الرئيسة \  واحة اللقاء  \  العراق والإسلاميون والتردد العربي في حسم المواقف

العراق والإسلاميون والتردد العربي في حسم المواقف

02.07.2014
د. محمد صالح المسفر



الشرق القطرية
الثلاثاء 1/7/2014
الشعب العراقي طوال العام الماضي وهو يستغيث بأشقائه العرب لإخراجه من محنة التجزئة والتفتيت للوطن، وإخراجه من براثن الطائفية القذرة ولا مستجيب له، طوال العام الماضي والشعب يفترش الأرض وفي الهواء المكشوف في عز شتاء العراق ببرده وأمطاره، وفي عز صيفه اللاهب وأخيرا يتجرأ نوري المالكي العميل المزدوج بين طهران وواشنطن ويقتحم بجنده ومليشياته الطائفية مخيمات الاعتصام بتهمة أنهم حاضنة الإرهاب.
كانت مطالب المعتصمين المشار إليهم مشروعة ومنها، إطلاق سراح المعتقلين رجالا ونساء، تحقيق العدالة والمساواة بين أفراد الشعب دون تمييز أو تحيز لطائفة معينة، المحافظة على كرامة الإنسان العراقي، إلغاء المادة أربعة إرهاب إلى جانب أمور أخرى.
اليوم اشتد البأس في العراق والعرب يتفرجون، المالكي يشن حربا بلا هوادة ضد انتفاضة / ثورة الشعب العراقي الشقيق جنده فيها مليشيات طائفية ومرتزقة من خارج الحدود وإيران رمت بكل ثقلها العسكري والبشري والمالي في المعركة ضد الانتفاضة ومطالبها المشروعة، استخدم المالكي لضرب الشعب الرافض لقيادته العراق طائرات إيرانية دون طيار، وطائرات سوخوي الروسية التي لجأت إلى طهران عام 2003 من العراق، وطائرات سورية وغدا سيستخدم إسقاط البراميل المتفجرة على القرى والمدن العراقية دون تمييز كما يفعل بشار الأسد في الشعب السوري اليوم، كل هذا والعرب يتفرجون.
في الأسبوع الماضي اجتمع الملك عبد الله آل سعود بأعضاء "مجلس الأمن الوطني السعودي"، وهي المرة الأولى التي يجتمع فيها هذا الجهاز المهم برئاسة الملك، وفي ختام الاجتماع المهم أصدر أمرا ملكيا بقطع دابر الإرهاب، ونحن نؤيده ونعينه في التصدي للإرهاب، لكن السؤال، أليس النظام الحاكم في دمشق نظاما إرهابيا بكل معنى الكلمة وفي بغداد نظام إرهابي بكل أركانه وتعينهم إيران، وفي كل مناسبة يظهر فيها مسؤول عراقي على وسائل الإعلام يتوعد المملكة السعودية ويهددها متهمها بتمويل الإرهاب؟
في اليوم الثاني ظهر الشيخ صباح أمير دولة الكويت يحذر وينذر الإرهابيين ويؤكد أن الكويت في خطر من كل صوب، واليوم ينضم إلى هذه الأوركسترا الملكية الملك عبد الله الثاني في تحذيره لمخاطر ما يجري في العراق على المنطقة بكاملها.. فهل من سبيل؟!
(3)
بالأمس خرجت على وسائل الإعلام "منظمة داعش" معلنة دولة الخلافة الإسلامية وأعلنت مبايعة البغدادي خليفة للمسلمين، وبكل عقله قبل تلك البيعة، كما يقول بيانهم الذي تلي على وسائل الإعلام والسؤال المحير هل الحركة الإسلامية بكل أنواعها وفقهائها يعتقدون بكل أمانة أنهم قادرون على قيام "دولة الخلافة" وخلافة من يا ترى؟ هل يعتقدون أنهم قادرون على حماية دولة الخلافة في ظل الظروف الدولية وتداخل سبل الحياة بين أطراف المجتمع الدولي؟ البنك الدولي والمؤسسات المالية الدولية ومنظمة التجارة العالمية ومنظمة الصحة العالمية، هذه المؤسسات لن تقبل التعامل مع دولة الخلافة وتداول عملتها، ولن يتمكنوا من وسائل النقل الحديثة، طيرانا، سككا حديدية سيارات وبواخر، لأنهم سيخضعون لنظام المقاطعة العالمية، هؤلاء القوم عاشوا إن كانوا عراقيين حقيقة زمن الحصار على العراق من عام 1990 ـــ 2003 ورأوا بأعينهم ما حل بالعراق من أمراض وجوع وانهيار للصناعة وانتشرت الأمية بين الناس والأمراض نتيجة للحصار الدولي المفروض على العراق.
هل يعتقدون أن العالم وأولهم دول تدين بالإسلام ستقبل بهم وتتبادل معهم المنافع أنه أمر مستحيل لأن تلك الدول مرتبطة مصالحها بدول العالم.
إن الممارسات التي يمارسها المنتمون إلى هذه الجماعات مع أفراد المجتمع الذي يسيطرون عليه اليوم لن يكونوا سندا لتلك التنظيمات. سؤال بريء، هل أفلس قادة الفكر الإسلامي المعاصرون في إيجاد طريقة يتعامل بها الناس مع الدين والدنيا غير النماذج التي نراها اليوم في العراق وسوريا ومصر ولبنان والصومال واليمن، بل في كل مكان؟ إن الحركات والتنظيمات الإسلامية اليوم في حاجة ماسة لمراجعة فكرها وسلوكها ومعاملاتها مع الناس قبل فوات الأوان.
(4)
نقول ونذكر حكامنا وقياداتنا بأنهم تباطأوا في معالجة الشأن السوري وكان بإمكانهم في الأشهر الأولى تحقيق مطالب الشعب السوري ولكنهم تباطأوا واتسعت دائرة الصراع وتشعبت ولم يعد الأمر في أيدينا وحدنا نحن العرب، أمريكا تمثل ثقلا وإيران وروسيا وعصابات طائفية مسلحة وحاكم استخدم كل أدوات التدمير لجعل سوريا بكاملها حجرا على حجر.
اليوم يأتي العراق على القائمة، المالكي بشخصه ومن حوله مليشيات مسلحة بأحدث الأسلحة تدعمه إيران وبشار الأسد رغم محنته، ومرتزقة من كل مكان لفرض الهيمنة على العراق، ولم يتوقف المالكي من تهديد دول الجوار العربي، خاصة دول الخليج العربي، تعينه في ذلك إيران وتتغاضى أمريكا، بل تذهب إلى القول إنها تدرس احتمالات التدخل بضربات جراحية لمواقع الثوار، ولست أدري هل تعلم أمريكا أو لا تعلم بأن الانتفاضة / الثورة العراقية المباركة ليست قيادتها وأفرادها هم تنظيم داعش، "إنها ثورة تجمع كل المضطهدين، ولحل هذه المشكلة ولكي يحل السلم والأمن الجماعي في المنطقة وفي العراق خاصة فعلى الولايات المتحدة الأمريكية إعادة النظر في "دستور برايمر"، إنه جوهر المشكلة وعلى الدول العربية المجاورة أن تقنع واشنطن بذلك الخلل الدستوري الرهيب ولذا كان شرط تعديله من قبل الغالبية العظمى من الشعب العراقي الانخراط في العملية السياسية.
آخر القول: لا تتبطأوا أيها القادة العرب في حل الأزمة العراقية الراهنة من جذورها ولا تقبلوا بالترقيعات (فالجعفري، وعادل عبد المهدي وجبر صولاغ وأحمد الجلبي)، كلهم من طينة واحدة، ولو أعجبكم قول بعضهم، وإلا فإنكم جميعا ستكونون من الخاسرين.