الرئيسة \  تقارير  \  العقوبات الغربية تحت اختبار التأثير على الجيش الروسي

العقوبات الغربية تحت اختبار التأثير على الجيش الروسي

28.11.2022
العرب اللندنية

العقوبات الغربية تحت اختبار التأثير على الجيش الروسي
العرب اللندنية
الاحد 27/11/2022
تكشف الزيادة السريعة في الأعطال الميكانيكية في الطائرات الروسية المقاتلة في الحرب على أوكرانيا، والتي رصدت على نطاق واسع، أن هناك شيئا أساسيا قد تغير. ولا يعرف إن كان ذلك قد حدث بفعل العقوبات التي فرضها الغرب على روسيا والتي قد تكون أثرت بشكل مباشر على قدرة روسيا على تصنيع وصيانة قطع غيار مطلوبة للحفاظ على سلامة الطائرات.
كييف - تحطمت ست طائرات روسية على الأقل في المجال الجوي الذي تسيطر عليه روسيا منذ سبتمبر الماضي، بالمقارنة مع وقوع حوادث قليلة، وربما عدم وقوع حوادث إطلاقا قبل ذلك، وهذا في رأي الباحث الفني الروسي المهندس ميخائيل بوهنيرت يمكن أن يوضح أن هناك قضايا متزايدة تتعلق بالصيانة، واستنتاج سبب ذلك يوفر مثالا صارخا على فعالية العقوبات المفروضة على روسيا.
وقال بوهنيرت في تقرير نشرته مؤسسة البحث والتطوير الأميركية “راند” إنه رغم توقع حدوث أعطال ميكانيكية في الطائرات مع مرور الوقت، فإن العقوبات الغربية يمكن أن تكون قد أثرت تأثيراً بالغاً على قدرات روسيا، لاسيما في مجال قطع الغيار العسكرية.
وتتطلب صيانة الطائرات فنيين يتمتعون بمهارة عالية ولديهم معرفة بكل تفاصيل ما تحتاجه الطائرات، والذي يمكن الحصول على بعضه من القطاع التجاري. كما أن الصيانة تتطلب قطع غيار محددة وأدوات إصلاح خاصة.
وبطبيعة الحال، تبلى قطع الطائرات مع مرور الوقت، وتتطلب مكوناتها في الغالب أدوات دقيقة ومواد خاصة، وهناك بعض التداخل ما بين الطائرات المدنية والعسكرية. ومع ذلك، فإنه في مرحلة من المراحل يتحتم الحصول على قطع الغيار من إنتاج جديد.
صيانة الطائرات العسكرية الروسية تحتاج إلى إمدادات بقطع غيار وتكنولوجيا متقدمة وفنيين بمهارات عالية
ويقول بوهنيرت إنه عند النظر إلى حوادث تحطم الطائرات الروسية الست منذ سبتمبر سنجد أن أربعا منها شملت طائرات تستخدم في القتال بدرجة كبيرة، بينما اثنتان منها لم تكن لهما أي صلة مباشرة بالقتال، ولا يبدو أنه تم استخدامهما بكثافة في أوكرانيا.
وجدير بالذكر أن روسيا استخدمت الطائرات من طراز إس.يو 25 القديمة على نطاق واسع في أوكرانيا. ومن الممكن توقع الأعطال بسبب القدم والافتقار إلى الصيانة. وهناك تقرير عن تحطم طائرة مقاتلة من طراز ميغ - 21 أثناء إقلاعها. وتستخدم روسيا هذه الطائرات المتقدمة في العمر لدعم الهجمات البرية للطائرات طراز إس.يو 25 على نطاق واسع.
وكانت الحادثة الأكثر شيوعا هي تحطم طائرة هجوم بري جديدة نسبيا من طراز إس.يو 34، وللأسف اصطدمت بمبنى سكني. ومثل هذه الأعطال يمكن توقعها في ضوء الاستخدام المكثف لهذه الطائرات في أوكرانيا.
وحتى الطائرات التي لا تشارك في الغزو الروسي تتحطم. وهذه الطائرات كانت تستخدم للتدريب، ونظيراتها من الطائرات تستخدم بصورة محدودة في الحرب الجارية.
ومن الممكن أن يشير فقدان موسكو لأنواع متعددة من الطائرات، بما في ذلك تلك التي لا تشارك في غزو أوكرانيا، إلى أن هناك افتقارا إلى العمالة الماهرة لصيانة الطائرات، واحتمال عدم قدرة شركات طرف ثالث على تصنيع وإصلاح قطع الغيار بصورة ملائمة، أو عدم توفر أدوات ومواد تصنيع قطع الغيار أو إصلاحها. لكن من الصعب تحديد السبب وراء أعطال الطائرات بشكل قطعي.
ويبدو من غير المرجح إلقاء اللوم على الافتقار إلى متخصصين مهرة في مجال الصيانة. فبالرغم من تعرض القواعد الجوية الروسية للهجوم، لم تكن الأضرار واسعة النطاق، ومن المحتمل أنه لم يتم نقل مسؤولي الصيانة إلى وحدات القتال الأمامية.
ويشار إلى مسؤولين عسكريين أميركيين بارزين كانوا قد كشفوا عن الضرر الكبير الذي تعرّضت له قدرات روسيا على الصعيد العسكري بفعل العقوبات، مما اضطر موسكو إلى استخدام “قطع” من غسالات الصحون والثلاجات في أجهزتها العسكرية نتيجة للعقوبات، كما كشفت وزارة الدفاع البريطانية أن روسيا تعاني من نقص في طائرات الاستطلاع المسيرة المناسبة والتي تحاول استخدامها لتحديد الأهداف التي ستقصفها بالمقاتلات أو المدفعية. وهو النقص الذي تم تعويضه بالمسيرات الإيرانية مؤخراً.
م يتم نقل مسؤولي الصيانة إلى وحدات القتال الأمامية لم يتم نقل مسؤولي الصيانة إلى وحدات القتال الأمامية
وذكرت “نيوزويك” الأميركية أن استمرار روسيا في هجومها العسكري على أوكرانيا كبّدها خسائر اقتصادية فادحة سيمتد تأثيرها لسنوات قادمة. وقال شون سبونتس رئيس تحرير دورية “سوفريب” المتخصصة في الشؤون العسكرية إن استمرار العملية العسكرية الروسية ضد أوكرانيا يتطلب حوالي 900 مليون دولار في اليوم الواحد.
وبيّن سبونتس أن هناك عدة عوامل تلعب دورًا في هذا المبلغ الباهظ تشمل دفع رواتب الجنود الروس الذين يقاتلون في أوكرانيا، وتزويدهم بالذخائر والرصاص والصواريخ، وكلفة إصلاح المعدات العسكرية المفقودة أو التالفة، وأضاف “يجب على روسيا أيضًا أن تدفع مقابل الآلاف من الأسلحة المهمة والصواريخ التي تم استخدامها خلال الحرب، والتي يبلغ ثمن الواحد منها حوالي 1.5 مليون دولار”.
ووفق تقديرات أعلنتها شركات استشارية، فإن الخسائر المباشرة من الحرب كلفت روسيا حتى الآن “عشرات المليارات” لاسيما في ما يتعلق بمعدات الجيش الروسي.
وكان معهد التمويل الدولي قد أكد على أن الناتج المحلي الإجمالي لروسيا من المرجح أن ينخفض بنسبة 15 في المئة هذا العام وهو ما سينعكس سلبا على كافة أوجه الصرف وبينها الشؤون العسكرية. وهو ما أكدته وزارة الاقتصاد الروسية التي أعلنت في أغسطس الماضي أن الناتج المحلي الإجمالي لروسيا انخفض بنسبة 4.1 في المئة خلال شهر أغسطس على أساس سنوي، بعد تراجعه 4.3 في المئة في الشهر السابق.
وفي إحدى جلسات الاستماع بالكونغرس الأميركي قالت وزيرة التجارة جينا ريموندو إن “قيود التصدير التي تقودها الولايات المتحدة ضد روسيا حرمتها من التكنولوجيا الأميركية”، مشيرة إلى أن هذه القيود “ساهمت في شل قدرة موسكو على الحفاظ على عمليتها العسكرية”.
فقدان موسكو لأنواع متعددة من الطائرات، بما في ذلك تلك التي لا تشارك في غزو أوكرانيا، يشير إلى أن هناك افتقارا إلى العمالة الماهرة لصيانة الطائرات
وبينت الوزيرة الأميركية أن “صادرات التكنولوجيا إلى روسيا تراجعت بنسبة 70 في المئة منذ فرض ضوابط التصدير”، وكشفت أن هناك تقارير تفيد بأن روسيا اضطرت لإغلاق مصنعين للدبابات بسبب نقص المكونات.
وكان أحدث تقييم لوزارة الخزانة الأميركية نشر في أكتوبر الماضي أكّد أن الولايات المتحدة مستعدة لفرض عقوبات على الشركات العسكرية الخاصة أو المجموعات شبه العسكرية التي تشارك في حرب روسيا على أوكرانيا أو تدعمها، وأن العقوبات أضعفت قدرة روسيا على استبدال الأسلحة التي دمرت في الحرب، خصوصا الدبابات والمدرعات. وأعلنت بيانات للمخابرات الأميركية أن الجيش الروسي يعاني للحصول على الرقائق الإلكترونية، مضيفة أن روسيا فقدت أكثر من 6 آلاف قطعة عسكرية منذ بداية الحرب على أوكرانيا يوم الرابع والعشرين فبراير الماضي.
وتظهر تلك الخسائر مدى تأثير العقوبات على المدى الطويل، على الرغم من أن الاستخبارات الروسية، وفقاً لما يقوله الأميركيون، تلتف على عقوبات الغرب بشراء تكنولوجيا لتصنيع الذخائر، ما يعطي انطباعاً أنه من المحتمل عدم وجود نقص في شركات قطع الغيار.
وكان هناك نقاش حول تأثيرات التعبئة العسكرية على الشركات الروسية الصغيرة ومتوسطة الحجم، ولكن حوادث التحطم بدأت قبل إعلان بوتين التعبئة في الحادي والعشرين من سبتمبر الماضي.
لذلك فإنه يبدو أن السبب الأكثر احتمالا لأعطال الطائرات الروسية هو الافتقار إلى الأدوات والمواد المطلوبة للصيانة بشكل صحيح. وربما يرجع ذلك إلى العقوبات الشاملة التي فرضها الغرب منذ شهور مضت والتي قلصت واردات المعدات واختناق الإنفاق الروسي.