الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الطفولة السورية: زلزال قادم ومرحلة جديدة من السلوك البشري العدواني

الطفولة السورية: زلزال قادم ومرحلة جديدة من السلوك البشري العدواني

28.12.2013
عبد الله أبو مازن



القدس العربي
الجمعة 27/12/2013
لا يناقش أحد في أهمية مرحلة الطفولة في حياة الكائن الحي، ولا يوجد منا ـ من لا زالت لديه قدرات عقلية على التذكر ـ من لا يتذكر الكثير من الأحداث التي مرت به أو من حوله في طفولته. إن علماء التربية وعلم النفس يركزون على أهمية البناء السليم لأي طفل في هذا العالم، بمختلف الجوانب النفسية والجسدية والعقلية؛ فإهتم تبعاً لذلك علماء التربية بمختلف المدارس التربوية، بكيفية تعليم الطفل ضمن بيئة تربوية سليمة، بدءًا من الأسرة ومروراً بالمدرسة والمجتمع ككل.
لقد حذر خبراء التربية وعلم النفس من الآثار السلبية المترتبة لأي نوع من العنف على نمو الطفل وتطوره وقدرته على التعلم مما يعرقل نشوء فرد سوي في المجتمع. وفي هذا الجانب على المجتمع ككل إبعاد كل ما يؤثر في تربية الطفل، من مظاهر سلبية قد يشاهدها أو يسمعها الطفل، من مختلف المصادر والأمكنة وعلى مدار الساعة. فدراسات كثيرة بينت مخاطر ما يشاهده الطفل من صور القتل والعنف، على تشكل سلوكه ونفسيته الراهنة والمستقبلية وتأثير ذلك على المجتمع. وكثير من المواقف التي تؤثر في الطفل تستقر بعقله الباطني وعندما يزداد إنضغاط تلك المواقف وتراكمها لا بد لها من تفريغ بإتجاه معين؛ وهو ما يظهر على سلوك الطفل الآني والمستقبلي وتختلف ردة فعل الطفل تبعاً لكمية ونوعية الضغوط والطفل نفسه.
إن المشاهد التلفزيونية الضارة ألقت بالكثير من الشبان في دروب الإجرام؛ فكيف بالأطفال الذين يعيشون مآسي الحرب المدمرة طوال الوقت. لا ضرورة للتذكير بما يصدم به أطفال سورية من مقتل إخوانهم أو أهليهم أو أصدقائهم بأبشع وصف، أو إصابتهم بعجز أو تدمير منازلهم أو رؤية التفنن بقتل البعض بطرق كما بالأفلام، أو الموت جوعاً أو عطشاً أو برداً .
ماذا سيصيب نفسية من ينجو من معارك مجنونة مستقبلاً؟ بعض من يشاهد العنف ‘ البسيط ‘ قد يتحول لقاتل ومغتصب؛ فماذا سيحل بمن يعيش دوامة العنف؟ إن العالم بكل خبرائه سيعجزعن توقع ما سيتولد عن الحرب ـ إن إنتهت ـ من كره وحقد، وسيكون رأس الحربة لهذا الحقد أطفال اليوم ـ شباب ورجال الغد. فنفسية الإنسان المركبة وشديدة التعقيد، ستضفي عنفاً جديداً سيتولد بفعل العوامل الكثيرة والشائكة المساهمة في هذه الحرب، بحيث ستنتج نوعاً جديداً وغريباً من السلوك وعندها سيؤرخ علماء التربية مرحلة جديدة من السلوك البشري العدواني، غريب الشكل والعمق يضرب كافة المجتمعات وينتشر كجراثيم لن ينجو منها أحد. وسيبدأ الخبراء بتناول نظريات جديدة تحاكي مرحلة الحرب في سورية بحيث ستكون هناك نظريات في التربية تنطلق بتأثيرالحرب في سورية .