الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الطريق إلى فشل "جنيف2"

الطريق إلى فشل "جنيف2"

21.01.2014
منار الرشواني


الغد الاردنية
الاثنين 20/1/2014
فقط على أعتاب مؤتمر "جنيف2" بشأن الحرب السورية، "يكتشف" الغرب ما هو معروف منذ سنوات طويلة، عن وجود علاقة تحالف أو تنسيق أو تواطؤ في الحد الأدنى، بين نظام بشار الأسد وبين "القاعدة"، وتحديداً تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش). فعدا عن كل ما تتمتع به أجهزة الاستخبارات في الدول الغربية تلك من قدرات للتجسس حتى على بعضها بعضاً، فإن حليف الأسد اليوم، رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، كان لا يتردد ولا يمل إلى حين اندلاع الثورة السورية، من اتهام نظام الأسد بالمسؤولية المباشرة عن كل عمليات "القاعدة" في العراق.
رغم هذا الاكتشاف العظيم، إلا أنه لم يعد بالإمكان الآن تدارك "الخطأ"، برأي "أصدقاء سورية"، مع تنامي قوة "داعش" (وسواه من التنظيمات الإسلامية التي يقرر الغرب وحده أنها إرهابية)؛ لاسيما أن من السهل إجبار الأسد على فك تحالفه مع "داعش" طالما أن كل ما يريده الأسد هو البقاء في السلطة. وقد سارع النظام فعلاً إلى تقديم عربون رمزي لأجل ذلك، بقصفه، ولأول مرة، مقراً للتنظيم في الرقة، قبل أيام!
وإذا كان هناك من سيقول إن التاريخ حافل بالشواهد على حقيقة الأهداف الأميركية المدمرة للمنطقة ككل ومنها سورية، لدوافع كثيرة بينها أمن إسرائيل، ولو كان ذلك بالتواطؤ مع نظام الأسد، فإن السؤال يظل محيراً بشأن الدور الروسي!
فعشية "جنيف2" أيضاً، تُصعد روسيا، وفق "رويترز"، دعمها لنظام الأسد عسكرياً، بـ"مدرعات وأجهزة مراقبة ورادار وأنظمة حرب إلكترونية وقطع غيار لطائرات الهليكوبتر وأسلحة متنوعة منها قنابل موجهة"، لا تُستخدم طلقة أو قطعة سلاح واحدة منها ضد الغارات الإسرائيلية المتواصلة على سورية، بل هي أسلحة "دفاعية" (بالتوصيف الروسي الملتزم بالقانون الدولي!) في مواجهة الشعب السوري الذي يغدو كله "قاعدة"! منطق ترفضه حتى المعارضة السورية السلمية في الداخل، ممثلة في "هيئة التنسيق الوطنية"، والتي طالما حظيت بشديد اعتراف وشديد تقدير "لفظي" من حلفاء الأسد الروس.
إذ تلخص "الهيئة" في بيانها الصادر منتصف الشهر الحالي موقف الطرف الروسي بأنه "لم يبذل.. أي جهد يذكر من أجل قيام السلطات السورية بخطوات إيجابية نحو المجتمع السوري"، متسائلة: "كيف ندخل المؤتمر (جنيف2) وعضوان في وفدنا وراء القضبان (عبدالعزيز الخيّر ورجاء الناصر)، وأعضاء آخرون ممنوعون من السفر؟ هل يمكن التفاوض مع سلطة لم توقف القصف العشوائي بالبراميل على المدن؟ وهل يمكن أن نعتبر جريمة الحرب هذه واحدا من موضوعات المساومة والضغط للوفد الحكومي؟".
بالنتيجة، يمكن الاختلاف بشأن دوافع الروس والأميركيين والغربيين عموماً وسواهم، لتدمير سورية؛ لكن لا يمكن أبداً الاختلاف على مسؤوليتهم عن ذلك. ولا يخفف من وطأة هذه المسؤولية إلا أن هؤلاء لن يكونوا سوريين أكثر من نظام "سوري" يتولى تدمير سورية مباشرة، بعد تكفير الشعب كله، واتهامه بالإرهاب، بمن فيهم اللاجئون في الخارج!
ومع الإصرار على مواصلة تدمير سورية، دعماً وصمتاً، هل يُتوقع من هذه الأطراف رعاية "مؤتمر سلام"، إلا من نوع ذلك السلام الذي لا يحل بعده سلام أبداً؟!