الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الصمت الدولي وعجزه يقتلان الشعب السوري

الصمت الدولي وعجزه يقتلان الشعب السوري

29.08.2013
د. صالح الدباني



القدس العربي
الاربعاء 28/8/2013
هكذا هو نهج الانظمة الديكتاتورية واسلوبها في التعامل مع الشعوب التواقة للحرية في استغلال المواقف لتنفيذ مخطّـــــطاتها الاجرمية في ابادة الكم الاكبر من المطالبين برحيل تلك الانظمة او حتى الداعين بشيء من الحرية المكفولة لهم شرعاً وقانوناً إسوةٍ ببقية الشعوب، ونظام الاسد الاجرامي هو أحد تلك النظم، حيث استغل إنشغال المجتمع الدولي بأحداثٍ أخرى مثل أحداث مصر.
النظام السوري تعدى الخطوط الحمراء المتعارف عليها دولياً وكل المعايير الانسانية والاخلاقية منذ أن جنح إلى قصف المدن المأهولة بالسكان المدنيين بصواريخ أرض جو ذات التدمير الشامل، إضافةً إلى راجمات الصواريخ والسلاح الفسفوري المضيء والبراميل الحارقة، حيث كان نتيجة ذلك قتل أكثر من مئة الف وتشريد أكثر من خمسة ملايين من الشعب السوري، وفوق هذا لم يتردد النظام السوري في استخدام السلاح الكيماوي ضد شعبه في الفترات السابقة باستخدامه هذا السلاح المحضور دولياً في خان العسل وحلب وريف دمشق على مراحل في الفترة السابقة، ولكن بشكل مخفف لكي لا يظهر اثار فعلته، وما أن سنحت له الفرصة حتى فعل فعلته الاخيرة في غوطة دمشق الشرقية والغربية وفي دوما، حيث قام بالابادة الجماعية وراح ضحية تلك المجازر اكثر من 1465 شهيداً، ثلثهم من الاطفال الذين ناموا فلم يستيقضوا بعد أن انقض على صدورهم غاز السارين ليخنقهم، لا فارق بين أي سلاح يقتل الشعب السوري، فهناك عشرات الالاف ممن قُتلوا باساليب واسلحةٍ مختلفة، أي تعددت الاسباب والادوات واحدة، فالموت واحدٌ وضحاياه هم الشعب السوري، لا ندري اي اثرٌ بعد هذا بامكانه أن يحرك الدماء في قلوب الناطقين بحرية الانسان وكرامته بعد ان ماتت او تجمّدت لكي تتحرك ضمائرهم امام ما حصل.
مئات الاطفال وامهاتهم واباؤهم يخنقهم نظام بشار كأنهم طيور نفِقت من أثر وباءٍ ألم بها، أي عدلٍ بعد اليوم يمكنهم الحديث عنه وأي انصافٍ بأستطاعتهم البوح به، عالمٌ يصنف الضحايا اصنافا ويميّز بين الرد حسب الصنف والنوع، والمجتمع الدولي يكتفي بالشجب والاسف العميق -غاز السارين- بيانٍ صحافي يصدره مجلس الامن على استحياء، وهو اقل شيء من ابسط اي ادانة، ناهيك عن القرار الذي كان من المفترض الخروج به من اجتماعٍ عُقِدَ من أجل موقفِ إبادة جماعية وتطهير عرقي، كل هذا التمادي هو من يعطي غطاء لقوات الاسد بارتكاب ابشع الجرائم الانسانية في العصر الحديث، لن يرد القرار الروح لاجساد الضحايا إذا ما أٌتخذ لكنه قد يُحد من بطش الاسد ونظامه بالشعب السوري، ويبدد الخوف من قلوب المنتظرين لدورهم في استنشاق غاز السارين في مسرحية القتل الجماعي الذي يُعدها ويٌخرجها بشار الاسد ونظامه الدموي، عارٌ على جبين المجتمع الدولي لا تمحوه إلا القرارات الجريئة للوقوف امام نظام بشار المدعوم دولياً من روسيا التي لا تعرف معنى الرحمة او الشفقة، ناهيك عن الدعم إللامحدود من ملالي ايران وميليشيات حزبهم اللبناني!
اما الابقار الحلوبة فلا يسعها إلا الخوار والاستمرار بانتاج الحليب حتى لا يعطش الغرب، تلك هي طبيعة الحكومات العربية التي لا يتعرف إلا لغة العويل والشكوى، فهي بلا قوة لانها بلا شعوب بعد أن يئست منهم شعوبهم ومن طول النظر إلى وجوههم عقدٍ بعد عقد.