الرئيسة \  واحة اللقاء  \  السلاح يستحضر السلاح

السلاح يستحضر السلاح

20.06.2013
علي حماده

النهار
20/6/2013
 
الاشتباك المسلح الذي شهدته مدينة صيدا الكبرى (عبرا) ليس الاول، وبالتأكيد لن يكون الاخير. والسلاح الذي يتحكّم في واقع لبنان هنا وهناك بدأ احاديا وقريبا سيصبح متعددا. ومن كان في مرحلة من المراحل يخاف سلاح فريق، نزع الخوف من قلبه ويتشجع على التماهي مع سلاح خارج على الشرعية اعتدى ويعتدي على الناس، ويتحكم في المعادلة السياسية في البلاد، وفي كل مرة ينشب خلاف يحتكم الى القوة بالسلاح، وفوق ذلك كله يواصل كسر التوازنات الدقيقة بلا هوادة. نراه يؤكد اليوم من خلال الاعلان الصريح عن التورط في حرب سوريا أنه ليس سلاحا لبنانيا بل سلاح اقليمي يتحكم فيه مشروع خارجي مؤداه في النهاية تدمير الصيغة اللبنانية وتحطيم النظام واشعال نار حرب اهلية.
ليس المهم البحث عن اسباب الاشتباك الخطير - نعم الخطير - البارحة بمقدار ما تكمن الاهمية في البحث عن جذور المشكلة: سلاح "حزب الله" الذي يمثل اعلى درجات التهديد على لبنان والعيش المشترك فيه. واذا كان "حزب الله" يعتد بقوته وجبروته على اللبنانيين، فإن على قادته ان يتبصروا جيدا في حقيقة مفادها ان الايغال في حقن الناس، وحشرهم، وكسر الكرامات الفردية والجماعية لا يفضي إلا الى اشعال حرب اهلية في لبنان. ومن كان يخاف قوة "حزب الله" سيصل الى مكان يجعله لا يعبأ بموازين القوى، ومن كان لا يملك السلاح في وقت من الاوقات، ليس اسهل من امتلاكه اليوم، ومن كان يؤمن بالدولة حامية للجميع، وبالجيش مرجعية امنية ضامنة للاستقرار، ولسلامة المواطن، سرعان ما سيصل الى اقتناع مغاير خلاصته ان لا حماية للافراد والجماعات سوى ضمن طوائفهم، وان السلاح الوطني الشرعي لا يحمي، في حين ان الامن الموازي اكثر نجاعة.
ان ما حصل في صيدا مؤشر الى ان اموراً تتغير نحو الاسوأ ما لم يسارع "حزب الله" الى التعقل والنزول بين البشر: لا يمكنكم التعويل طويلا على قوتكم وعلى خوف الناس وتعقّلهم.
و اذا كان ثمة من يبعث برسائل تحذيرية الى العاقلين حتى اليوم بأن صيدا هي طريق ما يسمى زورا "مقاومة" او هي بوابة عبور لثلاثة ارباع المليون من ابناء الجنوب، ومن هنا يمكن رد الفعل على اي انتفاضة ان يقابل بمثل ما حصل في القصير، فإن الاجدى بمن يطلقون التحذير الدموي ان يسارعوا هم الى معالجة الشواذ الذي سبّبوه ليس في صيدا فحسب بل في كل لبنان.
و في النهاية، هل يحتل "حزب الله" كل لبنان دفعة واحدة؟ وهل ينقض على الجميع في كل مكان، وفي ظنه انه سيستقبل بنثر الأرز على رؤوس ميليشياته؟
جلّ ما يمكننا قوله لاصحاب منطق السلاح، سلاحكم يستحضر سلاحا مقابلا.