الرئيسة \  واحة اللقاء  \  "الشرعية" في اتفاق روسيا والأسد

"الشرعية" في اتفاق روسيا والأسد

17.01.2016
منار الرشواني



الغد الاردنية
السبت 16/1/2016
لا تبدو مفهومة هذه الضجة الإعلامية حول مضمون "البند السري" في الاتفاق الموقع بين روسيا ونظام بشار الأسد، في آب (أغسطس) الماضي، والقاضي بأنه "لا مهلة محددة لبقاء الطائرات العسكرية الروسية في سورية"، بحسب ما كشفت الرئاسة الروسية يوم الخميس الماضي. ولعل الأهم من المضمون هو سبب إعلان موسكو عن هذا البند، وفي هذا الوقت بالذات. لكنه سؤال لا يمكن الجزم بالإجابة عنه حالياً خارج إطار التكهنات؛ والتي تبدأ من السعي إلى التأكيد على الدور الروسي المهيمن في سورية، وبالتالي في أي تسوية للصراع هناك؛ وصولاً إلى التأكيد على حماية المكاسب الروسية المستجدة، إضافة إلى مصالحها القديمة، أياً كان جوهر التسوية المتوقعة أو المأمولة.
وعدم أهمية المضمون تتبدّى مباشرة بمقارنته مع ما قدمه الأسد لحليفته الأخرى، إيران، في سبيل البقاء في الحكم. إذ بحسب ما أقر به أحد أشد المدافعين القوميين اليساريين عن بشار الأسد بشخصه، قبل فترة وجيزة، كانت طهران -وما تزال حتماً- تقايض دعمها للأسد بالاستيلاء على أصول الدولة السورية. ولم تعد سراً عملية شراء إيران عقارات السوريين بالترهيب والتجويع أيضاً، ضمن عملية التغيير الديمغرافي التي تنفذها على الأرض. ناهيك طبعاً عن منح الجنسية السورية على أساس طائفي لإيرانيين ولبنانيين ولربما أفغان ومن بلدان أخرى.
مع ذلك، فإن تنازلات الأسد لروسيا اليوم، وأخطر منها لإيران، تعيد فتح قضية "شرعية الأسد" التي تمثل الذريعة المثلى للمعايير المزدوجة لأنصار الأسد وأتباع إيران، بشأن "السيادة السورية"، كما بشأن الجرائم المرتكبة بحق السوريين، وصولاً إلى وجود الدولة السورية ذاتها. إذ يكون التدخل الروسي في سورية شرعياً، لأنه جاء بطلب من الرئيس "الشرعي". وهذا الأخير، باسم الشرعية أيضاً، يحق له قتل قدر ما يشاء من الشعب السوري كونهم بقراره "الشرعي" محض "إرهابيين".
لكن لا أحد يجيب عن السؤال الأول والأهم بشأن المصدر الأول لشرعية الأسد؛ أي كيف تولى السلطة أساساً. فهل تعديل الدستور السوري في دقائق ليتناسب وعمره، وبالتالي "توريثه" رئاسة "الجمهورية"، هو أساس هذه الشرعية المزعومة؟ وإذا كان الأسد الابن فاقداً للشرعية الشعبية منذ اليوم الأول لوراثته الرئاسة، فلا يبقى إلا شرعية المجتمع الدولي الذي تعامل معه لاحقاً على هذا الأساس. لكن هل يمكن الادعاء بهذه الشرعية الآن؟ الإجابة قد تبدو واضحة تماماً في قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي أدانت الأسد ونظامه، وقد شمل مؤيدوها أغلب دول العالم؛ كما من خلال عدد الرؤساء المهنئين له، وهم أقل من عدد أصابع اليد الواحدة، يوم إعلان إعادة انتخابه في انتخابات تباهى غير سوريين كثر بالمشاركة فيها!
إذا كان هناك من سيدعي أن كل ذلك جدل متأخر، على بداهته، فإن السؤال الذي يظل قائماً وضرورياً الآن: ماذا بقي اليوم من مظاهر شرعية الأسد (المزعومة)؟ هل هي تحديد من يحق له استباحة سورية؛ سيادة وموارد وأصولاً؟! وتحديد من يحق له قتل السوريين بشكل "شرعي"؟!
أي شرعية هذه، والتي لم يوجد شبيه لها في كل العصور المظلمة، حتى التي شهدت مساواة وجود الحاكم بوجود الدولة نفسها، كما يفعل أنصار الأسد اليوم بجعله هو كل سورية، لكن لتبرير تدميرها؟!