الرئيسة \  واحة اللقاء  \  العراق وسورية.. انسداد سياسي تاريخي

العراق وسورية.. انسداد سياسي تاريخي

11.06.2015
الوطن السعودية



الاربعاء 10/6/2015
في العراق وحدها، ومنذ يونيو الماضي، سجلت الأرقام من ضحايا الحروب والنزاعات أكثر من 90 ألفا، ما بين قتيل ومصاب ومفقود!
فسقطت الموصل قبل عام في يد "داعش"، ولنا أن نتخيل أن ضحايا الحرب على يد هذا التنظيم المتطرف، وغيره من التنظيمات المشابهة له، بلغت 40 ألف قتيل و25 ألف جريح و3 آلاف مفقود!  أما المرصد السوري لحقوق الإنسان فأوضح أن عدد القتلى في سورية منذ بدء الثورة الشعبية السورية في منتصف مارس 2011 ارتفع إلى 230 ألف قتيل، والمحزن أن بينهم أكثر من 11 ألف طفل!
لن نتحدث عن تداعيات ما بعد الحرب، لأن القتال لا يزال على أشده في العراق وسورية. في أرض السواد تحاول الحكومة والفصائل الشيعية إزاحة التنظيم الأكثر إرهابا ووحشية، "داعش"، مع أن هذا التنظيم الإرهابي ليس الخصم الأوحد للعراق. هناك ميليشيات وفصائل إرهابية مدعومة من إيران، وما يزيد الأمور تعقيدا أن هناك توجها سياسيا طائفيا للقضاء على الإرهاب الداعشي!، وهذا ما يضيف شرعية على بعض الأعمال الإرهابية في نظر المتعاطفين مع التنظيمات المتطرفة.
المرض الطائفي وصل إلى عظم المجتمع العراقي، ونجح في تفكيكه، فأهالي وسكان بعض القرى والمحافظات السنية يجدون أنفسهم بين خيارين أحلاهما مر: إما الانصياع إلى التمدد الإيراني وبسط النفوذ على العراق بالكامل، واستخدام السلاح الطائفي كإحدى الوسائل لتنفيذ هذا التمدد، أو الانحياز إلى تنظيم دموي متطرف شرس، يعدهم بمقاومة المحتل وحماية المذهب ولو عن طريق الاحتلال!
في سورية، لا تزال الضواري في صراعها الدموي. النظام الإرهابي من جهة و"داعش" و"النصرة" وباقي التنظيمات الإرهابية الأخرى من جهة ثانية.
أضعف الحلقات في هذا الصراع هي المعارضة المسلحة، حتى وإن سيطرت بالأمس على أكبر قاعدة للنظام في "درعا".
لعل المجتمع الدولي يتحمل وزره التاريخي والأخلاقي عن كل هذه الجرائم، وعن هذه الأعداد الضخمة من القتلى والمصابين، فضلا عن النازحين. فمعاناة العراق وسورية تمثل أزمة دولية أكثر منها إقليمية. فالمجتمع الدولي بارك غزو العراق 2003، ولكنه لم يقم بمسؤوليته بعد ذلك في إعادة مشروع الدولة العراقية الوطنية، بل ترك الأمور لإيران والجماعات المسلحة والأحزاب الطائفية لتعبث فيه. وفي سورية أخطأ أوباما خطأ تاريخيا، عندما تراجع عن مسؤوليته في إسقاط نظام الأسد، وها هي الجماعات والتنظيمات الإرهابية، السنية والشيعية، إضافة إلى النظام الإرهابي المجرم تعبث جميعها في الأرض السورية، ولم تحسم نتائج حمام الدم الثائر حتى الآن، ما يزيد من صعوبة الوصول إلى حل لهذا الانسداد السياسي التاريخي الذي لم يسبق له مثيل في هذين البلدين.