الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الغارات الصهيونية على الثورة السورية

الغارات الصهيونية على الثورة السورية

09.05.2013
د. عوض السليمان

القدس العربي
الخميس 9/5/2013
أول ما يتبادر إلى الذهن، عند التفكير بالغارات الصهيونية على دمشق، هو أن الصواريخ التي دمرتها تلك الغارات موجودة في أماكنها هذه منذ سنوات طويلة. لكن قوات العدو لم تحاول ضربها ولا مرة واحدة. صحيح أن طائرات العدو حلقت فوق قصر بشار الأسد وعربدت فوق عين الصاحب، لكنها لم تقصف مستودعات الأسلحة الاستراتيجية التي يملكها نظام دمشق. وبعد أربعين عاماً من الصمت على تلك الأسلحة يقوم العدو اليوم بشن غارات على مخازنها فيحطمها بشكل كامل تقريباً.
لا أعتقد أن المسألة تحتاج إلى كثير من تفكير وجدل، حتى ندرك أن العدو الصهيوني بدأ يخاف اليوم من وصول تلك الأسلحة إلى أيدي الثوار، وهو لم يقصفها على مدار العقود الماضية لأنه كان مطمئناً تماماً الى أنها ‘بأيد أمينة’ ولا خطر منها على كيانه الغاشم. وهذا مما لا يختلف عليه اثنان، فقد حافظ الأسد الأب وابنه من بعده على أمن الصهاينة، بل وحاولا القضاء على أي محاولة فلسطينية جهادية ضد العدو الصهيوني، وسكتا عن احتلال الجولان لسنوات طويلة. وبالتالي فمن المفهوم ألا تقوم قوات العدو بضرب حليفها بدمشق إلا عندما يغلب الظن على قادتها العسكريين بأن الأسد إلى زوال وأنه في اللحظات الأخيرة من عمره، وأن تلك الأسلحة ستقع بأيدي أبطال الجيش الحر، مما يشكل أكبر الخطر على الكيان البغيض.
في الوقت الذي كنا نتألم فيه أشد الألم لاستباحة العدو عاصمة الأمويين دمشق بصواريخه وطائراته، كنا نحتقن غضباً على الأسد الأب والابن اللذين أضعفا الجيش السوري وهزماه من دون هزيمة، لدرجة أنه أصبح عاجزاً عن اعتراض طائرة أو صاروخ صهيوني.
الإعلام السوري انتظر عدة ساعات وهو يحضر المشاهدين والعالم لبيان مزلزل من الحكومة السورية على الاعتداء، ثم يفاجئنا عمران الزعبي، ببيان طريف من عدة كلمات يربط فيه بين الجيش الحر والصهاينة. هكذا هم المسؤولون السوريون لا ينسون أن يجعلوك مبتسماً بعد كل تصريح أو خطاب أو مقابلة. فقد ربط وزير الأسد بين جبهة النصرة والعدو الصهيوني والجيش الحر ‘ودول الذل العربي’ وأمريكا والغرب في وقت واحد، ولم ينس المؤامرة الكونية، ولا خيار المقاومة الذي اختاره الأسد. وقد ذكر الزعبي أن الصهاينة يستخدمون عملاءهم داخل سورية لضرب استقرار هذا البلد والقضاء على مقاومته، وما فعل الرجل بهذا إلا أن ذكرنا بقول العرب: رمتني بدائها وانسلت، فليس الجيش الحر من حرق تل الزعتر بمن فيه، وليس الجيش الحر من أباد مخيم الرمل في اللاذقية، وليست طائرات الجيش الحر من قصفت مخيم اليرموك، وليس الجيش الحر من سلم الجولان للعدو، وليس الجيش الحر بالطبع من صرح بأنه يعترف بإسرائيل ضمن حدود سبعة وستين.
لم يصرح أي جندي في الجيش الحر، بأن أمن ‘إسرائيل’ مرتبط بأمن سورية وباستقرارها كما فعل الأسد وأبناء عائلته.
بعد الغارة الصهيونية على دمشق قام الجيش الأسدي ‘ المغوار’ أو ‘الباسل’، بالرد الفوري على العدوان، فقامت الطائرات الأسدية بقصف القصير وأطراف دمشق وريفها، وقصف بعض قرى درعا، وقصف إعزاز في حلب فقتلت ثمانية وأربعين مدنياً، لكنها لم توجه طلقة لحليفها الإستراتيجي الصهيوني، واحتفظ الأسد بحق الرد إلى يوم القيامة كما عهدناه.
إن ملة الكفر واحدة، وإن العدو واحد حتى وإن كان اسمه باراك أو بيغن أو شارون أو الأسد، ولو نما لعلم الصهاينة أن هناك أملاً في بقاء حليفها الأسد لما قامت صواريخه بالاعتداء على دمشق، وإن الشعب السوري ليتبرأ من الصهاينة كما تبرأ من الأسد، فكلاهما يريد الفناء لهذا الشعب ولهذه الأمة. إن اعتداء اليوم يدل بشكل قاطع على أن الأسد يلفظ أنفاسه الأخيرة ولم يعد يسيطر لا على دمشق ولا على أسلحته فيها، فهنيئاً لشعبنا اقتراب النصر والحرية.
كاتب سوري يقيم في فرنسا