الرئيسة \  واحة اللقاء  \  السنّة قالوا بـ"لبنان أولاً" بعد الوصاية السورية هل يقولها الشيعة بعد وصاية إيرانية؟

السنّة قالوا بـ"لبنان أولاً" بعد الوصاية السورية هل يقولها الشيعة بعد وصاية إيرانية؟

24.08.2013
اميل خوري

النهار
السبت 24/8/2013
متى يصبح ولاء قيادات كل المذاهب والطوائف والاحزاب للبنان من دون سواه ومصلحته فوق كل مصلحة؟
في الماضي كان الموارنة راضين بالانتداب الفرنسي لأنه كان يميزهم عن شركائهم الآخرين ويمنحهم امتيازات كانوا يعتبرونها ضمانات، إلا ان بعض قادتهم كانوا يصطدمون أحياناً مع المفوضين الساميين عندما يتصرفون وكأنهم يعرفون مصلحة لبنان أكثر من ابنائه. وعندما انتهى الانتداب الفرنسي اصبحت الخلافات بين القيادات اللبنانية تحسمها نتائج الانتخابات النيابية، فمن يفوز فيها بالاكثرية كان يحكم والاقلية تعارض، واصبح لبنان بالنسبة الى الموارنة هو اولا بعدما جربوا سياسة الانتداب فكانت احيانا سياسة آمر لمأمور. ولم يكن المسلمون السنّة يومئذ مع لبنان أولا لأنهم كانوا مرتبطين بدول عربية ويتأثرون بها، وزاد هذا الارتباط عندما قام حكم الرئيس عبد الناصر في مصر الذي كان يساندهم ويحقق لهم التوازن الداخلي مع شريكهم المسيحي. وعندما خضع لبنان للوصاية السورية وذاق اللبنانيون ومنهم المسلمون مرارتها اذ بات تشكيل الحكومات وتعيين الوزراء يتم بتدخل كل مسؤول سوري، وفقدت السلطة اللبنانية قرارها الحر، عندها ادرك المسلمون السنة ظلم الوصاية كما ادرك المسيحيون قبلهم ظلم الانتداب فالتقوا على شعار "لبنان أولاً".
أما الطائفة الشيعية فكانت زمن الامام المغيب موسى الصدر وزمن قياداتها من ابطال الاستقلال امثال الرؤساء احمد الاسعد وصبري حمادة وعادل عسيران وبعدهم جيل آخر من اللبنانيين الوطنيين الاقحاح امثال كامل الاسعد وحسين الحسيني ونبيه بري، كان ولاؤهم للبنان اولا، وولاء لبنان لهم بازالة الشعور بالغبن والحرمان. وكان الامام المغيب موسى الصدر القيمة والمنهج، والذي كان كلما نأى السلم عن لبنان ولاحت نذر الفتنة كما الآن، أقفل بابها، وكان لبنان في رؤيته ورؤياه لوحة قوس قزح لا يكتمل ولا يحلو الا بألوانه جميعا، ولا يطغى فيه لون على لون كما يقول فيه العلامة السيد هاني فحص.
هل من عودة شيعية الى نهج الامام الصدر وقيمه والى مشروعه الوطني اللبناني الذي يجعل الولاء للبنان اولا فتكتمل حلقته بانضمام الشيعة اليه بعد المسيحيين والسنة فيصبح لبنان في منأى من الاخطار الداخلية والخارجية؟
يقول سياسي مخضرم إن الشيعة بقيادة "حزب الله" سوف يتأكدون كما تأكد الموارنة والسنة أن الارتباط بأي خارج يجعلهم رهينة وتابعين لتعليماته وتوجيهاته إن لم يكن لأوامره، وهو ما فعله الانتداب الفرنسي ثم الوصاية السورية، وقد وصل القيمون عليها الى حد جعلهم يرفعون اصابعهم ساعة يشاؤون ويخفضونها ساعة يشاؤون والمتمردون منهم يعاقبون بشتى الوسائل. فهل ارتباط "حزب الله" بإيران سيكون أرحم من الوصاية السورية اذا حصلت؟
لقد أوعزت ايران الى "حزب الله" فكانت حرب تموز 2006، وأوعزت اليه بالتدخل عسكريا في سوريا فانعكس ذلك سلبا على امن لبنان واستقراره وبات تشكيل حكومة جديدة صعبا، الامر الذي يزيد قلق اللبنانيين على غدهم بحيث بات تشكيلها مؤشر تفاؤل وعدم تشكيلها مؤشر تشاؤم.
فهل يكرر "حزب الله" خطأ ما أصاب الموارنة والسنّة نتيجة ارتباطهم بالخارج قبل ان يقولوا لبنان اولا ويقولوا بحياد لبنان خصوصا عندما يكون العرب مختلفين، بغية وضع حد لانقسام اللبنانيين بين المحاور المتصارعة وجعل لبنان ساحة مفتوحة لها؟
لقد اكد "حزب الله" في الوثيقة التي أعلنها في كانون الاول 2009 متابعة مسار المقاومة والممانعة التصاعدي وصولا الى إمالة موازين القوى في المعادلة الاقليمية لمصلحة المقاومة وداعميها، مشيرا الى ان العالم يمر في سياق تحولات تاريخية تنذر بتراجع الولايات المتحدة كقوة مهيمنة وتحلل نظام القطب الواحد المهيمن وبداية تشكيل مسار أفول متسارع لكيان اسرائيل. ورأى ان المقاومة بعدما نجحت في تحقيق الانتصار وتحرير الارض فإنها مضت في مسيرتها وتطوير مشروعها من قوة تحرير الى قوة توازن ومواجهة.
وأكد الحزب في وثيقته انه يريد لبنان واحدا موحدا ارضا وشعبا ودولة ومؤسسات ورفض اي شكل من اشكال التقسيم او الفدرلة، الصريحة او المقنعة، ويريده سيدا حرا مستقلا منيعا وقويا، وان يكون له دولة عادلة وقادرة ونظام سياسي يمثل بحق ارادة الشعب وتطلعاته الى العدالة والحرية والامن والاستقرار والرفاه، وما دام النظام السياسي يقوم على اسس طائفية، فإن الديموقراطية التوافقية تبقى القاعدة للحكم في لبنان.
هل ما يقوم به "حزب الله" حاليا هو تطبيق لمضمون الوثيقة خصوصا ما يتعلق بالمحور الايراني – السوري، اذ رأى تراجعا اميركيا نتيجة فشل "الحروب الاستعمارية الجديدة" وبفعل الازمات المالية والاقتصادية الكبيرة، فقرر دعما لهذا المحور ولهذا الواقع الدولي التدخل عسكريا في سوريا تحقيقا لقول خامنئي قبل سنوات انه سيهزم اميركا في لبنان؟