الرئيسة \  واحة اللقاء  \  العدوان الروسي على الشعب السوري.. الجريمة والعقاب

العدوان الروسي على الشعب السوري.. الجريمة والعقاب

22.10.2015
داود البصري



الشرق القطرية
الاربعاء 21/10/2015
لمن يعرف الطبيعة المخاتلة والأسلوب الخبيث لإدارة النظام السوري لأوراق الأزمة السورية الطويلة والمستعصية، فإنه لم يفاجأ بالتدخل العدواني العسكري الروسي الفظ، والذي جاء بعد أن وصل النظام السوري لحافة الهاوية وللإفلاس المطلق المؤدي للانهيار، فكل الوصفات الطائفية والإقليمية التي استعان بها لم تنجح في فك عثرات النظام، وكل الخطط الاستشارية والعسكرية والطائفية التي أدار محاورها النظام الإيراني من خلال منظومة الحرس الثوري فشلت بالكامل بعد أن تحولت الخسائر البشرية التي أنزلها الجيش السوري الحر وبقية الفصائل السورية المقاومة بالنظام وحلفائه لكوارث حقيقية ومرعبة تؤشر على مصير أسود مدلهم! سيحيق بالنظام وعلى هزيمة نكراء، ومما رسخ مخاوف حلفاء النظام السوري من الانهيار السريع هو تزايد الخسائر الكبرى في صفوف القيادات العسكرية الأولى لجماعة حزب الله اللبناني والتي بلغت مبلغا قياسيا غير مسبوق ضرب في الصميم مركز البنية العسكرية للحزب، إضافة إلى النكبة التي حلت بقيادات الحرس الثوري الإيراني المتساقطة والتي أثارت لغطا كبيرا وأثارت قلقا حادا في الأوساط الإيرانية، مما دفع النظام الإيراني لإرسال قياداته الأمنية العليا مثل علاء الدين بروجردي وعلي شمخاني لدمشق لتفقد الأحوال ومحاولة مداراة ما حصل.
التدخل العسكري الروسي لن يحلحل أزمة النظام، ولن يفك الحصار القاتل عنه، بل سيضيف للصراع أبعادا درامية مزعجة ستوسع إطار المعارك، وستعمق الأزمة، وستوسع مساحات القبور، وستخلط الأوراق وبما يشجع تطور أعمال العنف التي قد تنتقل خارج الحدود السورية لتشكل تهديدا للأمن والسلام في مناطق أخرى من بينها العمق الروسي ذاته. دخول الطيران الروسي والصواريخ الروسية لدعم جبهة النظام السوري المتهاوية لن يغير أبداً كما أسلفنا من مصير نظام بات يعيش خارج إطار الشرعية ومنطق التاريخ وحتميته أيضا، لقد كان واضحا بأن الهدف المركزي للطيران الروسي هدف تدميري بحت ومحاولة يائسة وعقيمة لكسر ظهر الثورة السورية من خلال استهداف قوتها المركزية المعتدلة والشرعية الممثلة في الجيش السوري الحر، وقد نال المدنيين العزل دمار كبير في ظل صمت دولي مريب وعجز عن التحرك لمنع المأساة وإيقافها، وهي وضعية لن تساهم أبداً في استئصال التطرف، بل ستزيد نيرانه وستعززه بمآسٍ تقترفها طائرات وصواريخ الروس العدوانية التي هي الغطاء الجوي لمحاولات النظام وحلفائه التقدم على الأرض وكسب الوقت والمواقع معا لفرض أجندة تفاوضية معينة لن تجد أبداً قبولا من قوى الثورة السورية الحرة.
المجازر البشعة التي اقترفها نظام بشار تجعل من مسألة الحوار معه أو إعادة تأهيله مهمة دونها خرط القتاد وخيانة حقيقية لدماء الشهداء، والروس مهما اقترفوا من جرائم من علو شاهق، فإنهم لربما ينزلون للأرض عبر نشر قوات النخبة بعد الحديث عن توسيع لقواعدهم العسكرية في الساحل السوري وهو ما سيؤدي لصدام والتحام مباشر مع الثوار وبما يعني انتقال المعركة لآفاق خطيرة قد تكون مدخلا لتفجير الوضع الإقليمي والدولي وهي حالة يحسب لها صانع القرار الروسي ألف حساب، لذلك فإن الهم الروسي هو كيفية تحقيق الأهداف بأسرع وقت وأقل تكلفة، فالطاقة على الاحتمال محدودة، والدخول في حرب استنزاف مع دول المحور الإيراني المفلس مغامرة غير مأمونة العواقب، وانتصارات الثوار السوريين قد قلبت المائدة على رأس المشروع العدواني الروسي، لذلك كان حديث رئيس الحكومة الروسية ميدييف من أن روسيا دخلت المعركة ليس دفاعا عن نظام بشار، بل عن مصالحها الخاصة!! وهو كلام تبريري غير مقنع، فالعدوان على الشعب السوري يمثل خطيئة تقترفها القيادة الروسية الحالية التي غامرت بالوجود الروسي في الشرق وهو وجود سيصبح من الماضي، فليس بدعم الفاشية المنقرضة تتحقق المصالح، بل من خلال الوقوف مع الشعوب الحرة، وقد سقطت روسيا البوتينية في امتحان القيم والمبادئ، والشعب السوري سينتصر على العدوان ويدحره، تلك سنة الكون، ولن تجدوا لسنته تبديلا..