الرئيسة \  مشاركات  \  السياسة الروسية كالتاجر المفلس

السياسة الروسية كالتاجر المفلس

09.12.2014
د. خالد ممدوح العزّي



تشكل مشاركة مبعوث الرئيس الروسي "مخائيل بغدانوف" في احياء حفل العيد السبعين لإقامة العلاقة  الرسمية اللبنانية- الروسية شكل علني للزيارة والتي تحمل في داخلها رسائل داخلية متعددة للإطراف اللبنانية والإقليمية في إطار حرب روسيا الجيو-سياسي بين العملاقين (أمريكا- روسيا ) في محاولة روسية جديدة لأدخل الأطراف جميعها في جبهة  موحدة ضد الإرهاب السني  الذي يشكل خطرا على لبنان وعلى المنطقة كلها. تحاول روسيا استغلال رسالة الرئيس سعد الحريري الداعية للحوار من اجل ضبط "الستاتيكو" القائم بين القوى المتصارعة في الميدان السوري ، لان حزب الله لا يمكنه فتح جبهة جديدة في لبنان بظل وجوده حاليا في سورية وما يعانيه من ذلك الوجود وإذ عليه بات من الضروري الدخول في حوار مع تيار المستقبل وخاصة بظل انتشار الفكر المتطرف في المناطق السنية الرافضة لحزب الله وتصرفاته ، روسيا التي تحاول تطمين كل  الأطراف الداخلية بان حضورها قوي وهي تحاول خلط الأوراق من اجل الالتفاف على القوى السورية ، والضغط على بعض الشخصيات والقوى السورية التي تربطها علاقات جيدة بإطراف لبنانية بضرورة المشاركة بمؤتمر موسكو التي تحاول روسيا التسويق لعقده في موسكو بدلا عن جنيف 3 وإيجاد معارضة سورية من الداخل تنقض نظام الأسد من خلال الالتفاف على كل الحلول والاتفاقات والتلاعب بالوفود وتغيير جدول أعمال المؤتمر .
روسيا تحاول شراء الوقت للنظام الروسي.وموسكو تعلم بان الوقت يضيق على النظام وفرص النجاة قليلة  لها بظل التجاذب التركي الأمريكي، لان إي توافق أو تقارب سوف ينهي النظام عاجلا أم أجلا وهذا ما كانت تهدف إليه زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى تركيا لقطع الطريق وتخريب إي اتفاق قادم بين تركيا وأمريكا ومنع أقامت المناطق العازلة من خلال تقديم عروضا اقتصادية ومالية سخية لتركيا بظل حاجة روسيا إلى إيجاد أسواق بديلة للأسواق الأوروبية، ومنافذ جديدة لروسيا لكونها تعاني من الحصار المفروض عليها من الدول الغربية، فالروس لم يغيروا إي شيء بسياستهم، ولا يزال  متمسكين بنظام الأسد بل يحاولون أتبت وجهة نظرهم القائمة على أن دعم  النظام يأتي من خلال نظرية المؤامرة الغربية الأمريكية التي تحاول السيطرة على هذه الدولة واقتصادها كما خال   التطرف الإسلامي المدعوم غربيا،  لذلك  تحاول روسيا تجميع كل القوى اللبنانية أولا والسورية لاحقا لمحاربة و مواجهة التطرف في سورية من خلال تحالفات جديدة تسعى روسيا إلى تشكيلها دون التعرض لحليفها بشار الأسد لان بعض الإطراف والشخصيات في سورية ترى بان الشمس في سورية ستشرق من موسكو بالرغم من إقرار روسيا بأنها لا تملك القدرة على الأسد الذي يسجل لها ضربة عندما تحاول كسر جدار التفاوض من خلال إبعاد شخصها في سورية كما حال عبد العزيز الخير وخالد الناصر وقدري جميل ولؤي حسين . ويشدد بغدانوف بان قراءة الدور الروسي واضح، ومميز في مواجهة كل التهديدات الغربية والإرهابية في المنطقة وانعكاساتها على المستوى اللبناني والسوري، لقد لعبت روسيا دوراً بارزاً من خلال إعادة التوازن على المستوى الإقليمي والدولي وجاء الرد تهديداً علنياً ضد روسيا كدولة عظمى ،بالوقت الذي يحذر بها رئيس الدبلوماسية الروسية من السودان العرب من قدوم مخلوقات فضائية لسيطرة عليهم  ،فالروسي الذي يعاني من أزمة اقتصادية حادة وحصار خانق يحاول فتح أسواقه إمام الدول العربية والأسيوية في حالة من التملق لها، بالرغم من الصراع بين الدولتين يبقى التنافس الودي الذي يجمع الروسي  والأمريكي الدعم إسرائيل ومصالحها ، يقابله تنافس ودي على دعم إيران وحمايتها لاعتبارها  كونها حامية مصالح الغرب والروس وتامين حدود إسرائيل مقابل عداء وكره علني للسنة العرب لان السنة بإسلامهم وتطرفهم وعلمانيتهم وقوميتهم لا يمكن أن يحموا حدود دولة الكيان الغاصب،لذلك يدفع الشعب العربي ثمن هذه الحماية الدولية ومنع انتصار ثورات الشعوب .لكن يبقى السؤال الذي يطرح نفسها على المبعوث الروسي ماذا سيحمل معه هذه المرة إلى موسكو من الإطراف اللبنانية وماذا تحمل رسالة موسكو من الأطراف اللبنانية فالجميع يعلم بان بغدانوف في جولته السابقة إلى لبنان قد سمح لحزب الله الدخول إلى منطقة يبرود وكان يحمل رسالة لإسرائيل بان أمنها في لبنان في الحفظ والصون.
كاتب وباحث مختص بروسيا ودول أوروبا الشرقية .