الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الضربة الأميركية المحتملة لسورية

الضربة الأميركية المحتملة لسورية

26.08.2013
فهد الخيطان

الغد الاردنية
الاثنين 26/8/2013
بانتظار التحقق من وقائع ما جرى في غوطة دمشق، تحشد الولايات المتحدة الأميركية سفنها الحربية في مياه "المتوسط"، تمهيدا لتوجيه ضربات صاروخية ضد قوات النظام السوري. لكن قبل ذلك، تحتاج واشنطن، وأطراف التحالف الدولي الذي بدأ بالتشكل، إلى أدلة قوية تثبت مسؤولية قوات الجيش النظامي عن استخدام الأسلحة الكيماوية في بلدات ريف دمشق، والتي أوقعت نحو ألفي قتيل في صفوف المدنيين.
وفي ضوء الروايات المتضاربة عن الجهة التي استخدمت غاز الأعصاب في عملية الإبادة الجماعية، تأمل الإدارة الأميركية أن يأتي الدليل القوي عن مسؤولية النظام السوري من فريق المفتشين الأممي المتواجد حاليا في سورية، لأن ذلك سيمنح تحركها العسكري غطاء دوليا في مواجهة الاعتراض الروسي والصيني.
وسط هذه التطورات المتلاحقة، تتجه الأنظار إلى عمان التي تحتضن اجتماعا لقادة جيوش عشر دول غربية وعربية، إضافة لتركيا. الاجتماع الذي قال المسؤولون الغربيون إنه مقرر منذ وقت سابق لمناقشة الوضع في سورية، سيكرس الجانب الأكبر منه لبحث تداعيات مجزرة الغوطة التي اعتبرها الخبراء العسكريون نقطة تحول في الأزمة، تُنذر بتدخل عسكري محتمل طالما سعت إدارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، إلى تجنبه.
قبل حسم مستوى وطريقة الرد الأميركي على ما اعتبر تجاوزا للخط الأحمر حسب تعبير أوباما، حرصت الإدارة الأميركية على تطمين الرأي العام إلى أن خيار التدخل البري، على غرار ما حصل في العراق وأفغانستان، مستبعد تماما في سورية.
خيارات الرد المحتملة تتراوح بين الضربات الجوية بصواريخ "كروز" و"توما هوك" المحملة على أربع بوارج متواجدة حاليا في عرض البحر الأبيض المتوسط، لمواقع السيطرة والقيادة التابعة للجيش السوري.
بيد أن قائمة الأهداف، حسب الخبراء، طويلة، ولا يُعرف ما إذا كانت الولايات المتحدة مستعدة لحملة عسكرية تستمر أسابيع، أم مجرد ضربات مكثفة لأيام معدودة.
في المحصلة، يتلخص الهدف النهائي من أي عملية عسكرية أميركية، في حاجة الإدارة الأميركية إلى استعادة مصداقيتها وهيبتها في المنطقة والعالم، وليس إسقاط النظام السوري.
الضربة الجوية المحتملة لسورية ستُضعف قدرات النظام العسكرية، وتشل مراكز السيطرة؛ ما يساهم في تحقيق توازن أفضل على الأرض لصالح المعارضة السورية المشتتة. وفي تقدير بعض سياسيي المنطقة، فإن عملية كهذه ستجبر النظام السوري على الجلوس إلى طاولة "جنيف"، والقبول بعملية سياسية تضمن انتقالا للسلطة في سورية.
سياسيا، يبدو مثل هذا الرهان محفوفا بالمخاطر؛ فقد يدفع "العدوان الأميركي" بالنظام السوري إلى التشدد أكثر في مواقفه. وهناك من يعتقد، قياسا إلى تجارب سابقة، أن تأثير الضربات الجوية سيكون محدودا، يستعيد النظام بعدها قوته مستندا إلى دعم حلفائه. وعلى الجهة المقابلة، لا توجد معارضة قوية وقادرة على توظيف نتائج الضربة الأميركية غير تنظيم القاعدة والجماعات السلفية الأكثر نفوذا بين قوى المعارضة السورية. فهل يُعقل أن تكون نتيجة التدخل الأميركي تقوية المتشددين في سورية؟!
لكن، هل يمكن للتحالف الغربي، قيد التبلور في عمان، أن يتجاهل ردات فعل حلفاء سورية؛ روسيا، وإيران وحزب الله؟
إسرائيل ترى أن احتمال شن هجوم صاروخي عليها من سورية يبدو ضعيفا. غير أن إيران تهدد منذ الآن بالرد، وحزب الله سيكون في موقف محرج إن ظل متفرجا.
ماذا لو توسعت دائرة المواجهة، وتجاوزت التطورات حسابات التحالف بقيادة أميركا؟ هل الإدارة الأميركية مستعدة للدخول في حرب إقليمية واسعة؟
سيل من هذه الأسئلة التي لا يمكن تجاهلها، تضع المنطقة كلها في أجواء الحرب والتهديد. وتتفرع عنها أسئلة تخصنا نحن في الأردن، وتتعلق باحتمالات نشوء تهديد جدي على حدودنا الشمالية، يستدعي تدخلا عسكريا؛ خاصة مع تزايد الشعور بخطر الأسلحة الكيماوية.
fahed.khitan@alghad.jo