الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الغوطة تَسْتَنْجِد..والأنظمة تَسْتَأسِد.

الغوطة تَسْتَنْجِد..والأنظمة تَسْتَأسِد.

12.03.2018
عائشة عبيدان


الشرق القطرية
الاحد 11/3/2018
حملة تطوعية أطلقها نشطاء سوريون بعنوان " الغوطة..يوميات موت " لتحدّي الصمت الدولي حول معاناة المحاصرين في المناطق المحيطة بدمشق، خاصة الغوطة الشرقية، فرائحة الموت الممزوجة برائحة الدم وغاز الكلور السام التي تعم أجواءها، وحصار سكانها، وابادتهم باستخدام البراميل المتفجرة والأسلحة الكيميائية، وتساقط الأشلاء وتمازج الدموع بالدماء وغيرها من المناظر المؤلمة المأساوية البشعة التي تنقلها الكاميرات الاعلامية يوميا لم تحرك ساكنا، فالعالم يتفرج، ويرى وكأنه لا يرى، ويسمع وكأنه لا يسمع، لا حلول ولا ملجأ ولا نتائج، بالرغم من الاجتماعات المتكرّرة لمجلس الأمن، وبالرغم من توثيق المأساة من خلال المنصات الاعلامية، ونقلها المشاهد الدموّية يوميّا أمام مسمع ومرأى العالم، إلاّ انّها في مواجهة أمة غائبة عن الوعي تجاه مسئولياتها أمام ما يحدث من مآس انسانية، فلم تعد الغوطة في اهتمام أجندة المنظمات الحقوقية والسياسية، ولا في أجندة الأنظمة العربية القوية المُسَتأسِدة على بعضها، المتصارعة على بقائها، مما يتناقض مع التوجهات الدولية في مكافحة الارهاب وعناصره، أليس ما يحدث في الغوطة عملا ارهابيا، من صنع الإرهابي بشار الأسد وزبانيته وحلفائه، قرابة 400 ألف محاصر هناك منذ عام 2013، بجرائم روسيا والنظام السوري، إذن! أين نهج الاستراتيجية الموحّدة التي تم الاتفاق عليها واعتمدتها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة سبتمبر 2006 من التطبيق!! أليس ما يحدث في الغوطة استمرارية لخرق القانون الدولي الانساني بمنع المساعدات وعرقلة اجلاء المصابين، كما هو اختراق النظام السوري للهدنة الروسية التي صوت عليها مجلس الأمن، ولمدة ثلاثين يوما لدخول المساعدات وإجلاء المصابين!!
 …فمن الغوطة تنقل الكاميرات صورا لمجازر النظام السوري وروسيا وآلياتهما الحربية العسكرية المستخدمة في الإبادة والتصفية البشرية، فمع كل قصف للنظام السوري والروسي يضاف رقم جديد في لائحة الضحايا اليومية. خاصة بين الاطفال والرضع، مأساة بشرية مفتوحة أمامنا كأمة مسئولة منذ عام 2011 تتقاذفها براميل النظام السوري والروسّي والداعشّي وتنظيم القاعدة وحزب الله ومسميات ارهابية تنظيمية أخرى برزت باسم الاسلام وحشرت نفسها لإبادة المسلمين، ليصبحوا أضيع من الأيتام على مأدبة اللئام، فتضيع معهم الحمّية والنخوة الاسلامية والأخلاقية، وتتعرى الوجوه اللاهثة وراء المصالح، وترفع الأنظمة شعار "أنا والطوفان من بعدي " ومن الغوطة الى الأراضي الخليجية نستنشق روائح الحقد والغدر والحسد والخيانة صادرة من الشقيق الى شقيقه تنفث سمومها على أجوائها وبين ضفافها، لتدق أجراسها عن اعلان حرب قائمة للسيطرة والاستيلاء على مقدراتها وقلب نظامها ليبرز الواقع العربي بصوره المؤلمة والموجعة، نصفع أنفسنا ثم نتباكى.
….شعوب تعاني من ظلم وفساد أنظمتها وتدفعها في أتون الحروب الأهلية الحارقة كما هي بلاد الشام واليمن والعراق، ودول بأنظمتها تتأسد وتبرز عضلاتها وتُجّند جيوشها الاعلامية والشعبية وتدفع بأموالها من أجل الهيمنة والسيطرة وتغيير الأنظمة كما هي دول الحصار الأربع وموقفها الحاقد المخزي من دولة قطر وأميرها، فمنظر الطفلة السورية وهي تنتشل من تحت الأنقاض في الغوطة الشرقية وتنادي والدها بصوت متقطع، لا يختلف عن مشهد تلك الطفلة التي قدمت حياتها لتنقذ أختها الرضيعة من غاز الكلور، ليعلو، صوت السيدة الغوطية المكلومة تسأل عن مروءة العرب
المدفونة تحت رماد الذل والمصالح وتُحمّلهم المسئولية لكن كما قال الشاعر:" لقد أسمعت لو ناديت حيّا ولكن لا حياة لمن تنادي"،،وأسر خليجية من دول الحصار تتفّطر حزنا لرؤية ذويها في دولة قطر لتشاركهم أفراحهم وأحزانهم لكنهم منعوا وحرّموا بسوط القوانين الجاهلة والجائرة لأنظمتهم التى لا ترى أمامها إلا الخريطة الجغرافية القطرية لترسم الحدود للاستيلاء عليها وعلى مقدراتها المالية والاقتصادية، وقلب نظامها، ولا ترى إلا المصطلح الإرهابي الذي بصمته على قطر وسياستها وأميرها، ولكن كما قال الشاعر: أسد عليّ وفِي الحروب نعامة … فقوة الدول وجبروتها لا تقاس بمساحتها الجغرافية وقوتها الاقتصادية والعسكرية بقدر ما تقاس بعقول من يديرها ويسيّرها من أنظمتها، وأكدّ سعادة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري في ردّه على تصريحات ولي العهد السعودي ، حين شبه الازمة الخليجية بالأزمة بين كوبا والولايات المتحدة " بأن هناك دولاً كبيرة ولكن عقولهم صغيرة وضيقة الأفق منشغلة بالتآمر على قطر، وبث عدم الاستقرار في المنطقة ".
…. صراع النفوذ والقوى على حساب اهدار دماء الضحايا، واهدار المال بات واقعاً مغروساً في خاصرة الأمة العربية والاسلامية مع تطبيق المقولة السائدة ". لا أرى لا أسمع لا أتكلم " فمتى يدرك ساسة العرب ان ما يحدث في سوريا هو ميزان الصراع الامريكي الروسي وتقاسم النفوذ بينهما وبين ايران وتركيا وإسرائيل، وكما هو الصراع الامريكي الإيراني على الاراضي الخليجية، ومحاولة هيمنة دول الحصار على قطر وسيادتها، الغوطة اليوم هي حلب بالأمس التي تعرضت في نهاية عام2016 على يد الروس والميليشيات الإيرانية الى عاصفة من الصواريخ وتم سحقها بالطيران الحربي والقصف المدفعي، وتهجير من بقي منهم من المدنيين، فقد لخص وزير خارجية فرنسا الموقف في الغوطة بقوله: " القادم في سوريا أسوأ اذا لم نتحرك" وأزمة قطر اليوم وافتعالها والنية العسكرية من دول الحصار الجائرة والظالمة لغزو قطر وتغيير نظام الحكم فيها في عام 1996 وفِي 5 يونيو، 2017، هي الكويت بالامس عام 1990، حين دخلت القوات العراقية في عهد صدام فجأة وبضوء أخضر أمريكي غير معلن، الاراضي الكويتية، وخلّفت الكثير من الضحايا والّدمار، نفس الفكرة بنفس السيناريو وان اختلفت الأحداث ونتائجها، بفضل الله انتصرت الكويت الشقيقة على الظلم، وانتصرت قطر وأميرها على الخيانة والغدر، وستنتصر الغوطة بعون الله وبصبر سكانها وإيمانهم على مزبلة بشار الأسد. وحلفائه، فدولة الظلم ساعة ودولة الحق حتى قيام الساعة، يحتاج الأمر الى تحرك دولّيّ جادّ لوقف نزيف جرائم الحروب والظلم والغدر والخيانة التي ترتكب ضد الانسانية التي كرّمها الله وكفّلها بإعمار الأرض وليس هدمها وتلويثها، اللهم انقذنا من شرور الأنظمة المتأَسدة علينا، واجعل كيدهم في نحورهم. وانزل رحمتك على اخواننا في أرض الغوطة الشرقية.