الرئيسة \  مشاركات  \  العالم على شفا حرب عالمية ثالثة

العالم على شفا حرب عالمية ثالثة

05.12.2015
هيثم عياش



كاتب ومفكر سياسي
في الثامن والعشرون من حزيران / يونيو  عام 1914 أقدم شاب من جمعية الطلبة البوسنوية على اغتيال ولي عهد دولة هابسبورج  النمساوية فرانس فرديناند مع زوجته في سراييفو  وبعد تلك الحادثة بخمسة عشر يوما اندلعت الحرب العالمية الاولى ليشارك بها اربعون دولة بعد اعلان القيصرية الالمانية الوقوف الى جانب النمسا ضد صربيا وروسيا واليونان وغيرهما وجذبت المانيا والنمسا الدولة العثمانية الى جانبهما ،و استمرت تلك الحرب اربعة أعوام راح ضيحتها اكثر 17 مليون نسمة من مجموع حوالي 70 مليون نسمة كانت بلادهم تعيش في حالة الحرب . كانت حادثة اغتيال ولي عهد دولة هابسبورج شرارة تلك الحرب .
وبعد وضع تلك الحرب اوزارها عام 1918 بواحد وعشرون عاما وبالتحديد في اليوم الاول من ايلول / سبتمبر عام 1939 اندلعت الحرب العالمية الثانية باجتياح المانيا النازية لبولندا ، شارك بتلك الحرب اكثر من ستين دولة راح ضحيتها ما بين 60 الى 70 مليون نسمة من مجموع حوالي 110 مليون نسمة كانت بلادهم تعيش في حالة  حرب ايضا . تلك الحرب التي انتهت عام 1945 لتبدأ بعده الحرب الباردة التي استمرت الى عام 1989  وانتهت بافول حلف وارسو العسكري الذي كان بين الدول الشيوعية باوروبا الشرقية مع انهيار جدار برلين واعادة توحيد الالمانيتين .
مضى على الحرب العالمية الاولى واحد ومائة عام وعلى الحرب العالمية الثانية ست وسبعون عاما . ويرى خبراء السياسة الدولية وخاصة خبراء الشرق الاوسط انه بظهور تنظيمات ارهابية متشددة بالمنطقة والحرب القائمة بسوريا والتدخل الروسي والايراني الى جانب بشار اسد ونظامه اضافة الى تدهور العلاقات بين تركيا وروسيا وحلف شمال الاطلسي .
ربما تكون الطائرة العسكرية الروسية التي اخترقت اجواء تركيا يوم 24 من تشرين ثان / نوفمبر  وأسقطتها سلاح الجو التركي فوق سوريا والانتقادات التي ترافق تلك الحادثة بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير لتكون احد أسباب اندلاع حرب اقليمية لتمتد الى حرب دولية ، فرئيس روسيا بتدخله العسكري الى جانب بشار اسد وصبه الزيت على النار بالعلاقات المتدهورة بين بلاده وتركيا لا يعتبر فقاعات هوائية فالصراع على القوة والنفوذ بين الشرق والغرب اشتد أواره منذ التدخل العسكري السياسي والروسي في اوكرانيا اضافة الى اعادة الولايات المتحدة الامريكية نشر صواريخها الدفاعية في اوروبا وخاصة بدول المعسكر الشرقي سابقا التي اصبحت عضوة بحلف شمال الاطلسي / الناتو / هذا الحلف الذي يسعى لتوسعة رقعته بجميع الدول الاوروبية  الامر الذي ترى موسكو فيه خرق لاتفاقيات دولية كانت ضمن شروط موسكو موافقتها عل اعادة توحيد الالماتيتين منها شرط أساسي يكمن بعدم تجاوز حلف شمال الاطلسي / الناتو / امتداده الى الجهة الشرقية من نهر ألبه أي ان لا يتجاوز حدود الشرق الالماني مع بولندا والشيك .
ويحذر أستاذ العلوم السياسية من معهد واشنطن للسلام الدولي باول فيلهلم سينجر خلال ندوة دعا اليها معهد مارشال للدراسات الياسية والعسكرية بالعاصمة برلين هذا اليوم الاربعاء 2 كانون اول / ديسمبر  ان الصراع  بين الدول العظمى على النفوذ عادج من جديد ، صحيح ان الولايات المتحدة الامريكية بعهد الرئيس الحالي باراك اوباما ضعيفة وغير جادة بسياستها الخارجية التي تكمن بشرطي العالم وتختلف عن الادارة الامريكية في عهد الرئيس السابق جورج بوش الذي اعتبره بالرئيس المحارب ، الا ان الادارة الامريكية تعد نفسها لتدخل عسكري سريع بمنطقة الشرق الاوسط اذا ما اسفر تدهور العلاقات بين انقرة وموسكو من نبرة الانتقادات والاتهامات الى نبرة التهديد بالحرب .
لن يكون هناك احتدام عسكري بين / الناتو / وروسيا من اجل تركيا العضوة الهامة باالحلف المذكور ، بل من اجل اثبات الحلف بأنه الجهة الرئيسية القوية بالعالم ، فاعلانه هذا اليوم الاربعاء 2 كانون اول / ديسمبر فتح الطريق لجمهورية الجبل الاسود / مونتينجرو / الدخول بعضوية الحلف يثير غضب روسيا اكثر مما كان ومما عليه الان. فـ / الناتو / لم يعد يبالي بآراء موسكو بتوسعة رقعته بالشرق الاوروبي وبلاد القوقاز الجنوبية مثل جورجيا وتدريباته العسكرية في اوكرانيا ، بينما ترى موسكو بان تهديدات / الناتو / غير واقعية والحلف لن يجرؤ على توجيه اي ضربة عسكرية ضد روسيا اذا ما أشعلت الحرب ضد تركيا ، فحلف شمال الاطلسي يخشى من تحالفات عسكرية تقوم موسكو حاليا بإعدادها مع الصين وايران وبعض دول آسيا الوسطى .
الصين تستغل الخلافات القائمة بين اوروبا وروسيا لتصعد على الصعيد الدولي للقوى فالتحالف العسكري بين الصين وروسيا قديم ووقوفها الى جانب روسيا باي حرب تقع مسألة وقت تنتظر ساعة الصفر التي تكمن باطلاق زناد رصاصة واحد بين / الناتو / وروسيا ولا سيما بين أنقرة وموسكو . فالصين اصبحت من الول القوية اقتصاديا وصناعيا فخلال ثلاثين عاما اصبحت تزاحم الاقتصاد الدولي والمراقبين الاقتصاديين والسياسيين يؤكدون انه خلال حلول عام 2035 ستصبح الصين القوة العظمى في العالم سياسيا واقاصديا وعسكريا وباستطاعتها احتلال اليابان وجزرها الواقعة بالمحيط الهادئ والهندي وهمينتها بكل قوة على افريقيا .  العالم على شفا حرب العالمية ثالثة ، على حد رأي استاذ علوم التاريخ هاينريش اوجوست فينكلر ، فالحرب ضد تنظيم ما يُطلق عليه بـ / الدولة الاسلامية / واعلان المانيا الدخول الى جانب فرنسا ودخول روسيا الى جانب رئيس نظام سوريا بشار اسد بحجة القضاء على الارهاب سيكون بمثابة حرب حقيقية بين الدول الكبرى على ارض الشرق الاوسط ، والدول الاسلامية مثل تركيا والسعودية وقطر لن تقف مكتوفة الايدي أزاء هذه الاخطاء التي تهدد كيانها وكيان العالم الاسلامي .
الحرب الثالثة ستكون حرب بين الاديان كما كانت الحرب العالمية الاولى والحرب بالبلقان في التسعينات كانت حروب دينية قحة فالحرب الاولى كانت بين الكاثوليكية والارتودكس والحرب البوسنوية بين الارتودوكس والكاثوليك والمسلمون ضحيتهما .
العداء بين تركيا وروسيا ، تقليلدي يعود الى زمن الدولة العثمانية  فقد حملت القيصرية الروسية لواء المعاداة الدولية العثمانية من دولة هابسبورج الضعيفة تلك الدولة التي كانت  تحمل اسم مع القيصرية الالمانية / الدولة الرومانية الغربية المقدسة  /   واستطاعت القيصرية الروسية بحروبها مع الدولة العثمانية وتشجيعها الاقليات العرقية في البلقان الثورة ضد الدولة العثمانية وكانت وراء انهيار تلك الدولة بعيد الحرب العالمية الاولى . الحرب القادمة حرب بين الاديان بكل معنى هذه الكلمة اي شبه  حرب  صليبية .  وحرب اقتصادية كبرى فعدا الصين التي ستصبح اكبر قوة سياسياة واقتصادية بالعالم فان روسيا التي اعلن الغرب معاقبتها اقتصاديا لم تتضرر بشكل كبير من هذه العقوبات وباستطاعتها خلال السنوات الخمس المقبلة توسعة قوتها الاقتصادية  بنسبة تصل الى 3،6 بالمائة مما عليه الان بالرغم من العقوبات  وابتزاها العالم الصناعي بوقف ضخ الغاز والنفط اليه لإذعانه القبول بسياستها في اوكرانيا واوروبا الشرقية والشرق الاوسط أيضا .
الحرب الثالثة حرب بين الاديان والمسلمون سيخرجون منتصرون في هذه الحرب ، ففي آخر مؤتمر صحافي عقده كقائد عام لحلف شمال الاطلسي / الناتو / أكد جون كالفين في 20 ايار من عام 1988 أمام مسامعنا بالعاصمة القديمة لالمانيا / بون / ان الحرب البادرة قد انتهت وكسبناها ، الا ان حربا  ونزاعا قديما سيتجدد وهو النزاع القديم والتقليدي بين الاسلام والغرب وستكون اغلبة للمسلمين ، فقلنا له وقتها ان الدول العربية والاسلامية تختلف مع بعضها البعض لاتفه الاسباب ، فاجاب قائلا انه سيضعون خلافاتهم جانبا ويجتمعوا لمواجهتنا ، وسألناه وقتها اذا ما كانت ايران ستكون مع بين الدول التي ستواجه الغرب فقال لا انها ستواجه الدول الاسلامية الاخرى معنا .