الرئيسة \  واحة اللقاء  \  "الصوملة".. ودولة إيران في سورية

"الصوملة".. ودولة إيران في سورية

07.06.2015
منار الرشواني



الغد الاردنية
السبت 6/6/2015
من وجهة نظر الشبيحة المؤيدين، كما السوريون المعارضون والرافضون لنظام بشار الأسد، ثمة نتيجة واحدة وحيدة لإعلان دمشق صراحة، وترحيبها بإرسال إيران ما بين 10 آلاف إلى 12 ألفاً من المليشيات الشيعية الإيرانية والعراقية والأفغانية للدفاع عن الأسد، وحماية ما تبقى له من سورية، كما تأمين "دولته" بمحاولة استعادة خطوط دفاعية متقدمة سقطت بيد المعارضة السورية في الفترة الماضية.
هذه النتيجة الواضحة، والمتفق عليها، تتمثل في نهاية قوات الأسد، معنوياً إن لم يكن مادياً، وبالتالي نهاية نظام الأسد ذاته فعلياً، بحيث لم يبق من مجال غير التدخل الإيراني العلني، وقيام دولة إيران في سورية صراحة.
طبعاً، لا يجب توقع تغير في موقف الشبيحة العرب، القوميين تحديداً؛ فلطالما كانت الطريق المزعومة إلى فلسطين تمر بتدمير عواصم عربية، ليست دمشق إلا آخرها. ولطالما كان تعريف النصر منذ حرب حزيران 1967، الذي يفترض أنهم "احتفلوا" به أمس، هو بقاء "السيد الرئيس" في كرسيه مهما كان الثمن. ويندرج في السياق ذاته، ضمن مناسبة حديثة جداً، النصر القومي العربي حين يتعلق الأمر بإيران خصوصاً، كما بدا عقب الاحتلال الأميركي للعراق؛ إذ تحول هذا الاحتلال ذاته إلى نصر مؤزر أيضاً، طالما أن إيران هي من بات يحكم العراق "العربي"! وقبل فترة وجيزة، صار بعض القوميين يطالبون صراحة بتدخل إيراني علني مباشر لحماية الأسد، وكان الأهم في هذه الدعوة الاعتراف بأن إيران لا تفعل ذلك تفضلاً، أو حتى بذريعة "الممانعة والمقاومة"، بل هي نالت مقابل دعمها للأسد، على امتداد السنوات السابقة، كما قيل علناً، امتيازات جغرافية، قبل الاقتصادية، في سورية "العربية!"، إضافة إلى تجنيس عدد غير معروف من الإيرانيين!
يرتبط بما سبق جانب آخر، أهم إقليمياً ودولياً، للاتفاق بشأن دلالة التدخل العلني الإيراني في سورية؛ وهو اقتراب تحقق "الصوملة" في سورية بشكل كامل ونهائي. لكن هنا لا بد من التمييز بين نموذجين مختلفين تماماً لـ"الصوملة السورية" المتوقعة. الأول، ما بعد سقوط حكم محمد سياد بري مباشرة في العام 1991. والثاني، هو النموذج القائم الآن، أي بوجود حركة "الشباب الصومالي"/ "القاعدة"، و"بوكو حرام".
فمع وجود إيران ومليشياتها الطائفية، وتنظيم "داعش" و"القاعدة" في المشرق العربي، يبدو ضرباً من الخيال الأمل بـ"تصومل" سورية وفقاً النموذج الأول؛ أي على شكل تقاسم للأرض مع صراع بين الفصائل والمليشيات المختلفة ضمن الجغرافيا السورية فقط. فالمتوقع، بداهة، أن الحضور الإيراني الطائفي والدموي، في سورية كما العراق واليمن بعد لبنان، سيكون سبباً في مزيد من تأجيج المنطقة ككل طائفياً، ومنح مزيد من الدعم والزخم للتنظيمات والحركات المتطرفة والمتشددة السُنّية، على الطرف المقابل، في سورية والعراق أساساً، لكن ليس وحدهما. إذ ستعمد هكذا تنظيمات إلى الانتقاص من شرعية الأنظمة العربية عموماً، باعتبارها غير قادرة على ردع إيران ومليشياتها، ولتقدم هذه التنظيمات نفسها باعتبارها الأجدر بالاتباع وتمثيل السُنّة في كل مكان. وليس غريباً أن تجد هذه التنظيمات الدعم من إيران ذاتها قبل سواها، لزعزعة استقرار عدد أكبر من الدول العربية.
لكن كل ذلك لا يبدو جديداً، فكما أن الاحتلالات الإسرائيلية، باتفاق الجميع، كان المسؤولة عن نشوء وتقوية الحركات المتطرفة شديدة العلمانية في مرحلة سابقة، فإن الاحتلالات الإيرانية لا بد وأن تولد حركات متطرفة مماثلة تماماً، مع اختلاف مرجعيتها لتكون دينية.