الرئيسة \  واحة اللقاء  \  السيد الإيراني يتحدث عن جرائم كان شريكا بها

السيد الإيراني يتحدث عن جرائم كان شريكا بها

02.12.2015
فايز الفايز



الشرق القطرية
الثلاثاء 1/12/2015
لا يمكن في ظل هذه الفوضى غير الخلاقة، بأدواتها السياسية وأذرعها الحربية العاتية، أن تتوقع أكثر من خروج المجرم حاملا سيفه الذي يقطر منه الدم وينادي: ويحكم لماذا تقتلون الأبرياء عند جيراننا؟، ذلك أن المعايير انقلبت رأسا على عقب، ولم يعد هناك ميزة في عالمنا العربي تحديدا لنتفاخر بها، ونقول إن هذا الزعيم يمتلك الجرأة والوضوح ليقف أمام العالم كله وفي مواجهة الأعداء من ذوي القربى أو الجار ذي الشر، ليقرّعهم ويحاججهم بكل ما تعتمل به نفسه وأنفس الشعوب المليئة بالغيظ على هذا الواقع المزري، لذلك يجد القادة الإيرانيون أنفسهم وحيدين في الساحة يتكلمون ولا يقاطعهم أحد، ويتهمون ولا يفندهم أحد، ويشاركون في قتل العرب ولا يحاسبهم أحد، ويتآمرون مع القادة الديكتاتوريين ولا يجدون سوى المكافأة السياسية والمعنوية.
مساء الأحد وجه علي خامنئي، مرشد ما يسمى بالثورة الإيرانية، خطابا إلى الشباب في الغرب، ولم نعرف بالضبط من هم أولئك الشباب أو توجهاتهم الدينية والسياسية، ولكنها فرصة ليظهر الإمام السياسي الأكبر لأول دولة تنقلب على نفسها وتخرج بثوب الطائفة الشيعية من الجسد العلماني، كي يقدم نفسه مرشدا للشباب العالمي، ويحدثهم عن أهمية قوتهم لتغيير العقلية المزيفة، واكتشاف من هم الإرهابيون الحقيقيون الذين دعموا المنظمات الإرهابية كالقاعدة وطالبان وداعش، على حد وصفه المضطرب.
خامنئي اتهم، دون تصريح مباشر، دولا عربية بدعم وتمويل تلك المنظمات الإرهابية، ولم يقف عند حد الاتهام الذي يمكن الدفاع عنه كمعلومة تحتمل الخطأ، ولكنه وصف تلك الدول بأنها أنظمة متخلفة سياسيا، وتأسف على أنها حليفة للولايات المتحدة التي ذكّرها بأنها دمرت بلدانا وقتلت أهلها وخربّت بلداتها، بينما يتم التعامل بقسوة مع الأفكار الأكثر وضوحا ونصاعة النابعة من الديمقراطيات الفاعلة في المنطقة والقمع والازدواجية الغربية مع حركة الصحوة الإسلامية، وكل هذا على حد قول خامنئي.
خامنئي يريد أن يقول إن داعش ومن قبلها القاعدة وحركة طالبان الأفغانية هن في كفة واحدة يمثلن الإرهاب الذي يقتل الناس بناء على الهوية الطائفية والاختلافات السياسية، وتقف معها دول عربية معروفة تدعمهم، وأن ما تمثله هذه التنظيمات ليس سوى إرهاب وعمل شيطاني وفكر متطرف متخلف بهائمي، وفي المقابل يريد أن يقول: إن الوجه الآخر للإسلام هو الموجود فقط في إيران الرسمية ومعها المنظمات الأخرى خارج إيران، من العراق، حيث أصحاب العمائم وحشودهم وإلى لبنان حيث حسن نصر الله، وسوريا حيث نظام بشار الأسد ومليشياتهم، وهؤلاء يمثلون فرسان الحق وحملة مشاعل التنوير والديمقراطية واحترام العائلات والأفراد من الطوائف والأديان الأخرى، وهذا كله كذب وتزوير للواقع وتقية سياسية يتعامل بها أكابر النظام الشيعي الصفوي مع الواقع والعالم. لقد اتهم خامنئي، وهو مصيب، الولايات المتحدة بأنها دعمت القاعدة، ولكنه عمم ولم يخص حينما وصف "الحملات العسكرية" التي تعرض لها العالم الإسلامي في السنوات الأخيرة والتي تسببت في الكثير من الضحايا، على أنها نموذج آخر لمنطق الغرب المتناقض، حسب تعبيره، حيث واجهت البلدان المغزوة بدمار كبير في بناها التحتية الاقتصادية والصناعية، وتحولت مدنها وبلداتها إلى أنقاض ورماد، متهما الغرب، وهو يقصد أمريكا وبريطانيا تحديدا، بأنهم لا يريدون من شعوب البلاد المنكوبة أن يقولوا بأنهم مظلومون وضحايا، ولعل كلام السيد الإيراني هذا كان سيكون جميلا لو لم تتلطخ يد دولته بدماء الشعوب العربية ليتشارك مع القوات الأمريكية والحلفاء الغربيين بذات التهمة وذات الجريمة التي وقعت على العرب المسلمين الآمنين في العراق وسوريا واليمن.
كان من الجميل حقا، لو أن مثل تلك الخطابات التقريرية التي يطلقها الزعماء الإيرانيون، نطق بها أحد من الزعماء العرب، أو المسؤولين الكبار، في العالم العربي، ليضعوا نقاط الحقيقة على أحرف الكلمات المتقاطعة على خارطة الصراع العربي مع أعدائه التاريخيين، ولا يحق للمرشد الإيراني ولا لغيره هناك أن يتحدث بلغة البريء الآسف، فمن عندهم ومعهم وبهم مرت كل حملات القتل والتشريد والتصفيات والتدمير التي تعرض لها السُّنَّة العرب في العراق وسوريا واليمن، وصمت العالم على جرائمهم.