الرئيسة \  واحة اللقاء  \  العمل العسكري عصاً للتهديد أم للاستخدام؟ لبنان يخشى الانعكاسات على ساحته

العمل العسكري عصاً للتهديد أم للاستخدام؟ لبنان يخشى الانعكاسات على ساحته

26.08.2013
روزانا بومنصف

النهار
الاثنين 26/8/2013
مع تلويح الولايات المتحدة باحتمال اللجوء الى رد عسكري على استخدام النظام السوري اسلحة كيميائية ضد شعبه في منطقة الغوطتين في دمشق، عمد النظام الى الاعلان مباشرة كما عبر حلفائه الروس والايرانيين الى تسريب نبأ موافقته على السماح لفريق المفتشين الدوليين بزيارة المنطقة التي تعرضت للهجوم الكيميائي بعد اكثر من ثلاثة ايام على المجزرة، اي المهلة المفترضة التي تسمح بجمع الادلة قبل اندثارها. وقد شعر النظام بان عدم التجاوب مع هذا الطلب الدولي سيؤدي به الى عواقب يكون قد استجرها على نفسه، وان التهديد بعمل ضده قد دخل مرحلة الجدية ولم يعد يقتصر على الكلام فحسب. ومع انه ليس واضحا حتى الآن في غياب المعلومات الدقيقة ما اذا كان النظام اشترط لهذه الموافقة كما اشترط على زيارة وفد المحققين الدوليين الذي بات في العاصمة السورية منذ الاسبوع الماضي ان يكشف الوفد ما اذا استخدمت الغازات السامة لكن من دون تحديد الفاعلين، فان مصادر ديبلوماسية في بيروت تجزم بأن اتهام النظام يتجاوز واقع الشبهة الى وجود ادلة على مسؤوليته بما قد يبدو صعبا على الدول الغربية تمرير هذه المجزرة من دون رد فعل قوي يوظف في خانة تمهيد الطريق امام وضع حد للمأساة السورية، وخصوصا ان غالبية قادة الدول الغربية قد جزموا تقريبا باستخدام الاسلحة الكيميائية في المعركة، ومن النظام تحديدا. فازاء الصدقية المتراجعة للدول الغربية وزعمائها، يصعب ان يخوض هؤلاء في مواقف حاسمة ويعرضوا صدقيتهم للخطر من دون تقديم رد الفعل المناسب.
وفيما أدى التلويح الاميركي الذي تزامن مع استعدادات عملانية ان من خلال الاجتماعات المتلاحقة في واشنطن بين كبار المسؤولين حول الموضوع السوري لدرس الخيارات المحتملة للرد الاميركي او من خلال الاجتماع المرتقب اليوم في عمان لقادة جيوش عشر دول اساسية معنية بالازمة السورية، حبس الوسط السياسي الرسمي وغير الرسمي أنفاسه في ظل تساؤلات عما اذا كانت الولايات المتحدة ستستخدم التلويح بالعصا العسكرية فقط من دون استخدامها فعلا، من اجل الضغط على النظام وحلفائه الروس الذين احرجوا جنبا الى جنب مع ايران التي تجنب رئيسها حسن روحاني في ادانته لاستخدام الاسلحة الكيميائية تحميل المعارضة السورية المسؤولية فعمد مسؤولون آخرون الى تصحيح ذلك على الفور. وهذا التلويح باستخدام العصا قد يكون مفيدا من اجل التعاون ابعد من موضوع استخدام الاسلحة الكيميائية في اتجاه انعقاد جنيف - 2 والتنازل سلميا عن السلطة لحكومة انتقالية، ثمنا لعدم ملاحقة النظام واضعافه من جهة او احالته على المحاكمة من جهة اخرى، علما ان السؤال يبقى ما اذا كانت المسألة قد تحتاج الى استخدام العصا العسكرية فعلا وليس الى التلويح بها كخيار فقط؟
ولا تخفي هذه المصادر ادراكها ان هذه الموافقة قد تندرج في اطار الخطوة التكتية لتجنب اي عمل عسكري وكسب المزيد من الوقت لاستدراك الامور واستيعاب الغضب الدولي ليس الا. في حين ان احتمال توجيه ضربة عسكرية اميركية او غربية للنظام او مواقعه كعقاب له يخشى ان يفتح الباب امام اخطار عدة، بدأ حلفاء النظام من فنزويلا الى ايران التلويح بها في المقابل. وهو امر يكتسب بعدا جديا من زوايا عدة. اذ يخشى كثر في الوسط السياسي اللبناني الذي لا يزال يتذكر تجربة اطلاق المدمرة نيوجرسي الاميركية من البحر قذائف في اتجاه المواقع السورية في لبنان، باعتباره عملا رمزيا رفع نسبة الخطر على لبنان اكثر مما خدمه نموذجا مماثلا في عملية نوعية لا تطيح النظام بل توجه رسالة ضغط عليه قوية. والحال هذه، تتزايد المخاوف على لبنان مجددا من الانتقامات التي يهدد بها النظام وحلفاؤه والذي قد لا يمكنه ان يطول مناطق سورية اضافية او ان يقوم باكثر مما قام به حتى الآن، اي استخدام الاسلحة الكيميائية بمقدار ما يمكن ان يطول لبنان او مناطق فيه ويجعله ساحة للضغط على الاميركيين وعلى الغرب عموما مع حليفته ايران كما فعل في الثمانينات تماما. وكثر يعتبرون التفجيرات التي وقعت اخيرا جزءا من عملية الضغط والتحذير الاستباقي للغرب حول الاستعداد لاستخدام لبنان ساحة مجددا للانتقام من الغرب او لتحويله كليا لمصلحته ومصلحة ايران. وقد عمد النظام في ظل مخاوفه الحقيقية من ضربة عسكرية ردا على استخدامه الكيميائي الى التهديد “باشعال منطقة الشرق الاوسط” كما حذرت ايران برد فعل في مقابل ما اعتبرته خطا احمر رسمته لما تعتبره التدخل الاميركي في الموضوع السوري، ولذلك تتصاعد المخاوف لدى غالبية الوسط السياسي في لبنان من الايام المقبلة وما يمكن ان تحمله من تطورات في الموضوع السوري علما ان هذه التطورات قد تفتح الابواب على احتمالات اخرى على صعيد المنطقة لا تقل خطورة عما حصل حتى الآن، على الاقل بناء على التهديدات السابقة للرئيس السوري بتفجير المنطقة. ويبدو ان لبنان دخل في الايام الاخيرة في سباق مع المخاطر المحتملة التي ترتسم في الافق من خلال الدعوة التي وجهها رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان لتفادي الذهاب الى ما يخشاه اللبنانيون عبر حكومة جامعة وطاولة حوار، لكن التشاؤم يغلب لجهة امكان ان يكسب لبنان الرهان في هذا السباق.