الرئيسة \  تقارير  \  العلاقات بين روسيا وإيران: التقاء مصالح وليست تحالفا استراتيجيا

العلاقات بين روسيا وإيران: التقاء مصالح وليست تحالفا استراتيجيا

07.02.2022
العرب اللندنية


العرب اللندنية
الاحد 6/2/2022
واشنطن - في ظل العقوبات الأميركية المفروضة على كل من روسيا وإيران يزداد زخم العلاقات بين الدولتين، وقد بدا ذلك واضحا خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى روسيا، حيث تم عقد عدد من الاتفاقيات مع شركات النفط والغاز الروسية تتعلق بنقل التكنولوجيا والمعدات التي تحتاجها إيران.
ويقول سيد حسين موسويان الدبلوماسي الإيراني السابق والباحث المتخصص في شؤون السياسة الأمنية والنووية في الشرق الأوسط بجامعة برينستون الأميركية إنه على الرغم من أن العلاقات القوية بين موسكو وطهران حيوية لاستقرار المنطقة وأمنها، لم يتم التمعن فيما إذا كانت العلاقات الحالية تشبه شراكة استراتيجية أم تحالفا.
وأضاف موسويان الرئيس الأسبق للجنة الشؤون الخارجية بمجلس الأمن القومي الإيراني في تحليل نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأميركية أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هو أول رئيس روسي يزور إيران منذ زيارة جوزيف ستالين لها عام 1943. ومنذ عام 2007 توجه بوتين إلى طهران مرتين للمشاركة في قمة الدول المطلة على بحر قزوين، وفي كل زيارة كان يجتمع بالمرشد الأعلى للثورة الإسلامية الإيرانية، آية الله على خامنئي.
وفي عام 2007 قال خامنئي لبوتين إن “روسيا القوية في مصلحة إيران”، ورد بوتين قائلا “مصلحة الدولة الروسية تكمن في وجود إيران قوية ومؤثرة في المسرح الدولي”.
وقد أوضح خامنئي أنه “يتعين على طهران وموسكو تعزيز تعاونهما لعزل الولايات المتحدة والمساعدة في الحفاظ على استقرار الشرق الأوسط”. ونتيجة لذلك وجهت طهران وموسكو سياساتهما في الشرق الأوسط نحو عزل الولايات المتحدة. فقد حال الدعم التام من جانب موسكو وطهران دون انهيار حكومة بشار الأسد، بينما دعمت الولايات المتحدة وحلفاؤها الحرب في سوريا التي استهدفت الإطاحة بالأسد.
بوتين هو أول رئيس روسي يزور إيران منذ زيارة جوزيف ستالين لها عام 1943 ومنذ عام 2007 توجه إلى طهران مرتين
لكن محللين سياسيين يقولون إن التحالف الظاهر بين البلدين بشأن سوريا يخفي تناقضات جوهرية حول من الداعم الحقيقي الذي أنقذ الأسد والذي من حقه أن يحصل على مزايا كثيرة من بينها الاستثمار في النفط والغاز ووضع اليد على الموانئ وبناء قواعد عسكرية. وقد كان نظام الأسد أقرب إلى موسكو، حيث عقد معها اتفاقيات لتسليمها أمر الموانئ في اتفاقيات طويلة المدى.
ويعتقد هؤلاء أن الخلاف بين موسكو وطهران سيتفاقم في ظل تنافسهما على منافع اقتصادية في سوريا، ومحاولة كل جانب تثبيت الأطراف التابعة له في الحكم، علما أن الوجود الإيراني مرفوض إقليميا لاعتبارات متباينة.
ويرجحون زيادة الشرخ في العلاقات بين موسكو وطهران والتباين في شأن مستقبل سوريا، خاصة أن الكرملين يرغب في عودة قوية إلى المنطقة مع تراجع الثقة بسياسات واشنطن، كما يريد الحفاظ على علاقات متوازنة مع كل الأطراف ومن ضمنها إسرائيل الرافضة للوجود الإيراني، والتي تستهدف مواقع إيران وحلفائها تحت نظر موسكو وباتفاق معها.
وعلى الجبهة الاقتصادية، من المرجح أن يؤدي القرب الجغرافي وخطوط ربط النقل العابر إلى تدعيم التجارة والأعمال بين الدولتين. وبطرق ما، سوف يتم استعادة ممر الشمال – الجنوب التجاري، الذي يمر عبر مدن القوقاز التاريخية عبر الخليج والهند. وسوف يتحقق في القريب العاجل الحلم الروسي القديم لدخول مياه الخليج الدافئة.
ويقول موسويان إنه مع ذلك هناك أيضا نقاط اختلاف كبيرة بين إيران وروسيا بشأن قضايا مهمة. على سبيل المثال، لروسيا علاقات استراتيجية مع إسرائيل وتسعى لاجتذاب تركيا والمملكة العربية السعودية بعيدا عن أميركا.
وبالنسبة إلى قضية الطاقة، هناك صراع بين روسيا وإيران حول تصدير الغاز إلى أوروبا. وهناك مثال آخر يتعلق بالاختلافات الإسلامية. فإيران دولة شيعية، بينما معظم المسلمين الروس يتبعون المذهب السني. كما أن روسيا وإسرائيل شريكان استراتيجيان بينما تعتبر إيران إسرائيل عدوّا. والأكثر من ذلك، أن هناك مجالات تجد فيها روسيا وأميركا مصالح مشتركة. وأحد تلك المجالات النادرة إحياء الاتفاق النووي الإيراني لمنع تحول إيران إلى دولة نووية. وبالإضافة إلى ذلك، لا تريد روسيا أو أميركا اندلاع حرب أخرى في الشرق الأوسط.
وحسب موسويان الذي عمل سفيرا لبلاده في ألمانيا في الفترة من 1990 إلى 1997 هناك في الوقت الحالي وجهتا نظر متعارضتان بين الإيرانيين بشأن العلاقات بين طهران وموسكو.
وتستند وجهة النظر الأولى إلى التاريخ الطويل لسياسات روسيا ضد إيران في الماضي، مثل حروب روسيا ضد إيران، واحتلال روسيا نصف إيران، وفقدان 17 مدينة قوقازية إيرانية لصالح القياصرة، ودعم موسكو لعدوان صدام حسين ضد إيران.
وتستند وجهة النظر الثانية إلى المصالح المشتركة للدولتين في الوقت الراهن. ويؤيد كاظم جلالي سفير إيران لدى روسيا هذا الرأي مؤكدا أن زيارة رئيسي إلى روسيا “نقطة تحول” في العلاقات بين الدولتين.
وقال إن “الإيرانيين يبغضون روسيا القيصرية… لكن روسيا اليوم مختلفة عن روسيا القيصرية… فروسيا تواجه الغرب، وبوتين ورفاقه المقربون ينظرون بإيجابية إلى رئاسة رئيسي”.
وأكد موسويان أنه على الرغم من مصلحة موسكو وطهران الثابتة في العديد من المجالات، لا يعتبر هذا وحده كافيا لشراكة استراتيجية. فمن أجل تحقيق شراكة استراتيجية، تحتاج الدولتان إلى إطار قانوني وتشريعي وتنظيمي، وإلى آليات عملية للتعاون المستمر. ولكن في الوقت الحالي هذه الأمور متخلفة للغاية في العلاقات الثنائية بين موسكو وطهران.
وعلى سبيل المثال، تصورت الدولتان في عام 2007 خططا كبيرة لزيادة حجم التجارة السنوية إلى 200 مليار دولار خلال 10 سنوات، ولكن الآن وبعد مرور 15 عاما، يبلغ حجم التجارة السنوية الحالي بين إيران وروسيا 4 مليارات دولار فقط.
وعلاوة على ذلك، تتطلب أيّ شراكة استراتيجية دعما شعبيا واسع النطاق من الجانبين ولكن قضايا الثقة بين شعبي روسيا وإيران، وخاصة الشعب الإيراني ما زالت تمثل عقبة. وعموما، يعتبر كل جانب الجانب الآخر ورقة مساومة في التعامل مع الغرب.
ويعتقد أندريه كوتونوف مدير عام مجلس الشؤون الدولية الروسي أن العلاقات الروسية – الإيرانية الحالية يمكن وصفها بدقة أكثر بأنها تحالف تكتيكي وليست شراكة استراتيجية. وفي حقيقة الأمر يخدم روسيا العداء المتزايد بين إيران وأميركا، بينما يخدم إيران العداء المتزايد بين روسيا وأميركا.
واختتم موسويان تحليله بالقول إن استراتيجية إيران الحالية بالنسبة إلى موسكو تعتمد على الرأي الثاني سالف الذكر وهو أن روسيا القديمة وروسيا الجديدة مختلفتان؛ وفي الوقت الحالي تتعامل إيران مع روسيا الجديدة. وعلى هذا الأساس، يتصور رئيسي والحكومة الإيرانية أن موسكو ليست مستعدة لتحالف استراتيجي رغم رغبة إيران في تحريك العلاقات قدما.
وقال رئيسي في اجتماعه مع بوتين “إن العلاقات بين طهران وموسكو في الطريق نحو علاقات استراتيجية”. ومع ذلك، فإن الحقيقة هي أنه رغم تعاون روسيا وإيران، وتمتعهما بعلاقات طيبة، فإن الشراكة بعيدة كثيرا عن أن تكون استراتيجية في حقيقة الأمر.