الرئيسة \  واحة اللقاء  \  العدو واحد.. والإنسانية الهدف

العدو واحد.. والإنسانية الهدف

17.11.2015
أيمن الحماد



الرياض
الاثنين 16/11/2015
    لقد أوصلنا التعفّن في سورية إلى هذه اللحظة بعد أن أُهملت دون حسم لخمسة أعوام نمت فيها الكراهية واستغلت فيها مواجع الناس لتتمدد "داعش"، وتضرب هنا وهناك في المملكة والكويت ومصر ولبنان وغيرها، ويزحف اللاجئون نحو أوروبا خوفاً من مصير سكان المناطق التي استوطنها الإرهاب.. لقد بات لزاماً أن يكون ليل الجمعة الماضية درساً تستوعبه دول العالم، لتدرك بأن الإرهاب يستفيد من الحالة الرمادية، والتباينات الدولية، وحالة الفصام النادرة في التعامل معه على المستوى الدولي.
احتشدت الأحداث في 24 ساعة بشكل دراماتيكي، تحرير سنجار وتفجير "برج البراجنة" واعتداءات باريس، ومقتل الإرهابي البريطاني "جون اموازي"، واستهداف زعيم تنظيم "داعش" في ليبيا نبيل العراقي، وكأننا في لحظة حقيقية وإصرار على تحقيق المكاسب والانتصار، وكأن التنظيم عندما هاجم باريس يريد تشتيت الإنجاز الدولي بالقيام بعملية تعوض خسارته وتعيده إلى الواجهة.
أُسدل الستار في مسرح "باتاكلان" العريق وسط باريس على مشهد تراجيدي - مأساوي تحوّلت معه باريس - المدينة المغرية الغارقة في الأحلام والحب - إلى كابوس مروّع تنضح منها كراهية لا إنسانية، وحقد على الحضارة، وتفوح منها رائحة الدم، وتغطي أرصفتها جثث القتلى.
للحظة تحوّلت شوارع باريس لأحد شوارع مدن الشرق الأوسط التي تنخر الفوضى جنباتها، وكأننا استعرنا مشهداً من إحدى مدن العراق أو سورية أو لبنان أو الصومال، بهذا الشكل، زحف إرهاب "داعش" نحو أوروبا، ليضرب إحدى عواصم "الناتو" مستخفاً بالقدرات الأمنية التي احتشدت من أجل ضربه في سورية والعراق.
ومع صعود هذا التطرف يُخشى من تطرف آخر يغذي "الإسلاموفوبيا" ويرفع من أسهم أحزاب اليمين المتطرفة الأوروبية التي تعمل للوصول إلى مفاصل الدول هناك، وعندها ربما نرى تعنّتاً تجاه الأقليات العرقية والإسلامية وصلابة في وجه من لجأوا إلى أوروبا هاربين من هول ما رأوا في سورية والعراق فخاطروا بحياتهم في البحر بحثاً عن الأمان.. أولئك لا يختلفون عمّن هربوا من مسرح "باتاكلان" خائفين باحثين عن الحياة والنجاة؛ فمنهم من خرج من الباب الخلفي، ومنهم من قفز عبر النوافذ، فالعدو واحد والإنسانية الهدف، ولا مناص اليوم إلا من إيقاظ التحدي والاصطفاف لدحر الإرهاب.