الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الشرطي يبتسم في وجه اللاجئ السوري… هنا تركيا وليس لبنان

الشرطي يبتسم في وجه اللاجئ السوري… هنا تركيا وليس لبنان

28.09.2014
وائل عصام



القدس العربي
السبت 27-9-2014
في صور جنوب لبنان، ظلت سيدة لبنانية ترمق عاملا سوريا فقيرا بنظرات الازدراء، بينما كانا داخل الباص، وقبل نزولها صاحت بوجهه "يلعن هالسنة اللي قعدناها عندكم". لمن يريد ان يجول في عقل هذه السيدة، سيجد انها ربما تكون غاضبة من مقتل أحد أقاربها من عناصر "حزب الله" داخل سوريا، خاصة ان مآتم العائلات الشيعية التي تفقد ابناءها الشباب خلال قتالهم مع حزب الله في سوريا باتت مشهدا مألوفا في قرى الجنوب اللبناني، ولعلها غاضبة من خطف الجنود اللبنانيين في عرسال.
وفي الحالتين فان مشهد الدم الغالي والدم الرخيص يظهر جليا، فكيف ترسل عائلة ابنها للقتال في بلد اخر ليهاجم قرى الاخرين ويقتل ابناء وشباب عائلات اخرى، ثم اذا قتل الشاب في سوريا تحزن عائلته في لبنان وتغضب لمقتله؟ اذا كانت عائلته تؤمن بأن "غزو" قرى الاخرين هو واجب مقدس وديني بمبررات عديدة، فان المبررات الدينية نفسها لدى الطرف الآخر تبرر وتشرع خطف جنود الجيش ايضا.
وهكذا يكون إطلاق العنان والخضوع للمقدس في تبرير الاعتداء على الآخر، وان كان تحت تأثير فوبيا الخوف منه والحماية منه، يؤدي في النتيجة الى تحقق المثل الشعبي "اللي يخاف من العفريت يطلعله".
وهكذا وبعد ان "غزا" حزب الله مناطق الثوار في سوريا، وهجّر مع النظام السوري المتحالف معه ملايين السوريين من قراهم ليأتوا للبنان، ها هو يجني نتاج تدخله، ملايين اللاجئين السوريين نزحوا الى لبنان.. ينظر لهم جمهور حزب الله على انهم خلايا مليونية داعشية نائمة في بلادهم. وعندما علق النازحون السوريون علم تنظيم الدولة امام بلدية عرسال بالامس، كردة فعل على هجوم الجيش اللبناني على خيمهم وإهانتهم، وضرب حتى العجزة منهم، فإن "التدعشن" تم بممارسات نفذها من يخشاها.
ولان بعض اللبنانيين يشعرون في قرارة أنفسهم بالذنب، وفي عمق عقلهم الباطن بانهم هم من تسببوا في معاناة هؤلاء السوريين، فإن حذرهم من نقمة السوريين اللاجئين يوما ما جعلهم يطلقون حملة كراهية غير مسبوقة، خاصة ان التخوفات الوجودية لم يكن ينقصها سوى مليون سوري سني آخر يضاف الى نصف مليون سني فلسطيني في لبنان ليخلوا بالتوازن الديمغرافي في أرض أمراء الطوائف.
ولكن ان تكون سوريا في لبنان يعني انك قد تتعرض للاهانة وحملات الكراهية في كل زمان ومكان، فقبل سنوات كان العمال السوريون يتعرضون للضرب والاهانات في بعض المناطق السنية، من المعادين للنظام السوري الذي اتهموه باغتيال الحريري وقادة فريقه السياسي، واليوم يتعرض السوريون للاعتداءات في حملة ممنهجة، لكن هذه المرة في المناطق الموالية سياسيا وعقائديا للنظام السوري.
تحطم الكراهية كل القيم والاخلاق الانسانية، ففي كل العالم يبقى للاجئ الانساني احترام خاص، الا في بلادنا، حيث تظهر العنصرية والطائفية بشاعتها عندما تسيء للاجئ بسبب هويته فقط، لانه حكما بريء ولا علاقة له بالنزاع المسلح، وهو وعائلته يستحق تعاملا يستند الى بديهيات قواعد التعامل الانساني، التي يحظى بها اللاجئ العربي في السويد او المانيا او بريطانيا، وهي بلدان لا يربطها بشعوبنا لا عرق ولا دين، وربما كان هذا افضل لهم.
وما يحدث في لبنان للاجئ السوري من قبل الجيش وجزء من الشعب لاسباب طائفية، يحدث في تركيا من جزء من الشعب فقط للاسباب نفسها، فالعلويون في انطاكيا التركية لا يتركون مناسبة الا ويهاجمون فيها اللاجئين السوريين، رغم انهم عائلات فقيرة، ولكن الفرق ان الجيش التركي والمؤسسات الامنية تؤمن الحماية للسوريين من المناكفات التي يتعرض لها السوريون الذين قد يفوق عددهم في تركيا ما هو عليه في لبنان، ولكنهم يحظون بالكرامة والخدمات الصحية والتعليمية المجانية، أفضل ألف مرة من جيرانهم العرب، ولهذا يجب الا يستغرب احد عندما تجد سوريا يمدح اردوغان.. فقد قال يوما "الشرطي التركي الذي لا يستطيع الابتسام في وجه اللاجئ السوري عليه الاستقالة" .