الرئيسة \  واحة اللقاء  \  العملية السياسية في سوريا والبحث عن السراب

العملية السياسية في سوريا والبحث عن السراب

12.12.2019
د. أحمد موفق زيدان


العرب القطرية
الاربعاء 11/12/2019
اختصر السيد ألكسندر لافرنتيف مبعوث الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، ما يُراد من العملية السياسية في سوريا كلها، حين علّق على محرقة إدلب المتواصلة منذ سنوات قصفاً وإبادة وتهجيراً: "المهم ألّا يؤثر ما يجري في إدلب على عمل ونشاطات اللجنة الدستورية في جنيف"، إذن العملية السياسية ينبغي أن تتواصل، حتى ولو تم تجريد المعارضة السورية من آخر معاقلها، كما فعلوا في القصير وحمص وريف دمشق ودرعا، وحينها لا يكون للثورة والمعارضة جغرافيا ولا أرض كي تفاوض عليها.
العملية السياسية والمفاوضات غدت تفاوضاً من أجل التفاوض ومباحثات من أجل المباحثات، وهو ما أشار إليه متأخراً رئيس لجنة المفاوضات العليا الدكتور نصر الحريري، بعد أن سحبت اللجنة الدستورية البساط من تحت أقدامها، أو هكذا أُريد لها إقليمياً ودولياً، فقال: "إن عدم المضي بعملية مفاوضات أفضل من السير في مفاوضات وهمية"، فإن كان هذا رأي أكبر رأس للتفاوض الثوري بعد سنوات من المفاوضات الفارغة التي كانت بحق طبخة حصى، إذاً فهو تضييع للوقت، وإقناع المواطن السوري كذباً وزوراً بجدواها، بينما حقيقة جدواها هي للخصم وليس للثورة والثوار، ما دامت توفر الغطاء للعصابة الحاكمة في دمشق والمحتلين من خلفها، وبالتوازي تقدم إعفاء من المسؤولية الدولية لكل الدول التي تتفرج على تواصل مشاهدتها لسفك الدم السوري، وعلى مدى عقد كامل تقريباً، في حين أن وقف هذه العملية الكاذبة الوهمية سيضع العالم كله أمام استحقاقات جدية وخطيرة وواقعية، في البحث عن مخرج واقعي لما يجري، كونه سينعكس على الجميع عاجلاً أم آجلاً.
لقد تبين تماماً لكل السوريين والمراقبين للشأن السوري، أن العملية السياسية منذ سنوات ما هي إلا غطاء لقضم مزيد من الأرض، وتجريد الثورة من أوراقها الداخلية والخارجية، فداخلياً تم تجريدها من بعض الجغرافيا، بل وبدأ الحديث عن إرهابية الفصائل الثورية، حتى بما فيها الجيش الوطني، كما أشار إلى ذلك بعض من كانوا يُسمّون بأصدقاء الشعب السوري، نتيجة اتهامات ظالمة له بعملية نبع السلام، وخارجياً تم تقليص عدد المتضامنين مع الثورة والثوار، ولم يعُد الأمر كما كان عليه قبل سنوات، نتيجة الذهاب إلى عملية سياسية سرابية وهمية لا سقف زمني ولا مرجعية ولا ضامن لها، وبالتالي ألقت بالثورة والثوار في فم الدبّ الروسي وفم العصابة الطائفية المجرمة.
ليس أمام الثورة والمفاوض الثوري اليوم سوى وقف هذه المهزلة، سبق أن دخلها وولجها من قبل الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات، فوجدها كمن يبحث عن سراب، وهم يبحثون عمن يوقّع لهم على وفاة الشعب السوري وثورته، وبالتأكيد سيُعدمون هذا الشخص، والحل بأن تتواصل عملية طبخ الحصى بالنسبة لأعداء الثورة، ويتواصل معها نزع كل أشكال الدسم الثوري من الثورة وأصحابها، ليتم التخلي عنهم في الوقت المناسب كما حصل مع عرفات، فهل يتدارك بعض الصادقين ممن أعمتهم المؤتمرات والفنادق واللقاءات الفارغة، فيوقفوا المهزلة ويعودوا إلى ثورتهم وأهدافها الحقيقية؟ فهي ثورة لم تخرج من أجل دستور ولجنة دستورية، وكما علّق أحدهم: "نقبل بدستور بشار الأسد، شريطة أن يتخلى الأخير عن السلطة".