الرئيسة \  واحة اللقاء  \  العراق..نعم هناك مؤامرة خطيرة وقذرة

العراق..نعم هناك مؤامرة خطيرة وقذرة

16.06.2014
صالح القلاب



الرأي الاردنية
الاحد 15/6/2014
كل هذه العواصف التي تضرب العراق ،وتهزه هزاً عنيفاً من الأساسات، وتضرب المنطقة كلها ولا يستطيع العرب أن يفعلوا شيئاً سوى دعوة المندوبين الدائمين في الجامعة العربية للقاء اليوم ليتبادلوا التنهدات العميقة وليشتموا "داعش" ويتباروا في تحميلها مسؤولية هذا الذي يجري مثلهم مثل كل الذين أعطوا إيران المبرر الذي تنتظره ،إمَّا جهلاً وغباءً وإمَّا تآمراً، لإحتلال بلاد الرافدين إحتلالاً فاقعاً ومعلناً بحجة التصدي لـ"الإرهاب" وفرض مفاهيمها الطائفية على الشعب العراقي بقوة الجنرال قاسم سليماني وبفتاوى "المرجعيات" التي لا وظيفة لها إلاَّ هذه الوظيفة.
أليس غريباً ،وهذا يدل على مؤامرة محبوكة بأصباع بارعة في حبك المؤامرات، أن تقول إحدى الصحف الأميركية الكبرى وبالضبط ما يقوله المروجون لضرورة أن تتدخل إيران وأن يتدخل الحرس الثوري للتصدي إلى ما يسمونه "التغلغل" الإرهابي في العراق ولينقذوا نوري المالكي "الذي ملأ الأرض عدلاً بعد أن إمتلأت جوراً"!! وليتصدوا إلى "داعش" التي ذهبت المبالغات بذوي النظرات السياسية "الحولاء" إلى اعتبارها نسخة جديدة من حركة "القرامطة" المعروفة المسؤولة عن "نهْب" الحجر الأسود من مكة المكرمة ونقله إلى البحرين حيث بقي هناك لأكثر من عشرين عاماً.
وبالطبع فإنَّه لابد من التأكيد على أن هناك "داعشين" الأولى في سوريا وهي من إنتاج المخابرات الإيرانية والسورية ومهمتها الإمعان في تشويه الثورة السورية وإعطاء مصداقية لإدعاء نظام بشار الأسد بأنه يواجه ويقاتل مجموعات إرهابية وإعطاء مبرر لتمادي إيران في إرسال كل هذه الشراذم المذهبية للقتال في سوريا بحجة حماية مقام السيدة زينب من إعتداءات وهمجية "قرامطة" و"حشاشي" هذا العصر.. وعلى فكرة فإن الحركة "القرمطية" كانت حركة شيعية وهي مثلها مثل حركة "الحشاشين" التي أسسها حسن الصباح  وكان مركزها قلعة "ألْموت" في عمق الدولة الإيرانية الحالية.
أمَّا "داعش" الثانية ،التي تُنسب إليها أفعالٌ كأفعال "القرامطة" الذين هاجموا مكة المكرمة وبيت الله في يوم "الترْوية" بقيادة ذلك الأفَّاك (أبو طاهر الجنابي) فحصدوا الرؤوس وهتكوا الحرمات ودنسوا المقدسات،.. فهي إمتدادٌ لما يسمى دولة العراق الإسلامية التي بقيت علاقاتها التنظيمية بـ"القاعدة" متذبذبة وغير مؤكدة ولا ثابتة والتي يشارك مقاتلوها وبلا أدنى شك في هذه الإنتفاضة الأخيرة التي مهما حاولت إيران ومعها الإعلام الغربي وبعض الإعلام العربي تشويهها فإنها إنتفاضة سنية ضد معادلة المنتصر و"المهزوم" التي صاغها بريمر بمعرفة الولي الفقيه وبمباركته وطبَّقها الذين عادوا إلى بغداد على ظهور الدبابات الأميركية وأمضوا كل هذه الأعوام منذ عام 2003 وهم يقتتلون على توزيع الغنائم وهم كلهم وبدون إستثناء يتفنَّنون في "التبشيع" بالعرب السنة وإهانتهم وإقصائهم والإعتداء على تاريخهم وحاضرهم.
إنَّ المقصود هنا هو ليس الدفاع لا عن "داعش" بنسختيها ،النسخة السورية والنسخة العراقية، ولا عن نظام ما قبل عام 2003 الذي لم تكن لديه كفاءة مقاومة إستدراجه للوقوع في الأخطاء القاتلة والمدمرة التي وقع فيها التي أوصلت العراق إلى أسوأ مما وصل إليه بعد إحتلال المغول له بقيادة هولاكو جنكيز خان في عام 1258 ..إن المقصود هو أن هناك مؤامرة باتت واضحة كل الوضوح ،إلاَّ لمن لا يريد رؤية الحقائق، لتشويه الثورة السورية والقضاء عليها بتهمة أنها حركة إرهابية ولتشويه إنتفاضة العرب السنة بحجة أنها "داعشية" وبالتالي فإنه من حق الإيرانيين أن يتدخلوا هناك وهنا .. وكأنه أصبح هناك إستسلام بوصاية إيران على هذه المنطقة.
لماذا تفسَّخت كل هذه الفيالق والفرق التي إستنزفت من أمكانيات العراق وعلى حساب لقمة عيش العراقيين كلهم بسنتهم وشيعتهم مئات المليارات من الدولارات وهربت أمام "داعش" "الأسطورية" هذه بدون حتى ولا إطلاق رصاصة واحدة.. هل بالإمكان تصديق هذا؟! .. إن هناك مؤامرة لتشويه إنتفاضة العرب السنة وتصويرها على أنها إنتفاضة "داعشية" إرهابية وإنَّ المقصود هو تبرير تدخل إيران أكثر مما هي متدخلة في العراق.. وأن الهدف النهائي هو تقسيم هذا البلد العربي وفقاً لمعادلة "المنتصر" و"المهزوم" التي صاغها بول بريمر وشاركت فيها إيران وتقاسم نتائجها الذين عادوا إلى بغداد بعد غربة طويلة على أبراج الدبابات الأميركية.. إن هذه هي الحقيقة.. وإن "داعش" هي مجرد "كومْبرس" بدون علمه في مسرحية هي عبارة عن مؤامرة ستثبت الأيام القريبة أنها قذرة وخطيرة.