الرئيسة \  مشاركات  \  الشعبين السعودي والسوري شقيقان

الشعبين السعودي والسوري شقيقان

22.12.2014
هيثم عياش



كاتب ومفكر سياسي
هناك شخصيات عاشت بالعالم الاسلامي  أُدخلها الغرب في  عالم الشهرة نظرا لدعوتها الالحاد والتشجيع عليه او لأنها تحمل مفاهيم تعتقد بانها اسلامية صحيحة  رأى فقهاء الدين الاسلامي بانها خاطئة ، قام الغرب باستقطابها على انها منفتحة ذات ثقافة واسعة مثل المصري نصر حامد أبو زيد الذي وضع ملحوظات يريد إدراجها بالفقه الاسلامي اعتُبرت لدى اكثر الفقهاء بأنها سيئة نجم عنها تكفيره وخروجه من مصر حيث استقطبته جامعة مدينة ليدن الهولندية المعروفة باستقطابها الكثير من المعادين للاسلام .
استطاعت ايران من خلال  ادعاءها وقوفها الى جانب المسلمين وتأكيدها بنصرتهم كسب شخصيات تبحث عن الزعامة ، فقد كان القسم العربي من إذاعتها اذا ما بدأ بثه باللغة العربية يبدأ بتلك الآية في سورة القصص / ونريد أن نمىن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين / انما يقصدون بذلك الشيعة لأن الشيعة يعتقدون بأنهم مستضعفون  من قبل اهل السنة ، فقد اتصل بي ذات مرة احد المصريين ممن يبحثون عن الزعامة وسألني عن غدير خم / وهو الحديث الذي رواه الامام أحمد بن حنبل رضي الله عنه بمسنده عن زيد بن أرقم رضي الله عنه انه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول من كنت مولاه فعلي مولاه – قال الامام احمد بانه حديث ضعيف كما ضعفه اكثر علماء الحديث والنقل / ما هو غدير هو طعام أم ماذا فعلمت ان المركز الاسلامي في هامبورج الذي تديره ايران قد دعاه لإلقاء محاضرة  ، فأفهمته ما هو غدير خم وأكدت له عدم صحة هذا الحديث ، ثم سألتي ذات مرة عن قبر المسيح اين هو لأنه يريد إلقاء محاضرة بإحدى الكنائس عن المسيح وامه عليهما السلام ، فسالته متعجبا ما اذا كان المسيح قد مات فأخذ يذكرني بآيات من سورة المائدة ولما أفهمته بأن القرآن يقص عن الماضي والحاضر والمستقبل ، وان سؤال الله جل وعز المسيح ما اذا كان قال للناس بأن يتخذوه وأمه الها من دون الله انما هو سؤال تبخيت ونفي ، وقد غادر ذلك الرجل المانيا وعاد الى بلاده فاستراح وأراح .
ومن تلك الشخصيات التي تزعم انها مثقفة ومتفتحة وشغفها بالحرية نالت كسب شعبية مجموعة من الملحدين  والعلمانيين / بفتح العين واللام /  السوري علي احمد اسبر المعروف بـ / أدونيس /  الذي حصل على  جوائز بعض منظمات ثقافية تحارب الاسلام في المانيا واوروبا  ويعيش حاليا بباريس  ، فهو يرى بانتفاضة الشعب السوري التي لم تكلل بالنجاح بعد الذي يكمن نجاحها بالانتصار على الطاغية بشار أسد تدخل السعودية بهذه الانتفاضة وإمساكها الملف السوري .
ويؤكد  أدونيس   بندوة تمت يوم أمس السبت 20 كانون أول/ ديسمبر  دعا اليها مقهى / آينشتاين / بالعاصمة برلين ، وهو مقهى يمتلكه يهود يعتبر بوقا من ابواق الصهيونية في المانيا كما انه احد أقدم مقاهي العاصمة برلين يؤمه سياسيون وأدباء وصحافيون وعلماء من جميع الاطياف ، تأخر انتصار الشعب السوري على الطاغية اسد من أسبابه الرئيسية ايضا عدم شغف ذلك الشعب الحريات العامة ، واستمرار حكم عائلة اسد بالتعاون  مع ايران سوريا يجب ان يستمر لسنوات أخرى طويلة فبني أمية وودولة بني ايوب والمماليك والعثمانيين وهم من أهل السنة والجماعة حكموا سوريا وبلاد الشام بدون ان يكون لهم منازع بينما نازع اهالي بلاد الشام بعض الخلفاء العباسيين والفاطميين لانهم انتهجوا  عقيدة التشيع والضرورة ملحة ان تحكم ايران والقرامطة وهم النصيريون الذين يطلق عليهم ايضا العلويون سوريا لمدة طويلة  من أجل أن يتاقلم اهل السنة مع الشيعة الذين يعتبرون منفتحون على الثقافات الاخرى ومتأهلون للديموقراطية والحريات العامة التي يفتقر اليها أهل السنة والجماعة ، فهو يرى بندوته ان النكسة التي لحقت بانتفاضة الشعب المصري والعنف في ليبيا وعودة استلام العلمانيون حكم تونس مرده الى رفض شعوب تلك الدول وشعوب الدول العربية الاخرى للحريات العامة وان اهل السنة والجماعة  يرون بالحريات كفرا وطاعة الحكام فرضا .
ويؤكد ادونيس ان اهتمام السعودية بالشعب السوري يعود لمصالح بالعقيدة فقط فهم يريدون نشر الوهابية ببلاد الشام وليس من اجل حماية الشعب السوري والتخفيف عن ماساتهم مشيرا بأن الشعب السوري لا يحب السعوديين وفي مقدمتهم الوهابيين  مشيرا بانه بالرغم من معارضته للعنف الذي يستخدمه الطاغية بشار اسد ضد الشعب السوري الا انه بقاءه على راس السلطة في سوريا ضرورة ملحة من اجل عدم وقوع منطقة الشرق الاوسط بالفوضى وبالتالي للحيلولة دون وقوع حرب وحروب بدول تلك المنطقة ضد الكيان الصهيوني فبذهاب اسد يعني ان الصهاينة سيعيشون في خطر محدق معربا عن سعادته بالانقلاب الذي قاده عسكر مصر على الرئيس المصري محمد مرسي فلو استطاع مرسي الاستمرار في حكم مصر لتم قيام تحالف اسلامي بتلك المنطقة يمتد من الرياض الى انقرة عبر دمشق والقاهرة ايضا .
وكذب أدونيس ومن يؤيده بذلك فالشعبين السعودي والسوري شقيقان تربطهما أصر القرابة اضافة الى الدين والعقيدة  ، فالدول التي تدعي وفوفها الى جانب  الشعب السوري  باعت أكثرها هذا الشعب بل وتتاجر بقضيته ، فالولايات المتحدة الامريكية ومعها بعض الدول الاوربية التي تزعم وقوفها وتأييدها للشعب السوري تتاجر بملفه وترى ان انهاء ماساته يكمن بالحوار السياسي بين ما يُطلق عليه بائتلاف قوى المعارضة السورية مع ممثلين عن نظام أسد ولا يزالون يصرون على هذا الحوار بالرغم من فشل جنيفي / 1 و 2 / ويحاولون  عودة بشار اسد الى المجتمع الدولي من جديد أما السعودية وقطر وتركيا فهم يرون عكس ذلك فلا أمن وسلام بالشرق الاوسط وخاصة في سوريا ببقاء بشار اسد ، ولولا  لم تسحب الرياض  سفيرها من دمشق بداية انتفاضة الشعب السوري لم تبادر بقية دول الخليج العربي بإغلاق سفاراتها في دمشق عدا عُمان التي تعتبر من مؤيدي نظام اسد وايران . والسعودية ويشهد لذلك العدو قبل الصديق لم تبع الشعب السوري ولن تبيعه وتتخلى عن طموحاته بنيل الحرية والعيش الكريم فوق ارضه وتحريرها من ايران وانهاء تأثير روسيا السياسي والعسكري على سوريا .
ولا أدري من أول من ابتدع بدعة التصفيق ، فالتصفيق معناه الموافقة ، وبالرغم من امتلاء المقهى عن آخره بندوة أدونيس الا أن الذين صفقوا له كانوا قلة قليلة ومنهم من كان يهز من فوق الى اعلى ويمنة ويسرة ، فقضية الحريات العامة والتغييرات التي جرت وتجري ببعض دول تلك المنطقة  اصبحت معروفة ولن يستطيع اي مشهور كسب مؤيدين لافكاره التي تكمن بالنيل من طموحات الشعب السوري وغيره من شعوب دول العالم .
ومن نعم الله على الصحافيين  بأن القانون الدولي  للصحافة لا يجيز للصحافيين التصفيق لأحد ، فلو ألقت المستشارة الالمانية او أحد الوزراء كلمة قوية يتطرقون بها الى موقف الحكومة الالمانية من قضية ما فلا يجيز للصحافيين التصفيق لهم الا انه يجيز لهم الوقوف احتراما لرئيس الدولة ورئيسا البرلمان والمحكمة الدستورية العليا . وهناك تصفيق بدون معنى ، ففي الحفل الذي تم  فيه استلام وتسليم ملف الدبلوماسية الالمانية  بحكومة الديموقراطيين والمسيحيين في وقت سابق من شهر تشرين ثان/نوفمبر عام 2013 الماضي دخل وزيرا الخارجية السابق والحالي جويدو فيسترفيله وفرانك فالتر شتاينماير قاعة الاحتفال واخذ الناس يصفقون ، فقلت لاحدى موظفي الخارجية الالمانية متعجبا لمن تصفقون للقديم او الحالي فقالت لست أدري انما مع اصفق مع المصفقين ..
وأراد أحدهم النيل بي ارسل له بعض الاحيان كتابات لي ، فقال لي بأنك تحب السعوديين وتدافع عنهم ، والله يشهد بأنني لا أدافع عنهم  ولكن أنقل ما أعرفه عن مواقفهم ، وقلت له ان كنت تكرههم فهل يجب علي أن اكون متضامنا معك ؟ والله يعلم بأنني انتقدهم ببعض ما ينتهجونه من قرارات ولم اصفق لهم ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله .