الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الغارات الإسرائيلية ومحرقة غرور الطاغية السوري 

الغارات الإسرائيلية ومحرقة غرور الطاغية السوري 

26.01.2021
نزار السهلي



القدس العربي 
الاثنين 25/1/2021 
لا يفصل بين غارة وأخرى وقت طويل، العدوان الإسرائيلي المستمر على مواقع النظام السوري وحلفائه أصبح "اعتيادياً" كذلك البيانات الصادرة عن إعلام النظام السوري المحفوظة عن ظهر قلب بشأن الرد عليها باتت مصدراً للتهكم والتندر المخجل، ومنذ التنسيق الروسي الإسرائيلي في تشرين الأول- اكتوبر 2015، لمنع الاحتكاك فوق الأجواء السورية وإنشاء خط ساخن بين تل أبيب وقاعدة حميميم، وتعزيزه بعد إسقاط الطائرة الروسية، اتضحت حدود الغارات وأهدافها لإضعاف تمركز الميليشيات الإيرانية الموالية للنظام السوري، وإبقاء قوة النظام بالمستوى الظاهر على الجغرافيا السورية المحطمة. 
التساؤل عن الممانعة؟ 
النشاط المستمر للعدوان الإسرائيلي على مواقع النظام السوري، مستمر دون توقف مع وجود ترسانة عسكرية روسية وأجهزة رادار ومراقبة، وما قيل عن صواريخ إس 300 و 400، والتنظير لشعاعها على نطاق 500 كلم، لم يمنع "حيوية" الغارات ولم يغير من حالة الانضباط التي يتفاخر النظام الظهور بها عبر بياناته الإعلامية، كذلك لم تنفع حالة التفاخر القوي لحليفه الإيراني بترسانته الصاروخية القادرة على "تدمير الكيان الصهيوني المزيف" حسب قائد الحرس الثوري لإيران حسين سلامي في مناسبات عدة تتكرر فيها صيحات الوعيد والثأر سرعان ما تنسى حتى تأتي غارة وعدوان آخر وهكذا.. 
المأزق والنفق المسدود باستمرار، لمواجهة العدوان الإسرائيلي على الأراضي السورية، يتأتى من نظام رازح على صدر الشعب السوري أثخنته البراميل المتفجرة والصواريخ والمعتقلات والتهجير بجراح وشروخ عميقة، لم تعد للصاروخ أهمية لمصدره، إن كان هدفه تحطيم الإنسان وحواضره، واليوم يقف المواطن السوري البسيط والمكافح تحت حطام مدنه ووحل النزوح، متسائلاً بدهشة وغضب أين هو الوطن وأين هي الممانعة؟ 
توليفة العدوان 
وأين هو المجتمع الدولي؟ ما حفلت به تساؤلات السوريين في هذا المضمار منذ أول ضحية سقطت على أيدي عصابات النظام أفرغت العبارات من أبعادها ومعانيها، إذ يكشف الواقع مع كل غارة صهيونية وبرميل متفجر يرميه الأسد على سوريا عن سذاجة وبلاهة وصلتا حد الهوان من جانب، ومن جانب آخر اختفاء حالة "صدمة" السوريين من الغارات الإسرائيلية التي أصبحت خارج معادلة التوقع المفاجئ أو المباغت، لإدراكهم بؤس فجاعتهم بنظام جرب كل مخزونه القاتل على أجسادهم فيما عدوان المحتل يقودهم لحطام واحد. 
لن تتوقف غارات المحتل، عدوانه مستمر وأخذ طابع الشمولية بالذهاب لأي بقعة جغرافية شمالا وجنوبا وشرقا وغرباً، مع استمرار مهمة موازية أنجزها النظام في دمشق بتوليفة ثلاثية روسية أسدية إسرائيلية، يجمعها غارات مخلوطة بطريقة "بارعة" مع حقائق عديدة كشفتها سنوات الثورة السورية أن ما يظنه المحتل هو ذاته يشكل نقطة الالتقاء مع سلوكه والقوى الحليفة له للانشداد نحو استراتيجية نهائية للنيل من المجتمع السوري، لكن الحقيقة السورية تمكنت من فضح وتعرية العدوان، من خلال ربط حقيقة هزيمة الطاغية تعني حتماً بداية طريق لهزيمة المحتل، فلم يعد في قاموس البيانات الرسمية لنظام الأسد للرد على العدوان، سوى تلك الوقاحة والغرور المقدم بمحرقة السوريين للحفاظ على كرسي الطاغية ووظيفته. 
استيراد العضلات المزيفة 
فعل "الإغارة الاعتيادي" على مواقع النظام و ميليشيا إيران، يضيف براهين كثيرة منها ما سيبقى أصيلا، أن "القوة العظمى" لموسكو فوق الجغرافيا السورية قائمة على تحالف مع تل أبيب في توزيع المهام والأهداف والتنسيق العملياتي، وأن العضلات المستوردة لتركيبها لنظام مستبد ومجرم حرب لا تعني الدفاع عن سيادة البلاد ووحدتها وأمنها، وجودها محصور لإخضاع المجتمع لسلطة الطاغية، لم يعد سراً تأكيد المحتل الإسرائيلي كل مرة على بنك أهداف صواريخه فوق الأراضي السورية، بالقول أن إيران وميليشياتها ومخازن تسليح حزب الله هي المستهدفة، مع الإبقاء على مواقع النظام العسكرية بحدود ما هو مسموح ومتاح لها، كقواعد استهداف للجغرافيا والديموغرافيا السوريتين، فسياسات نظام الأسد التدميرية للمجتمع السوري لا تشكل خطرا على المحتل في وجوده واستمراره كقوة استعمارية في المنطقة. 
أخيرا، لم يعد لأي متابع لعدوان المحتل على الأراضي السورية، تبين أي ملمح جديد للغارات سوى ضمان "الدائرة النظيفة" للنظام وليس أدل من ذلك على شواهد غرور الطاغية والمحتل بمحرقة السوريين التي أنضجت كثيرا من انهيارات على قضية فلسطين وما حملات التطبيع وغيرها إلا نتائج لهذا الحطام والغرور المستمر لطغاة يرددون باستهبال "يغادر ترامب على وقع انقسام مجتمعي في أمريكا" بينما حمم غرورهم دمرت الأوطان.