلس الامن الرامية الى تشديد العقوبات عليه، بينما تمضي في تحصينه سياسيا وتعزيز قدراته عسكريا. ومع دخول الازمة مرحلة جديدة، بعد الغارتين الاسرائيليتين على مواقع عسكرية في محيط دمشق، وتزايد الضغوط على واشنطن للتدخل بحجة تجاوز الاسد "الخط الاحمر" الذي رسمه الرئيس باراك أوباما، تبدو موسكو عازمة على تغيير قواعد اللعبة عسكريا. فمع صواريخ ذات كفاية عالية يبلغ مداها 200 كيلومتر وقادرة على تعقب اهداف عدة واسقاطها في وقت واحد، ستسجل القدرات الدفاعية الجوية السورية قفزة نوعية. ولا شك في أن موسكو "الحريصة" على عدم تكرار السيناريو الليبي في سوريا، تسعى بذلك الى تقويض أي مشروع غربي لشن غارات جوية على النظام او اقامة منطقة حظر طيران فوق سوريا او التدخل لتفكيك أسلحة كيميائية او فرض طوق أمان حولها. ولا يتوهم أحد أن نتنياهو الذي ترعبه فكرة وصول مثل هذه الاسلحة الى "حزب الله" سيكون قادرا على اقناع بوتين بالتراجع عن قراره اذا كان هو حقا عازما على اتمام هذه الصفقة. وليس تحذير الرئيس الروسي أمس في حضور رئيس الوزراء الاسرائيلي من أي عمل من شأنه التسبب بمزيد من زعزعة الاستقرار في سوريا، الا تهديد يتجاوز اسرائيل الى دول المنطقة والغرب.
مع "أس – 300" ومن دونها تمضي موسكو في استراتيجيتها مشاكسة الغرب، وإن يكن على حساب دم الشعب السوري. لم تترك مجالا ليصدق العالم كلام لافروف عن أن بلاده غير معنية بمصير أشخاص، وأن المؤتمر الدولي سيشكل فرصة حقيقية لحل سلمي. مجددا، أثبتت انها ليست معنية بمصير بلد وشعب، وأنها مستعدة لكسر أي توازن قد يخل بتطلعاتها الى عودة مظفرة الى الساحة الدولية او يعرض مصالحها للخطر.