الرئيسة \  مشاركات  \  الشعب السوري والائتلاف

الشعب السوري والائتلاف

25.12.2013
عمر شحرور عمران




الحق أقول لكم ؟ قبل ستة أشهر كتبت مقالة بعنوان : ماذا أنتم فاعلون وجهتها إلى قادة الائتلاف وإلى ثوى المعارضة السورية تعرضت فيها للأسباب التي جعلت من الائتلاف السوري مشكلة بذاته ولذاته ولشعبنا وللعالمين .. وقد حددت ذلك بنقاط ثلاث : الأولى بنيوية - معرفية لطبيعة الحكم ولطبيعة الصراع وبالتالي رسم السياسات القصيرة ( التكتيك ) والطويلة الأمد ( الإستراتيجية ) وفق تلك الرؤية والتحليل العلمي الرصين .. والثانية عدم نضوج المعارضة السياسية خلال عامين من الثورة لأسباب تتعلق بطبيعتها وتكوينها وحياتها ولغيابها عن أرضها خلال عقود من سيطرة حكم عسكري – أمني – نصيري على مقدرات البلاد كلها في إلغاء تام للحياة السياسية وهذا انعكس سلباً على تشرذمها وخلافاتها وصراعاتها وحتى داخل البيت الواحد أو التكتل الواحد وسببه يعود إلى غياب البرنامج الوطني المشترك العام لنتيجة للعامل الأول .. والثالثة : وهي الانفصام بين القول والعمل لدى معظم قوى المعارضة التي عاش معظمها خارج البلاد منذ عقود وانقطعت صلاته بالداخل كلياً أو جزئياً وبالتالي خلق فجوة بينها وبين الشعب عمقها طبيعة الحياة المختلفة وظروفها بين الشعب السوري وما أطلق عليه معارضة الخارج التي أخذت تأييداً منقطع النظير في بداية تأسيسها ثم ما لبث أن ذاب مع شمس صيف 2011 وبجهد منظم وواضح للحكم أيضاً في تخريب لقيادة الثورة (معارضة الداخل – هيئة التنسيق – مؤتمرات الحوار – جبهة التغيير .. إلخ ) لتظهر على العالم ثورة بلا برأس أو بعدة رؤوس .. كما أن معارضة الخارج ولطبيعتها الذاتية وتسارع حركة الثورة ( التي لم تستطع اللحاق بها وإلى يومنا هذا ) لم تستطع القدوم إلى داخل البلاد وآثرت حياة الرفاهية والاسترخاء والذي أخرج سياسيين منظرين ونجوم شاشات تلفزيونية قدموا لشعبنا وعوداً كاذبة وخطابات نارية لم تلبث أن عرتها الحقيقة وكشف لشعبنا قوة الحكم وجبروته وتماسكه وصلابته ووحدته مقابل ضعف وتشرذم معارضة الخارج ... كما أن انتقال الثورة إلى الكفاح المسلح إثر انشقاقات قيادات وقواعد من الجيش وتشكيل الجيش الحر ثم الفصائل الثورية وما أدى على فوضى السلاح والفساد الذي ظهر (وكله من مورثات حكم أسد- مخلوف ) وانتهاء الثورة بشكلها السلمي و .. أدى ذلك إلى فقدان معارضة الخارج لبقية قليلة من قيادتها وتمثيلها للثورة .. فحاولت تدارك الأمر بتشكيل قيادة للجيش الحر خارج البلاد مما عمق الشرخ بينها وبين شعبنا في الداخل الذي بدأ يلمس ويعاني من فساد كثير من عناصر الجيش الحر مقابل ازدياد مضطرد ومتعاظم للفصائل الإسلامية المجاهدة من لواء التوحيد وأحرار الشام وجيش الإسلام وغيرهم ثم ظهرت مطلع العام 2012جبهة النصرة ثم دولة العراق والشام واللتان أعلنتا تبعيتهما لتنظيم القاعدة سياسياً وفكرياً وبالتالي استطاعت ولا تزال استقطاب المزيد من المجاهدين الشرفاء الذين لم يتلوثوا سابقاً ولا يريدون بفساد أصاب وهناً قيادات وقواعد في الثورة السورية ومنها الائتلاف .. أما القضية الأكثر أهمية في موقف شعبنا من معارضة الخارج عموماً والائتلاف الوطني خصوصاً فهو يتعلق بناحتين أولها : كونهم يريدون أن يكون قادة لشعبهم دون أن يقدموا الدليل العملي بعد أن فشلوا في تقديم الدليل النظري على ذلك .. فشلوا في التوحد حول برنامج مرحلي وفشلوا في تشخيص الحكم وصار كل يغني على ليلاه وكل يكيل التهم للآخرين إلى درجة الخيانة الوطنية وبالتالي باكراً كشف زيف معظمهم وانتهازيته (وقد أشرنا إلى دور أجهزة الحكم في ذلك التخريب ) والت تجلت في حياتهم البازخة في المنافي في الوقت الذي يتعرض شعبنا إلى جوع وتشرد ونقص في العتاد والسلاح ( في وقت ملئت مستودعات بها من قبل فصائل منتمية للجيش الحر كما صرح بذلك عبد الجبار عكيدي رئيس المجلس العسكري الثوري في حلب .. وقد علم ذلك شعبنا كله .. فلا سر ولا أسرار في ثورتنا وفي غيرها) , إن حياة المعارضة خارج البلاد جعلها عرضة للفساد فتأمين متطلبات الحياة الأسروية والتنقل في أوربا جعلها مرهونة لقرارات خارجية وإملاءات لمن يقدم الدعم المالي وبالتالي أصبحت قرارتها وتصرفاتها تذهب حيث تذهب مصالح الدول الممولة أو الراعية مع الأخذ بعين الاعتبار توافق مصالح هذه الدول مع الثورة السورية أو تعارضها في القريب أو البعيد .. إن هذا جعل من التخبط في سياسة المعارضة والائتلاف أمراً لا بد منه وذلك إنعكاساً لتخبط سياسيات الدول الداعمة أو إختلاف رؤيتها تبعاً لمصالحها تجاه القضية السورية وثورتها .. لقد حاولنا وعملنا في الدفاع عن المجلس الوطني ثم الائتلاف بكل قوة إلا أن هاذين التنظيمين للمعارضة لم يتركا لنا فرصة حقيقية للدفاع عنهما وتجلى ذلك في تشكيل الائتلاف وقيادته برأس غير سياسي وأعني معاذ الخطيب ثم بإعادة هيكلته وفقاً لأجندة فرنسية – أمريكية لا ترى في الإسلاميين ودورهم مستقبلاً مضموناً لمصالحهم في سوريا وهذا تقدير أثبت التاريخ خطأه من خلال التجربة الماليزية والتركية فسمحوا لعسكر مصر بالإطاحة بالحرية والديمقراطية في أكثر بلدان الشرق استبداداً وهذا ما أزاح ورقة التوت عن نفاق الغرب تجاه الحرية والديمقراطية والعدالة والتي قام تطوره وتقدمه على أساسها (الحرية والديمقراطية و .. لهم أما الشعوب الأخرى فلا لأن ذلك لا يخدم مصالحهم وهم بذلك خاطئون إلى حد الجريمة ) .. إن العلاقة مع الغرب وأمريكا أصبحت بالنسبة لشعبنا (معظمه) خيانة أو مساومة على دماء الشهداء رغم أنه ضرورية ولا مندوحة للثورة السورية عنها وعن تطويرها وتوثيقها لأنه لا يمكن للثورة أن تنتصر دون تحالفات دولية إقليمية وعالمية كما هو الحكم المجرم .. مثلاً مقابل دعم لبناني وعراقي ( ديني رافضي – مسيحي ) غير حكومي و إيراني حكومي علني وخفي وغيره وبكل الوسائل والإمكانيات وأيضاً روسي حكومي – مافياوي سياسي – عسكري – اقتصادي تفتقد معارضة الخارج والداخل أيضاً على أي تحالف حقيقي ثابت وغير ذلك وهذا هو قاسم مشترك لمعارضة الخارج مع قوى الثورة العظيمة في الداخل التي لم تستطع إلى يومنا إقامة هذا التحالف لنقصها الخبرة والرؤية العلمية – العملية وهذه خاصة مشتركة ثانية .. إن قضية سياسة التحالفات تعتبر مربض الفرس في ثورتنا التي تفتقد إلى الكوادر المحلية القيادية والعلمية العسكرية والاقتصادية (إلا القليل) وبالتالي لا بد من حدوث اختراق لموقف المعارضة الثورية الإسلامية من هذه القضية ووضع أسس لها للتعامل مع الجميع مع الأخذ بعين الاعتبار مصالح هذه الدول في مستقبل سوريا دون المساس بالثوابت الوطنية – الإسلامية فالعالم كله يحترم الناس والثوار الذين يحترمون أنفسهم وبذلك بان يكونوا في وسط شعبهم يعيشون معه ويأكلون من ما يأكل ويشربون مما يشرب وينامون على أصوات المدافع كما كل شعبنا في داخل البلاد وبالتالي ينالون ثقة شعبهم ومحبتهم كما كان ذلك لقائد شاب طيب القلب وبسيط وعادي مثل شهيد ثورتنا عبد القادر صالح وغيره .. والخلاصة : الحق أقول لكم : أن الائتلاف بضعفه البنيوي – المعرفي وانعكاس ذلك على بنيته التنظيمية التي أخذت طابع الشللية إلى حد التعصب ( العصابات ) ووجوده خارج البلاد وساحة العمليات القتالية - لم يجعلهم كما أشرنا عرضة للاستقطابات المختلفة والمتناقضة فحسب بل - افقدهم أهم ميزة في الثوار والثائرين وهي تخلي القاعدة الشعبية عنهم بعد انفصالهم الحقيقي عنها .. فالواقع الذي يعيشونه مختلف عن ما يعيشه شعبنا وقد نسوا أو تناسوا ما علمته ثورات الشعوب كافة من أن الثائر الحقيقي هو الذي يعيش في الثورة كما فعل محمد (ص) وصحبه فجاعوا وصبروا وكانوا في مقدمة المقاتلين وفي كل الميادين وبالتالي أصبح رأس بلا جسد فأطيح بالمجلس الوطني أولاً وسيطاح قريباً بالائتلاف أيضاً .. الحق أقول لكم : أن الائتلاف الوطني وقبله المجلس الوطني قد رهن قراراته لدول مختلفة المرجعيات والرؤى والمصالح تصل حد التناقض بينها وبتحصيل حاصل انعكس ذلك على أحزاب وكتل وأعضاء الائتلاف الوطني و أدى به إلى فقدان صدقه ومصداقيته المشكوك في أمرها نتيجة عوامل أخرى ذكرناها في مقالتنا .. وبالتالي جعل هذه التناقضات الدولية تجد لها مرتعاً في صفوفه مما أدى إلى تشرذمه وسهولة دفعه بهذا الاتجاه أو ذاك .. وعمق غربته وعزلته بل جعله في كثير من الأحيان عالة على هذه الدول يقف على أبوابها يستجدي المساعدات ويقبل بكل الشروط المفروضة .. مع العلم أن معظم هذه المساعدات لا تصل إلى الداخل بلا تكفي لاحتياجات أعضاء الائتلاف المادية المتنامية .. الحق أقول لكم : رغم درجة المعاناة الكبيرة التي وصلت إلى حد المأساة الكبيرة فنصف ملين شهيد ومفقود ومثلهم من الجرحى والمعاقين وعشرة ملايين مشرد فإن القوى الإسلامية رغم قلة خبرتها وحنكتها وعف علومها وعلمها استطاعت أن تأخذ بلب شعبنا رغم معاناته وشاركته أفراح انتصاراته ووقفت معه في تراجعاته وناصرته في حملات التطهير للفاسدين ..ز إن هذه القوى مطلوب منها اليوم أكثر من أي وقت الانتقال على العمل السياسي المنظم وربطه بنتائج العمل الميداني العسكري وتلازم كل المسارات ووضع خطة عملية يكون فيها الشعار كل شيء للنصر على حكم القتل والإجرام ... النصر أو النصر .. هذا يتطلب وعلى الفور تشكيل مكتب سياسي موحد ( وقد تم بفضل الله توحيد الفصائل في الجبهة الإسلامية ) يستطيع أن يكون بديلاً عن الائتلاف الوطني الذي انتهى دوره عملياً ولم يبق للسفير روبرت فورد أن يعلن نبا وفاته كما أعلن نبأ تشكيله قبل سنة دفع شعبنا الكثير من حياته ودمه وعيشه .. هذا المكتب كفيل بفتح القنوات مع جميع الدول والقوى التي تريد مساعدتنا وبالتالي يستطيع التحدث وبحق وهذا حقه كما قال عبد العزيز سلامة قائد لواء التوحيد بأننا لن نسمح لأحد أن يمثل ثورتنا إلا الثوار وحدهم .. إن الغرب والشرق ينظر إلى ثورتنا وإلى أبطالنا حرائرنا وأحرارنا الذين يسطرون آيات البطولة في الصبر والقتال ويريدون أن يكون له قيادة سياسية قادرة على تحويل هذه الإنجازات إلى انتصارات في كل مكان .. الحق أقول لكم : إن شعبنا السوري الذي يسطر ملحمة القرن الواحد والعشرين ومعه كل أحرار العالم سيكتب نصره على الطغاة المجرمين قتلة الأطفال مدمري الحضارات ... سيكتب هذا النصر بأسفار من نور شهدائه وجرحاه ... من أطفاله وشبابه ونسائه ورجاله وشيوخه ... دفاعاً عن الحرية والكرامة والعدل والمساواة والتسامح والسلم والسلام ... الله ناصرنا .