الرئيسة \  مشاركات  \  العروبة والإسلام والطائفية

العروبة والإسلام والطائفية

23.12.2013
د. محمد أحمد الزعبي




من المعروف نظرياً وعملياً ومنهجياً ، أن النقيض عادة مايتحدد بالنقيض ، فالصدق مثلاً يعرف بأنه نقيض الكذب ، والحق نقيض الباطل ، والعدل نقيض الظلم ، والديكتاتورية نقيض الديموقراطية ، ...الخ . ومن هذا المنطلق المنهجي ، يمكن للمرء أن يستنتج منطقياً ، أن الانتماء الوطني و/أوالقومي و/ أوالديني و/أوالانساني ، هي النقيض (ذاتياً وموضوعياً) لكافة الانتماءات الأصغر الماقبل الدينية والماقبل القومية ، والماقبل إنسا نية ، وبالذات الانتمائين القبلي / العشائري والجهوي ، وبالتالي ، فإن استمرار الانتماءات الصغيرة ، لابد وأن يكون وبالضرورة على حساب الانتماءات الكبيرة ، مهما ادعى أصحابها غير ذلك .
هذا ولابد من الإشارة إلى التداخل والتشابك بين الانتماءات الكبيرة من جهة ، وبينها وبين الانتماءات الصغيرة من جهة أخرى . ففي سوريا على سبيل المثال لا الحصر، يتداخل الانتماء القومي العربي مع الانتماء الديني المسيحي ، ويتداخل الانتماء الديني الاسلامي مع الانتماء القومي الكردي ، ويتداخل الانتماء الديني الكبير مع الانتماءات الطائفية الصغيرة في كل من الديانتين السماويتين الإسلامية والمسيحية . لقد نجم عن هذه الشبكة المعقدة من التداخلات الاجتماعية ، إشكالية سياسية تداخلت فيها الانتماءات الكبيرة مع الانتماءات الصغيرة ، ألا وهي إشكالية " الأكثرية والأقلية " ، والتي انعكست على الحياة السياسية والصراع السياسي في سورية ، كما نراها بأم أعيننا منذ 1963 بصورة عامة ، ومنذ اندلاع ثوة آذار 2011 بصورة خاصة . إن إشكالية الأقلية والأكثرية ، طرحت على الوعي السياسي القومي والديني والوطني مسألة / مفهوم " المواطنة " ، بوصفه مفهوم جامع يلتقي على صعيده كل من التاريخ والجغرافيا والقومية والدين ، جملة وتفصيلاً ( بالجملة وبالمفرق ) . والسؤال أو التساؤل الذي يطرح نفسه هنا ، وبصورة مشروعة هو : في طاحونة من يصب عادة مفهوم المواطنة ، أفي صالح الأكثرية أم الأقلية ، أم الطرفين ؟ . إنه يصب - من وجهة نظرنا - في صالح الطرفين ، ذلك أن كلاً من سلبياته وإيجابياته ( مفهوم المواطنة ) إنما يتوزعان بصورة عادلة بين الأقلية والأكثرية ، وهو ما يتعارض مع مصلحة الفئة الحاكمة ، ولاسيما إذا كان وصولها إلى السلطة عن غير طريق صندوق الاقتراع ، ذلك أنها من خلال هذه السلطة ، تستحوذ على الأرباح ، وتترك لغيرها الخسائر ، ولعل هذا هو السبب وراء تمسك عائلة الأسد وعساكرها وشبيحتها بالسلطة منذ ما يقارب نصف القرن.
إن ما نرغب أن نؤكد عليه في هذه المقالة المختصرة ، هو : 1) إن طائفية الأقليات في سورية هي إلى حد كبير صناعة خارجية ، 2) وإن طائفية الأكثرية في سورية ( العرب السنة ) هي من صنع طائفية بعض الأقليات ولاسيما الأقلية الحاكمة ، 3) إن كسر هذه الحلقة المفرغة والخروج من شرنقتها ، يقتضي من الأقليات عامة ، ومن الأقلية العلوية خاصة ,ان يعرفوا أن سورية هي وطنهم ، وأن القومية العربية هي أمهم ، وأن العرب المسلمون السنة هم اخوتهم في المواطنة ، وأن النظام الفاشي والديكتاتوري الحاكم في دمشق ( بشار ومرتزقته ) هو عدو كل المواطنين الشرفاء سواء أكانوا من الأكثرية أم من الأقلية