الرئيسة \  واحة اللقاء  \  العلاقات المرتبكة بين الأردن والخليج

العلاقات المرتبكة بين الأردن والخليج

21.04.2014
سمير الحجاوي


الشرق القطرية
الاحد 20/4/2014
عندما يغرق بلد بنحو مليونين من اللاجئين يشكلون ثلث عدد سكانه تقريبا، فإن هذا يتطلب تدخل دول من أجل الحيلولة دون انهياره نتيجة الضغوط، كما يتطلب تخصيص ميزانية (عربية - دولية) خاصة للأردن لإعالة ثلث سكانه، وهذا يعني الحاجة إلى 3 مليارات دولار سنويا من أجل الاستمرار بإعالة اللاجئين الذين يحتاجون إلى مدارس ومستشفيات ومراكز صحية ومواصلات، وهذا ما لا تستطيع أن تلبيه "جمعيات خيرية".
الدور الذي يقوم به الأردن يصب لمصلحة دول الخليج العربي قاطبة، إذا حسبناها كما يقول المثل العامي "بالورقة والقلم"، فهو يشكل "ساترا" بين المناطق الملتهبة والخليج العربي، وكما أبعد الأردن الخليج العربي عن الاحتكاك المباشر بالاحتلال الإسرائيلي وتحمل تبعات ذلك بوصفه "منطقة عازلة"، فإنه اليوم يحجز ويمنع كرة النار السورية والعراقية عن التدحرج نحو دول مجلس التعاون، لكنه للأسف يحجز هذه النار بيديه العاريتين، مما يعني أنه لن يستطيع أن يمنع الدحرجة طويلا إذا بقي الحال على ما هو عليه، وهذا يتطلب تدخل دول الخليج لمنع احتراق الأيدي الأردنية التي تحجز كرة النار، ولنقلها بصراحة أكثر، الأردن "لا يتسول" كما يقول البعض في الخليج، بل يقوم بدور لا يقدر بثمن لحماية أمن الأنظمة الخليجية، سواء اعترفت هذه الأنظمة بهذا الدور أم لا، ولذلك فهي عندما تساعده إنما تفعل ذلك من أجل حماية أمنها وبقائها واستمرارها في الحكم بدل التورط بالتعامل مع النيران مباشرة.
مشكلة دول الخليج أنها تتعامل مع الأردن مثل خبز الشعير "مأكول مذموم"، فهي أن أحبته، تحبه من "بعيد لبعيد" على قاعدة "روح العب بعيد"، وإن كرهته أغلقت الأبواب دونه، وشنت عليه الحملات الإعلامية، وعاقبته اقتصاديا، ومنعت العمالة الأردنية من العمل فيها وأغلقت الأبواب دونها، بل وطردت العمالة الأردنية بمئات الآلاف كما حدث في الماضي، فدول الخليج، تحب الأردن بمقدار، فالأردن مطلوب لحماية الحدود ومنع التهريب ومنع تسرب المسلحين والأسلحة إلى الجزيرة العربية، ومطلوب أن يكون ذيلا سياسيا، وعليه أن يدبر نفسه إذا اختلفت الدول الخليجية مع بعضها البعض، ولأن إرضاء الجميع مستحيل، عليه أن يكسب البعض ويخسر البعض الآخر، وعليه أن يحدد موقفه، وإلا فإنه سيدفع الثمن، ويتوجب عليه أن يقدم لدول الخليج "خدمات أمنية داخلية" لمواجهة الثائرين والمتمردين عليها، كما حصل في عمان في الماضي ويحدث في البحرين حاليا.
مقابل كل ذلك تتعامل دول الخليج مع الأردن بوصفه "متلقي للإحسان" وترفض أن تجعله جزءا من منظومتها، مع أنه نظام ملكي، وترفض أن تتكامل مع الاقتصاد الأردني مع، فهي تتعامل مع العمالة الأردنية على أنها وافدة مثل الآسيويين أو الأفارقة أو حتى أمريكا اللاتينية، وتترك الاقتصاد الأردني يغرق في العجز والديون، وتترك البنية التحتية، التي كانت تعتبر من أفضل البنى في العالم العربي تتآكل وتهوي، وهي تقبل أن تستقدم آلاف الجنود الأردنيين لحمايتها دون أن تمول صفقة واحدة للجيش الأردني، وهي تدفع "مقابل خدمات أمنية" دون أن تحويل الأردن إلى "شريك إستراتيجي" حقيقي مع أنه يتحمل عبئا كبيرا في حماية الأنظمة الخليجية من السقوط.
يقبل الخليجيون "استيراد" آلاف الجنود الأردنيين إلى بلدانهم، بل إن بعض التقارير أفادت بأن دول الخليج العربية ربما "تستورد" 300 ألف جندي أردني لحمايتها كما قال تقرير لمجلس العلاقات الخارجية القريب من دوائر صنع القرار في وزارة الخارجية الأمريكية، وكما نشر في مجلة "أخبار الدفاع"، وهذا يدفعنا لطرح السؤال التالي: كيف تقبل دول الخليج باستيراد هذا العدد الكبير من الجنود "رغم أن هذا الطرح لا تزال فكرة" ولا يقبل بالأردن شريكا كاملا.