الرئيسة \  برق الشرق  \  السوريين تسوّل وتشرد وضياع

السوريين تسوّل وتشرد وضياع

06.05.2015
المركز الصحفي السوري


علي الحاج أحمد 4/5/2015
المركز الصحفي السوري
إن الأزمة التي تعصف بالبلاد منذ 15 آذار مارس 2011 قد حولت الكثير من العائلات السورية إلى متسولين، وذلك بسبب الفقر وغياب فرص العمل والنزوح واللجوء وارتفاع الأسعار، فيما يمارس البعض أعمال التسول طمعاً بالمال الذي قد يجنيه من عمله هذا، حتى بات مهنة متوارثة في بعض العائلات.
التسول هو طلب مال، طعام، أو المبيت من عموم الناس باستجداء عطفهم وكرمهم إما بعاهات أو بسوء حال أو بالأطفال بغض النظر عن صدق المتسولين أو كذبهم، وهي ظاهرة أوضح أشكالها تواجد المتسولين على جنبات الطرقات والأماكن العامة الأخرى.
جحيم النيران المشتعلة التي هدّمت البيوت وشردت الناس جعل التسول أمر طبيعي، وجحيم الحرب جعل من السماء لحاف ومن الأرصفة فراش لمن لا قدرة له على إستئجار المنازل، فالتسول في هذه الظروف أمر طبيعي وهذه الظاهرة نراها بشكل دائم فلماذا نقول السوري لا يتسول! إنه يتسول لأن ظروفه قاهرة وصعبة، ولا جدوى إلا التسول فالغالبية العظمى منهم لا يملكوا ما يسد رمق العيش إلا لبرهة من الزمن، والمشكلة الأساسية التي تعترض السوريين هي فرص العمل التي باتت قليلة بل معدومة.
"عامر" (ابن 13 عام ) هذا الفتى الذي أكل التعب والإرهاق من جسده الصغير، ليجمع ثمن علبة الدواء لأمه المريضة بسرطان الثدي، يعيش "عامر" وحيداً مع أمه المريضة في منزلٍ صغير بريف إدلب الجنوبي، وهو ينتظر والده المعتقل منذ عامين عند نظام الأسد، يخرج "عامر" صباحاً إلى القرى المجاورة، ليبيع بعض الحلوى التي تصنعها له أمه، ويشتري منه بعض الأطفال والبعض الآخر يعطيه المال بدون مقابل، ليعود في نهاية اليوم وقد جمع مبلغاً لايتجاوز  700 ليرة سورية، يجع "عامر" المال ليشتري في نهاية الأسبوع علبة الدواء لأمه، حيث تحتاج اسبوعياً إلى علبة دواء بـ 5 آلاف ليرة سورية.  
"أبو صالح" لديه دكان صغير في الشارع الرئيسي يقول: إن ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة أصبح يدفع الكثير من المواطنين الفقراء إلى ممارسة مهنة التسول، لأنه ما من طريقة أخرى بنظرهم لكسب الأموال، ولا أحد ينكر بأن سوريا تمر بأزمة خانقة وهناك الكثير أصبح عاطلاً عن العمل لذلك وجدوا التسول أفضل طريقة  لكسب الأموال، لايكاد يأتي يوم إلا ويدخل على دكاني أحد المتسولين، وأضاف أيضاً: ليس بالضرورة أن يكون المتسول معدوما، فبعضهم قد أمتهن التسول ويجمع منه أكثر بكثير من قوت يومه، بل يصل به الآمر ليجعل الأسرة بأكملها تتسول وفي الشوارع والأسواق وأمام المساجد بطريقة مزعجة جداً للمارة حيث يكون إصرارهم وتذللهم سيء للغاية.
أشارت صحيفة "لوموند" الفرنسية في تقرير لها أن عدد النازحين السوريين الذين يمارسون التسول في إسطنبول قلب العاصمة الاقتصادية التركية يزداد باستمرار ويزعج  سكان المدينة، الذين رفعوا في الأسابيع الأخيرة آلاف الشكاوى إلى السلطات. ووفقا للاحصاءات الرسمية، أعتقلت الشرطة حتى الآن 500 أسرة، ونقلتها طوعاً الى مخيمات في جنوب شرق الأناضول. لكن شرطة البلدية ملزمة بالافراج عن المتسولين على الفور من دون اتخاذ أي إجراءات قانونية ضدهم لأنهم يتمتعون بوضع النازح.
وتستضيف تركيا حالياً أكثر من مليون نازح سوري، يعيش 20% منهم فقط في المخيمات، والباقي موزعين في المدن التركية منهم من وجد عملاً ومنهم من إمتهن التسول، والمشكلة تقع على عاتق المعارضة والمنظمات الإغاثية الموجودة على بعد أمتار منهم.