الرئيسة \  واحة اللقاء  \  العالم الموحد يجب الا يخاف من الاسد

العالم الموحد يجب الا يخاف من الاسد

31.08.2013
بوعز بسموت


القدس العربي
الجمعة 30/8/2013
العالم يفكر اليوم بصوت عالٍ عن الهجوم المتوقع ضد نظام الاسد. لم يعد السؤال اذا، بل كيف ومتى. صور ضحايا السلاح الكيميائي لنظام الاسد تبث من دون انقطاع في العالم. وليس الجنرالات وحدهم يعدون للضربة في سورية، بل والمؤثرون في الرأي العام في الغرب يعدون العالم للضربة. اوباما كان يفضل، على اي حال، الانشغال بأمور اخرى. وللحقيقة، نحن أيضا، ولكن متى وعدنا الشرق الاوسط ووعد العالم بالهدوء؟
أربعة أعضاء مركزيين ومهمين في حلف الناتو الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا وتركيا شددوا في الـ48 ساعة الاخيرة، النبرة. من ناحية الاربعة، عمل المراقبين في دمشق أصبح اليوم زائدا. فالاسد اجتاز هذه المرة الحدود ويجب ان يعاقب. السؤال اذا كان البديل للاسد أفضل، لم يعد يُسأل. فالجواب على ذلك واضح: لا أحد يوهم نفسه في أنه اذا ما، او عندما سيسقط الاسد، سورية ستكون دولة أفضل للمنطقة بشكل خاص وللعالم بشكل عام.
ايران منشغلة في شؤونها
كما أن أحدا لا يؤمن بانه بعد الهجوم ـ بحجوم ليست واضحة بعد ـ ستقوم ديمقراطية في سورية. يبدو أنه بعد عمليات الغرب في السنوات الاخيرة على الاراضي الاسلامية ـ مثلما في العراق، في افغانستان او في ليبيا ـ بات واضحا أن خيرا لن يخرج من هذا في اليوم التالي. ولكن ليس للغرب الكثير من الخيارات، فعدم الفعل في ضوء استخدام السلاح الكيميائي سيجعل الغرب فقط قوة أخلاقية (وهذا أيضا محدود الضمان) هزيلة. الغرب سيصبح جسدا ينبح ولكنه عديم قوة الردع. بدلا من أن يكون لنا عالم مقسم ـ مثلما هو الحال دوما ـ بين أخيار وأشرار، التقسيم سيكون بين أشرار وضعفاء. في واشنطن فهموا بانه محظور لهذا ان يحصل. خطاب كيري كان الأمر الذي انتظرنا سماعه من أمريكا.
السؤال اليوم هو كيف سيتصرف اصدقاء الاسد في حالة الهجوم. طهران اعترفت بحقيقة أنه جرى استخدام لسلاح كيميائي، ولكنها تعارض بشدة الهجوم على شريكها الاسد، بل وتهدد بآثار خطيرة على المنطقة. معقول الافتراض بان ايران لن تتدخل، فهذا هو الأمر الاخير المجدي لها عمله في الوقت الذي تحتاج فيه الى الوقوف في الظل والسماح لاجهزة الطرد المركزي لديها بالدوران.
في طهران يحرصون اكثر على بقاء النظام والمشروع النووي. معقول الافتراض بان ايران ستفعل بالضبط ما فعلته أثناء الهجوم الامريكي على العراق. ستبقى في الظل، بل ربما تقوم بنشاط محظور في مجالها النووي الى أن يمر الغضب.
الاختبار الكبير هو روسيا، لا شك انه منذ نهاية الحرب الباردة يدور الحديث ربما عن المواجهة الجبهوية الكبيرة الاولى بين واشنطن وموسكو. ومع أننا شهدنا في الماضي خلافات بين القوى العظمى في مسائل كوسوفو والعراق، ولكن هذه المرة يخيل أن المواجهة بينهما أكثر حدة بأضعاف. لقد اصبحت روسيا منذ بداية الحرب الاهلية في سورية في 15 اذار/مارس 2011 كلب الحراسة للاسد. من المثير للفضول أن نعرف الى اي حد سيكون بوتين مستعدا لان يسير في معارضته المعلنة لهجوم على آخر حليف له في الشرق الاوسط. يجدر بالذكر ان المواجهة الدبلوماسية الجبهوية بين واشنطن وموسكو تتم في مناخ متوتر في اعقاب قضية ادوارد سنودان.
مفهوم انه يوجد مخرج يمكن أن يكون مناسبا للروس ولادارة اوباما على حد سواء: يوجد سيناريو هجمات موضعية على نمط صواريخ جوالة أمريكية ضد أهداف في سورية الامر الذي يمكنه أن يتم بسرعة كبيرة وبالتوازي مع تقديم موعد المحادثات بين الروس والامريكيين المخطط لها لتشرين الاول/ اكتوبر في لاهاي، قبيل لقاء جنيف 2.
وسيكون مريحا جدا لاوباما الهجوم (فسيؤدي مهامه وبالتوازي يرفع العتب على حد سواء) مع ضوء اخضر من الاسرة الدولية، ومع منظور حل دبلوماسي سريع. الاسد هو الاخر يمكنه ان يتعايش مع مثل هذا السيناريو، ولا سيما اذا ما حصل لاحقا على روسيا وايران كشريكتين نشيطتين في محادثات جنيف 2.
رياح الحرب تهب حتى استراليا، التي تسير على الخط مع الولايات المتحدة. رئيس وزراء استراليا، كافين راد، تحدث مع اوباما بالنسبة للامكانيات التي تحت تصرف دول الناتو على السبيل للرد على الهجوم بالسلاح الكيماوي الذي نفذه الاسد. ينبغي ان يكون على مسافة الاف الكيلومترات من المنطقة كي يرى كم هو في مركز الانتباه العالمي.
الاسد، بالضبط مثل صدام حسين في 1991، يهدد باشعال المنطقة. ليس له مفر. العالم الموحد لا ينبغي أن يخاف من الاسد. كما أن الغرب الموحد ينبغي أن يكون كافيا. كما أن العالم العربي المصاب، الهش والمهزوز جدا بعد أحداث السنتين ونصف السنة الاخيرة غير قادر، وفي هذه الحالة غير معني ايضا، بمنع هجوم على سورية. الديمقراطية في العالم العربي غير موجودة، ولكن الرغبة في الحرية كبيرة وللشارع العربي يوجد وزن اكبر. فمنذ زمن بعيد حسم موقفه من الاسد. نصرالله لم يفهم هذا وكاد يفقد كل مكانته.
الاسد منذ زمن بعيد كان ينبغي ان يكون الزعيم العربي السادس والاخير الذي يفقد كرسيه منذ 2011. وصور جثث الاطفال في سورية التي تصل الى بيوتنا منذ اشهر، تلزمه بان يكون قد رحل. غير أنه ينبغي الافتراض بان في الغرب ايضا سيكتفون بالحفاظ على مصداقيتهم وعلى الميثاق الذي يحظر استخدام السلاح الكيميائي (الامر الذي كان ينبغي لمجلس الامن أن يأخذه على نفسه). عزل الاسد لا يفترض ان يكون الخطة.
الويل للعالم الذي يمر بصمت على استخدام سلاح غير تقليدي. والتفكير بانه يوجد في المنطقة نظام مجنون يتطلع الى التزود بالنووي.
اسرائيل اليوم 29/8/2013