الرئيسة \  واحة اللقاء  \  العودة إلى مسرح الحريري

العودة إلى مسرح الحريري

29.12.2013
أحمد عياش


النهار
السبت 28/12/2013
لم يكن انفجار بيروت خارج سياق مسلسل الانفجارات الذي لا يزال يضرب لبنان منذ محاولة اغتيال مروان حمادة في نهاية العام 2004 وبدءا بالانفجار الكبير الذي نال من رفيق الحريري بكمية من المتفجرات لم يستخدم مثلها حتى اليوم. سقط محمد شطح وعدد من المواطنين على بعد مئات قليلة من الامتار حيث استهدف الحريري. وعلى مسافة مماثلة من بيت الوسط الذي حل فيه سعد الحريري ليقود مسيرة لبنان خلفا لوالده. ما بين استشهاد رفيق الحريري ومقر سعد الحريري وقعت الجريمة الجديدة التي تكاد تقول انها من فعل منفذي الجريمة الكبرى التي زلزلت لبنان في 14 شباط 2005. لا بد من ثمن يؤديه كل من تجرأ على المطالبة بكشف حقيقة اغتيال رفيق الحريري. أليس هو الثمن الذي يؤديه اليوم سعد الحريري بابتعاده عن مقر زعامته في وسط بيروت بعدما كان تلقى تهديدا مماثلا لمصير والده؟كاتب هذه السطور كان في بيت الوسط بعد عودة الحريري الابن من رحلته الاخيرة الى الولايات المتحدة الاميركية رئيسا لوزراء لبنان قبل ان يطيح به الانقلاب السوري - الايراني بقيادة "حزب الله" ويأتي بحكومة تمثل سطوته وذلك في نهاية الشهر الاول من عام 2011. وقتذاك كان شطح واقفا قرب الحريري الذي غرق في وجوم رهيب وهناك صور له في هذا الموقف. كانت كلمات شطح القليلة ان ما جرى ليس نهاية المطاف والمسيرة لن تتوقف. حتى الرمق الاخير كان شطح وفياً لهذه المسيرة التي تقترب من منعطف تاريخي الشهر المقبل بانطلاق اعمال المحكمة الخاصة بلبنان لمحاكمة المتهمين باغتيال الحريري وهم جميعا وبالاسماء من "حزب الله". ليست هناك حاجة الآن لتوجيه الاتهام، كما يفعل "حزب الله" دائما، بعد وقوع أي حدث يستهدفه. الادلة لا بد ان تتوفر كما توفرت في الجريمة الكبرى. أما مسرح الجريمة وهو وسط بيروت لم يغب يوما عن بال الحاقدين على كل ما يذكّر بإرث رفيق الحريري وكيف اذا كان هذا الارث لؤلؤة الشرق ومنارته التي يحلو للمغالين في وصفه بطائر الفينيق الاسطوري الذي انبعث من الرماد؟ كل ما كان يمثله شطح هو العقل الذي يأبى ان يخلي مكانه للغرائز. ومن الوهم ان يظن قاتلوه ان العقل قد انفجر الان. ألم يتعلموا من مسلسل الجرائم التي عصفت بلبنان وجميعها تقريبا من اجل طمس انفجار السان جورج حيث اغتيل الحريري؟ ألا يعلمون ان شطح هو ابن مدينة مسجدي السلام والتقوى اللذين قتل الانفجاران اللذان نفذهما عملاء النظام السوري أمامهما المصلين وهم يصلون، ومن بقي منهم على قيد الحياة لجأ الى عقل يماثل عقل شطح حتى ظهر الجُناة؟ انه العقل المؤمن بعدالة ستأخذ المجرم بجريمته ولن يكون ذلك بعد 300 عام كما قال المدافع عن المتهمين باغتيال الحريري. ان قافلة الشهداء تمضي وطيور الظلام تنعق ولكن فجر العدالة اقترب من البزوغ. في مربع مسرح جريمة اغتيال رفيق الحريري سقط شطح لكن الحفرة التي احدثها الانفجار ستبتلع الجناة قريبا.
ahmad.ayash@annahar.com.lb