الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الطائرة الروسية وميكروفون الجزيرة

الطائرة الروسية وميكروفون الجزيرة

16.12.2015
سمير الحجاوي


الشرق القطرية
الثلاثاء 15/12/2015
تنفخت أوداجه وشعر بالقشعريرة تسري في جسده، ووقف شعر رأسه، ولم يستطع أن يتمالك أعصابه فصرخ "شيلو البتاع ده من قدامي"، في مشهد يذكرنا برائعة الشاعر أحمد فؤاد نجم "البتاع" والتي قال فيها: "يا اللي فتحت البتاع.. فتحك على مقفول.. لأن أصل البتاع.. واصل على موصول.. فأي شيء في البتاع.. الناس تشوف على طول.. والناس تموت في البتاع.. فيبقى مين مسؤول؟. وإزاي حتفتح بتاع.. في وسط ناس بتقول.. بأن هذا البتاع.. جاب الخراب مشمول.. لأنه حتة بتاع.. جاهل غبي مخبول.. أمر بفتح البتاع.. لأنه كان مسطول!. وبعد فتح البتاع.. جابوا الهوا المنقول.. وفات في غيط البتاع.. قام سمم المحصول.. والجهل زاد في البتاع.. ولا مقري، ولا منقول.. والخوف سرح في البتاع.. ويبقى البتاع في البتاع.. والناس صايبها ذهول.. آدي اللي جابه البتاع.. لأنه حتة بتاع.. مخلب لراس الغول.. باع البتاع بالبتاع.. وعشان يعيش على طول".
هذه القصيدة الرائعة تنطبق تماما على وزير خارجية الانقلاب في مصر سامح شكري الذي انتفض متهدجا "شيلو البتاع من قدامي" عندما رأى ميكرفون الجزيرة أمامه في الخرطوم عند إلقاء البيان الختامي لاجتماعات سد النهضة.
بتاع ميكرفون الجزيرة لهذا الوزير "الدكر" ألهى الناس على "بتاع سد النهضة"، الذي يهدد الأمن المائي لمصر، وهو ما دفع أحد الظرفاء إلى كتابة هذا النص المتخيل عقب ما أطلق عليه "غزوة الميكروفون":
السيسي: أخبار مفاوضات سد إثيوبيا إيه يا سامح؟
شكري: فشلت يا أفندم وإثيوبيا مش جايباها البر
السيسي: طب عملت إيه؟
شكري: رميت ميكروفون الجزيرة عالأرض يا أفندم
وقام أحد الظرفاء أيضاً بالإعلان أنه يسجد لله شكرا على "عودة زمن الانتصارات" على يد الوزير الانقلابي بعد طرحه لميكروفون الجزيرة، ليفوز بالضربة القاضية على "الميكروفون الغاشم"، وهو حدث يتصاغر مع أي حديث عن سد النهضة أو عطش المصريين، فالفعل الذي قام به "أسد الخارجية" أكبر من حديث المياه، واحتفى "واحد من إياهم" على شاشة من شاشات السيسي "بالفتح العظيم" والانتصار الكبير إلى درجة أن المخبر "الإعلامي" أحمد موسى اعتبر "أن شكري سجل عشرة أهداف في شباك قطر".
لم يكن يتصور أحد أن ينحدر مستوى النظام الانقلابي في مصر إلى هذا الدرك من السخف والرداءة، الذي حولهم إلى أضحوكة في العالم ومادة دسمة للتطبيل و"الألش" والسخرية اللاذعة وصور "الكوميكس" التي ملأت الفضاء الإلكتروني، وهيمنت على "هاشتاجات" تويتر، واجتاز هاشتاج "#‏سامح_شكري_الدكر"، الذي احتل قمة قائمة الأكثر تداولا لفترة، ووصف أحد الظرفاء الوضع بقوله: "السودان وإثيوبيا عملوا مشروع ربط كهربائي، ومشروع استصلاح مليون فدان، واحنا رمينا ميكروفون الجزيرة على الأرض".
للمرة العاشرة، فشلت الاجتماعات السداسية لسد النهضة بمشاركة وزراء الخارجية والمياه، في الخرطوم، بالتوصل إلى حلول لمشكلة السد، الذي يهدد مستقبل مصر والمصريين، ومع ذلك فإن " أسد الخارجية الدكر" مشغول بميكرفون الجزيرة وينسى أخطر تهديد لوجود مصر في تاريخها.
في المقارنة فإن "دكر تركيا" أسقط الطائرة الروسية بعد أن انتهكت الأجواء التركية 17 ثانية فقط، ولم يتحدث هناك أحد عن "أسد أنقرة"، أما في زمن الانقلابيين فإن المشهد الساخر أو "الكوميديا السوداء" تصل إلى درك آخر من قعر متحرك من التفاهة، والله يستر مصر.