الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الطابور الخامس لنظام الأسد في الأردن

الطابور الخامس لنظام الأسد في الأردن

08.06.2013
باتر محمد علي وردم

الدستور
السبت 8/6/2013
التصريحات والممارسات الخارجة عن أعراف الدبلوماسية التي يمارسها سفير النظام السوري في الأردن منذ فترة طويلة ليست أمرا غريبا بل هي تعكس طبيعة العقلية التي تحكم هذا النظام ومسؤوليه وخاصة خريجي الاستخبارات العسكرية والذين ساهموا بشكل كبير في الأحداث الدامية التي شهدتها سوريا في الثمانينات من قبل سرايا الدفاع والتي ايضا تآمرت على الأردن عن طريق محاولة اغتيال رئيس الوزراء مضر بدران في بداية الثمانينات وتنفيذ عمليات اغتيال ضد دبلوماسيين واعتقال مئات الأردنيين في سوريا بدون سبب.
رد وزير الخارجية الأردني بإنذار سفير النظام السوري كان هو التصرف الأولي المطلوب من دولة تحترم سيادتها، ولكنه ليس كافيا إذ أنه في أية حالة مماثلة يتم الطلب من السفير حزم حقائبه ومغادرة البلاد خلال ساعات معدودة. ليس من المعتاد في الدبلوماسية الدولية والعربية أن يقوم سفير معتمد بتهديد الدولة التي يقيم فيها عسكريا. ما قاله سفير النظام السوري حول صواريخ الباتريوت إما أنه ينم عن جهل عسكري وهذا غير قابل للتصديق أو عن تهديد واضح.
يقول السفير بأن “الداء لصواريخ الباتريوت هو صواريخ الإسكندر الموجودة في سوريا”. نحن نعلم تماما بأن صواريخ الباتريوت هي ذات طبيعة دفاعية وأن دورها يقتصر فقط على تعقب وإسقاط الصواريخ المنطلقة نحو البلاد من جهة أخرى. صواريخ الباتريوت لا يمكن أن تنطلق من الأردن هجوما على سوريا بل مطلوب منها تتبع وإسقاط اية صواريخ تدخل الأردن، وإذا كان السفير يتبجح بأن لديه “داء” للباتريوت فهو يعني بأن صواريخا هجومية سوف تنطلق نحو الأردن لأن الصواريخ الدفاعية لا تتواجه مع بعضها.
هذا التهديد الصريح ليس الأول بل كانت هنالك تهديدات سياسية وتصريحات ساخرة لا تحمل اي نوع من الاحترام للدولة الأردنية وإذا كان ثمة سبب للغضب فهو “طول بال” الحكومة على هذا السفير في الاسابيع والأشهر الماضية إلى أن وصل إلى حالة يعتقد فيها بأنه فوق الدولة والحكومة والمجتمع الأردني الذي يستضيفه.
ما يثير الاشمئزاز في هذا الصدد هو قيام مجموعة من السياسيين والإعلاميين الأردنيين بمهاجمة وزير الخارجية الأردني بل وتوجيه إنذار له وذلك دفاعا عن سفير النظام السوري. لا يهمهم تهديد السفير للأردن ولا تصريحاته المسيئة ولا عدم احترامه للبلد ولكن دعمهم الأعمى للنظام السوري يجعلهم في حالة صدام مع الدولة الأردنية. الطريف أن أحد هؤلاء يعتقد أنه يملك حق توزيع صكوك الوطنية على الأردنيين بل وحتى تعريف من هو الأردني خلال السنوات الماضية عن طريق بث الفتن والتوتر في المجتمع، ولكنه في لحظة كشف حساب عفوية يصطف إلى جانب النظام السوري ضد دولته وحكومته بالرغم من أن النظام السوري هو المسيء.
لدي ثقة تماما بأن الرقابة الأمنية موجودة وبدقة على الطابور الخامس المؤيد للنظام السوري في الأردن ولكن المسؤولية تقع على الإعلاميين والنشطاء في العمل العام بعزل هؤلاء وفضحهم وعدم التعامل معهم وعدم منحهم اي دور على الساحة السياسية الأردنية لأن استفزازهم بلغ حدا لا يمكن الصمت بشأنه. من يدعم نظاما يقتل الأطفال والنساء ويدمر المدن ولا يمتلك ذرة من الضمير والأخلاق البشرية يشكل خطرا حقيقيا على المجتمع الأردني ايضا لأن نفس هذه العقلية قابلة لإطلاق شرورها في الأردن، ولا بد من الحرص الشديد